البث المباشر

كيف يذوق المؤمن حلاوة الإيمان؟!

الإثنين 19 ديسمبر 2022 - 15:20 بتوقيت طهران
كيف يذوق المؤمن حلاوة الإيمان؟!

عن رسول الله (ص) قال: "ثلاث من كنَّ فيه ذاق طعم الإيمان؛ من كان لا شيء أحبّ إليه من الله ورسوله".

فهو يحبّ الله ورسوله كما لا يحبّ أحداً، وهذا ما ركّزه القرآن الكريم في مسألة محبّة الله سبحانه وتعالى، حيث قال: {ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ}(البقرة: 165)، وفي ما حكاه الله سبحانه وتعالى عن رسوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللهُ}(آل عمران: 31).

فاتّباع النبيّ هو مظهر محبته، ومحبته هي ولايته والسير على سُنّته، وهذا هو مظهر محبة الإنسان لله ، فهما - أي محبّة الله واتّباع الرسول – متداخلان.

"ومن كان لأن يحرق بالنَّار أحبّ إليه من أن يرتدّ عن دينه"، يعني لو خيِّر بين الارتداد عن الدِّين والخروج منه والكفر بالله، وبين أن يُحرق بالنَّار، لاختار الإحراق بالنار على ذلك، لأنَّ دينه أعزّ عليه من حياته ومن نفسه.

"ومن كان يحبّ لله ويبغض لله"1، أي أنّه عندما يحبّ، فإنَّه يحبّ لله، لأنّ الذين يحبّهم هم القريبون لله والسَّائرون في خطِّه، كما أنه عندما يبغض، لا يبغض لشيء ذاتي، وإنما يبغض الذين يتحركون في خطِّ الكفر بالله.

وعنه (ص): "ثلاثٌ من كنَّ فيه وجد بهنَّ حلاوة الإيمان؛ أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما"، وقد تعرّضنا لهذا المعنى في الحديث السَّابق.

"وأن يحبّ المرءَ لا يحبُّه إلا لله"، بحيث تكون محبته منطلقةً من خلال علاقة الإنسان بالله.

"وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النَّار"2، بمعنى أنه لو خطر في ذهنه أن يعود إلى الكفر من خلال بعض الشبهات والإشكالات، أو من خلال بعض الوساوس والتسويلات، فإنّه يكره العودة إلى الكُفر، لأنّه يعرف في ميزان العقل والعمل ما يعنيه الكُفر من السقوط، بحيث تكون كراهته للارتداد كما يكره أن يلقى أو يحرق في النار.

وعنه (ص): "ثلاث من فعلهنَّ فقد طَعِم طعم الإيمان: من عبد الله وحده، وأنّه لا إله إلا الله"، وتلك هي دعوة الأنبياء.

"وأعطى زكاة ماله طيبةً بها نفسه..."، بحيث إنَّه عندما يعطي الزّكاة التي كلَّفه بها الله، فإنَّه يعطيها قربةً إلى الله تعالى، ومحبَّة له تعالى، ورضى بما عنده، على أساس أنَّ الله هو الَّذي رزقه.

"وزكَّى نفسه"3، أي طهَّر نفسه ونمّاها وجعلها زاكية طاهرة، تتَّصل بالله تعالى وترتبط به.

وعنه (ص): "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمَّد رسولاً"4 ، وهو الذي التزم التزاماً عميقاً بالإسلام، أنَّ ربَّه هو الله، وأنَّ محمَّداً رسول الله، وأنَّ الإسلام هو دينه الذي يلتزم به، والَّذي يعيشه في كلِّ حياته.

 

* من كتاب "النَّدوة"، ج 16.

السيد محمد حسين فضل الله

 

---------------------------------

[1]كنز العمَّال، المتَّقي الهندي، ج1، ص 38.

[2]كنز العمَّال، ج 15، ص 808.

[3]كنز العمَّال، ج15، ص 27.

[4]ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج1، ص 201.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة