البث المباشر

العالم والحاجة إلى ظهور المنجي لتحقيق العدالة

الإثنين 6 أكتوبر 2025 - 14:44 بتوقيت طهران
العالم والحاجة إلى ظهور المنجي لتحقيق العدالة

إن إنسانية اليوم، التي سئمت من جمود الأيديولوجيات وانعدام العدالة والظلم، تنتظر ظهور المنجي وتحقيق العدالة الإلهية أكثر من أي وقت مضى.

قلما توجد فترة في التاريخ شعرت فيها المجتمعات البشرية بمثل هذه الحاجة إلى ظهور المنجي كما هي اليوم؛ وهي حاجة تتشكل أحيانًا بوعي على مستوى النخبة وأحيانًا أخرى في اللاوعي الجماهيري.

إن الإنسانية اليوم، بعد أن عايشت أيديولوجياتٍ ومدارسَ فكريةً مختلفة - من الشيوعية وصولا إلى الديمقراطية الليبرالية الغربية - لم تحقق بعدُ السلام والسعادة.

لقد غيرت التطورات العلمية المذهلة حياة الإنسانية، لكنها لم تتمكن من إخماد عطش العدالة والسعادة. عالم اليوم مليء بالانقسامات الطبقية، الفقر، المرض، الفسق، الظلم، انعدام العدالة وإساءة استخدام المعرفة من قبل قوى الهيمنة.

وبدلاً من أن يكون العلم في خدمة الإنسانية، فأصبح في كثير من الحالات أداة للهيمنة وإشعال الحروب ونهب الدول. ونتيجة هذا الاتجاه هو التعب والقلق العالمي والشعور المتزايد بالحاجة إلى يد منقذة. حاجة موعودة في جميع الأديان، وتجد معناها في الثقافة الإسلامية في شخصية الإمام المهدي الموعود المنتظر (عح).

 

العدالة، رسالة المنجي الموعود

ليست الرسالة الرئيسية للمهدي الموعود (عج) في التعاليم الإسلامية سوى نشر العدالة وهو نفس الوعد الإلهي حيث يقول: "«يملأ اللّه به الأرض قسطاً وعدلاً»".

إن العدالة في السلطة، الثروة، الصحة، المكانة الإنسانية، الكرامة الاجتماعية، الروحانية والنمو كلها ستحقق في ظل ظهور هذا الإمام المنتظر (عج). كما أن العدالة العالمية لا تتحقق أيضا بالتكنولوجيا والعلم المتقدمين، بل هي يتم تحقيقها بقدرة الله وهداية الإمام المعصوم (ع).

 

الانتظار يتجاوز الشعور بالحاجة

ومع ذلك، فإن مجرد الشعور بالحاجة للمنجي لا يكفي. ففي التعاليم الإسلامية، يُطلب منا "الانتظار"؛ وهو مفهوم يتجاوز الحاجة، بمعنى الأمل والإيمان بمستقبل مُحدَّد.

الانتظار ليس حالة سلبية من القلق؛ بل هو أمل بنّاء وحركة نابضة بالحياة، ورد ذكره في الروايات كأفضل الأعمال. كما قال النبي الأكرم (ص):

«أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج».

فالانتظار في الواقع يُنجي الإنسان من اليأس والإحباط، ويمنحه السكينة. فالأمة المنتظرة لا تيأس أبدًا أمام مصاعب الحياة، وتتطلع دائمًا إلى الفتح الإلهي.


 

الانتظار؛ الاستعداد والعمل

الانتظار ليس قلة صبر وتحديدا للوقت. أما التسرع وتوقيت للظهور فهو مخالفٌ للتعاليم الدينية. فالانتظار الحقيقي هو إعداد النفس والمجتمع؛ وهذا يعني السعي إلى تقريب ظروف الحياة إلى المجتمع المهدوي القائم على القسط، الروحانية، المعرفة، الشرف، العزة، الأخوة والكرامة الإنسانية.

يجب على المجتمع المنتظر، أن يبني نموذجًا مصغرا للمجتمع المهدوي قدر استطاعته. ولا يقتصر الانتظار على الظهور النهائي فحسب. ففي الثقافة الدينية، يحتل "الفرج بعد الشدة" مكانةً مهمةً أيضًا؛ أي الأمل في الفتح بعد المصاعب اليومية والأزمات الاجتماعية. وحتى في أصعب الظروف التي تدفع الناس إلى اليأس والانتحار أحيانا، فإن النظرة المتفائلة إلى المستقبل تمنع الانهيار النفسي والاجتماعي.

 

نهج الهدوء في زمن الانتظار

إلى جانب الأمل الاجتماعي، يجلب انتظار الفرج الهدوء الشخصي. فالدعاء، الاستغاثة والمناجاة مع سبحانه تعالى والتوسل إلى أهل البيت (عليهم السلام) بإمكانها أن تجعل هذا الهدوء أكثر تعميقا. كما وعد القرآن الكريم: "«ألا بذكر الله تطمئن القلوب».

فذكر الله يحرر نفس الإنسان من الاضطرابات ويعزز الأمل بالمستقبل.

تحتاج الإنسانية اليوم إلى النجاة أكثر من أي وقت مضى. لقد فشلت الأيديولوجيات وفشل العلم في تحقيق العدالة والهدوء.

ينتظر الإنسان المعاصر يد الله القوية، التي ستتجلى في ظهور ولي العصر (عج). لكن الانتظار ليس مجرد جلوس؛ بل هو حركة لبناء مجتمع أكثر عدالة، روحانية وإنسانية على طريق تحقيق الوعد الإلهي.

فالانتظار هو الأمل الذي يقود الإنسانية من قلب الظلام إلى النور؛ أمل هو بداية الفرج.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة