البث المباشر

شرح فقرة: يا من له ذكر لا ينسي

الإثنين 2 سبتمبر 2019 - 10:24 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من له ذكر لا ينسي " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن أحد مقاطعة الجديدة، حيث بدأ بهذا النحو: (يا من له ذكر لا ينسي، يا من له نور لا يطفأ، يا من له نعم لا تعد ...).
هذا المقطع الجديد من الدعاء يتناول مجموعة جديدة من مظاهر عظمته تعالي، يبدأ بعبارة (يا من له ذكر لا ينسي). تري ماذا نستلهم من هذه العبارة المشحونة بدلالات متنوعة؟ 
الذكر هو مقابل النسيان، ولكن المقصود هنا من مصطلح (الذكر) هل هو دلالته اللغوية ام يتجاوزه الي ما هو عبادي ومعرفي وهنا لا مناص لنا من تذكيرك بان الهدف من إبداعه تعالي للانس والجن هو: العمل العبادي: تبعاً لقوله تعالي «مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ».
والعبادة هنا تعني: كل ما أمر الله تعالي به من الاحكام والعقائد والاخلاق بل كل ما يسلكه الانسان من ممارسة فكرية او نفسية او لفظية أوعملية، انه يشمل السلوك باكمله وهذا هو معني (العمل العبادي)، ولكن السؤال هو: ماذا تعني كلمة الذكر في عبارة: (يا من له ذكر لا ينسي). 
هل (الذكر) هو الممارسة اللفظية كما لو قرأت الدعاء مثلاً؟ او هو مطلق الممارسة اللفظية والذهنية والعملية؟ 
الظاهر ان (الذكر) هنا يشمل الدلالة الاخيرة بمعني ان الانسان (يذكر) الله من خلال الصلاة أو الجهاد أوالحج أو الانفاق أو القراءة أو الكتابة او المشي أو الاكل أو النوم. هذا هو ماتوحيه كلمة (الذكر) ولكن السؤال الجديد هو: ما المقصود بعدم النسيان من عبارة (ذكر لا ينسي)؟ 
ان الانسان يستحضر عظمة الله تعالي مثلاً عندما يمارس الصلاة ويستحضر ثواب الله عند الانفاق، ويستحضر رحمة الله تعالي عند دعائه بالشفاء من مرض او السعة في الرزق ولكن هل هذا هو المقصود من عبارة (ذكر لا ينسي)؟ 
ان الانسان ينسي دون ادني شك، وهذا هو غالبية الناس، فكيف نوفق بين عبارة (لا ينسي) وبين نسيان الانسان الا عندما يمارس صلاته أو انفاقه؟ 
في تصورنا ان للكلمة المذكورة أكثر من دلالة منها: ان العارفين - بعد المعصومين عليهم السلام والانبياء - لا ينسون الله لحظة، وكذلك الملائكة حيث ورد انهم لا يفترون عن الذكر اي لا يتوقفون لحظة ولكن هؤلاء المصطفين من المعصومين والانبياء والصالحين والملائكة: يشكلون قسما من المخلوقات وهم وحدهم يستحضرون ذكر الله تعالي، وهذا يعني: ان قسما من المخلوقات ينطبق عليهم مفهوم (يا من له ذكر لا ينسي) اي: لا ينساه هؤلاء بل يذكرونه في لحظات عمرهم دون توقف ولكن السؤال من جديد: هل هناك دلالة اخري في عبارة (يا من له ذكر لا ينسي)؟ 
في تصورنا ان دلالة اخري يمكننا ان نستخلصها من عبارة (يا من له ذكر لا ينسي) هي: ان الله حاضر، له فاعليته في الوجود لا يمكن للحظة ان يخلو الوجود من الفاعلية المذكورة، وهي (الذكر) الذي لا ينسي اي: لا يمكن تجاهله لانه حقيقة لامناص من التسليم بها: بغض النظر عن الانسان العادي يستحضرها أولاً يستحضرها انها الفاعلية الالهية التي لا وجود اللوجود لولاها: كما هو واضح. 
اذن امكننا ان نستخلص بان عبارة (يا من له ذكر لا ينسي) بانها تنسحب علي المعصومين (عليهم السلام) والانبياء (عليهم السلام) والملائكة والصالحين، حيث يذكرون الله تعالي في الحالات جميعاً واما الدلالة الاخري فتنسحب علي العبارة بالقوة ومن ثم فان المطلوب هو: الا نغفل عن الله تعالي لحظة، سائلين الله تعالي ان يوفقنا الي ممارسة الطاعة والتصاعد بها الي النحو المطلوب، انه سميع مجيب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة