البث المباشر

شرح فقرة: يا من فضله عميم، يا من عرشه عظيم

الأربعاء 4 سبتمبر 2019 - 15:41 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من فضله عميم، يا من عرشه عظيم " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ينتهي بهاتين العبارتين: "يا من فضله عميم، يا من عرشه عظيم" ... وهذا مانبدأ بالقاء الاضاءة عليه حيث نبدأ اولاً بعبارة "يا من فضله عميم" فماذا نستخلص من ذلك. 

*******



من البين ان الله تعالى هو خير محض، وهذا يعني ان فضله لا حدود له من جانب، وانه يشمل العام والخاص. وقد ورد بالنسبة الى البسملة وهي "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" ان الرحمان هو شامل للرحمة العامة، وان الرحيم خاص بما هو خاص... من هنا، فان عبارة "يا من فضله عميم" تظل من العبارات المفصحة عن شمولية فضله حتى لأهل الدنيا... هذا من جانب... من جانب آخر يظل الفضل من حيث شموليته نسبيا على الخاصة ايضا، لان الخاصة ينشطرون الى تقي او ملتزم مقابل اصحاب المعاصي، حيث انه تعالى سمح للمذنبين مثلاً بان يتوبوا حتى لو تكررت المعصية وتابوا حتى الى آخر العمر اي: قبل ان تفارق الشخصية حياتها، وهذا هو منتهى الفضل: كما هو واضح، ولعل العبارة القرآنية الكريمة "وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا" تظل تعبيراً واضحا عن عمومية فضله تعالى... 

*******



بعد ذلك نواجه عبارة "يا من عرشه عظيم" ... فماذا نستلهم منها؟ لقد سبق ان حدثناك عن العرش في لقاءات سابقة حيث تتفاوت النصوص المفسرة حيال ذلك، ولكنا نحصر حديثنا في الدلالة الرمزية للمصطلح المذكور، حيث ورد قوله تعالى "الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" فيما يمكن استخلاص الرمز متمثلاً في مفهوم "الهيمنة" او (السيطرة) على الوجود، والسوأل هو: الصفة الواردة عن (العرش) في مقطع الدعاء حيث قال "يا من عرشه عظيم" ، حيث يمكننا ان نعقب على هذه الصفة – وهي من الوضوح بمكان – بان العظمة تظل هي السمة لمظاهره تعالى جميعاً، سواء اكان ذلك في ميدان العلم او الارادة أو القدرة او سواها، بيد ان التأكيد على العرش يتداعى بالذهن الى عظمة هيمنته على الوجود وهي ابرز دلالات الوحدانية من جانب، ثم منعكساتها على قارئ الدعاء من جانب آخر، بصفة أن(الهيمنة) تعني: بان ناحية الكون بيده تعالى ومن ثم فان العبد – وهو يواجه هذه الهيمنة – لابد وان تتضخم ثقته بالله تعالى من حيث التوكل عليه والتوسل حياله بتحقيق ما يتطلع العبد اليه من خير الدنيا والاخرة... 

*******



بعد ذلك نواجه مقطعاً جديداً من دعاء (الجوشن الكبير) وهو ما قبل الاخير حيث يبدأ على هذا النحو الآتي: "يا من لايشغله سمع عن سمع، يا من لايمنعه فعل عن فعل، يا من لايلهه قول عن قول... الخ". قبل ان نحدثك عن هذا المقطع نعتزم لفت نظرك الى نكتة دلالية في المقطع، حيث ان مقاطع الدعاء، كما لاحظنا في لقاءات سابقة تحصل بشتى النكات الفنية والدلالية والاسلوبية مما تجعل قارئ الدعاء منبهرا بذلك: دون ادنى شك. 
المهم: ان مقطع الدعاء يستهدف الاشارة الى انه تعالى عندما نتجه اليه بالدعاء مثلاً او يواجه تعالى بأفعال او اقوال الخ، حينئذ لا تحجزه هذه الاقوال مثلاً عن الاستماع اليها في آن واحد: وهذا هو احد مظاهر عظمته تعالى بيد ان الملاحظ ان عبارات المقطع تستخدم المصطلح متفاوتاً من واحد الى آخر، انه يستخدم عبارة "لا يشغله" مرة، وعبارة "لا يمنعه" مرة، وعبارة "لا يلهيه" مرة، وبعبارة "لا يغلطه" ... الخ، فما هي النكات الكامنة وراء هذا الاسلوب؟ اللقاء اللاحق ان شاء الله، يتكفل بالاجابة عن السؤال المتقدم... 
ختاما: نسأله تعالى ان يلهمنا المزيد من الوعي بمظاهر عظمته تعالى، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة