نواصل حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها: أدعية الزهراء (ع) حيث حدثناك عن أحدها، وانتهينا منه الى مقطع جديد على هذا النحو: ( اللهم: اني استهديك لأرشاد أمري، واعوذ بك من شر نفسي، اللهم: عملت سوءاً وظلمت نفسي، فاغفر لي انه لايغفر الذنوب الاانت، اللهم اني أسألك تعجيل عافيتك، وصبراً على بليتك، وخروجاً من الدنيا الى رحمتك ) ... هذا المقطع من الدعاء يمكننا ان نشطره الى قسمين، احدهما: يرتبط بسلوك قارئ الدعاء حيث يتوسل بالله تعالى بأن يصلح أمره، والأخر يرتبط بالصبر على شدائد الحياة، والتعجيل الى الدار الأخرة ... ومن الطبيعي، ان كلاً من الموضوعين يرتبط احدهما بالاخر، ... الا ان ثمة ملاحظات يتعين على دارس الدعاء ان ينتبه عليها، وهذا ما نبدأ بتوضيحه الآن ...
يبدأ مقطع الدعاء بعبارة ( اللهم: اني استهديك لارشاد أمري ) هذه العبارة هي استهلال للموضوع وختام له ايضاً، حيث ان طلب الهداية من الله تعالى لابد وان يتناول مقاطع حياة الشخصية دنيا وآخرة، وبالفعل بعد ان استهل المقطع بالتوسل بالله تعالى بان يرشد قارئ الدعاء، نجده يختم ذلك بعبارة ( خروجاً من الدنيا الى رحمتك ) ... ترى: ماذا نستلهم من هذه البداية والنهاية ؟ مقطع الدعاء نفسه يدلنا على ما يأتي:
الحياة محفوفة بالشدائد ( صبراً على بليتك ) ... قارئ الدعاء يقر بذنوبه ( طبيعياً: المقصود من النص هو قارئ الدعاء وليس صاحبه، حيث ان صاحب الدعاء وهي الزهراء (ع) معصومة من الذنب كما هو واضح ... ۳: قارئ الدعاء يطلب العافية ٤: قارئ الدعاء يطلب الصبر على شدائد الحياة . : قارئ الدعاء يطلب الخروج من الدنيا الى رحمة الله تعالى ... هنا نجد ان الانتقال الى الحياة الأخرة، قد استخدم الدعاء فيها عبارة ( الرحمة ) فقال ( من الدنيا الى رحمتك ) وهذا التعبير له نكاته المهمة بطبيعة الحال ... كيف ذلك ؟
واضح ان توصيف الأخرة ب " الرحمة " يعني اولاً ان الله تعالى باماتة الشخصية انما ينقلها من الشدة الى الرخاء، ينقلها من الذنوب الى حياة لاذنوب فيها، ينقلها من البلية الى حياة لابلية فيها، .. وهذا هو منتهى الرحمة، حيث يظل الموت او الاماتة غير مقترنة بالخوف بقدر ما تقترن بالامل: كما هو واضح ... وهذا يكشف عن حجم رحمته تعالى حيث لاحدود لها ... هنا ينبغي ايضاً لفت النظر الى معادلة دنيوية واخروية، وهي ان فقرة الدعاء تقول ( اسألك تعجيل عافيتك ) واخيراً تقول ( خروجاً من الدنيا الى رحمتك ) وهذا موضوع يتطلب شيئاً من التوضيح، اي: كيف نجمع بين طلب العافية دنيوياً والخروج من الدنيا الى رحمته تعالى ؟
في تصورنا، ان العافية هنا يقصد بها عافية الدين، اي: عدم ممارسة الذنب ... هذا من جانب ... من جانب آخر يعزز مفهوم العافية الدينية هو: ان فقرة الدعاء تقول بعد طلب العافية – ( وصبراً على بليتك ) وهذا يعني ان العافية هي: عافية الدين، بدليل توسل الدعاء بأن يمنح الله تعالى قارئ الدعاء صبراً على الشدائد الدنيوية اذن: العافية هنا تعني: عافية الدين، ولكن هذا لايمنع من الذهاب الى امكانية ان تمنح الشخصية عافية دينها ودنياها " كما ورد بذلك نص شرعي" ...
بعد ذلك ننتقل الى مقطع جديد، يبدأ على هذا النحو: ( اللهم: اني اشهدك، واشهد ملائكتك وحملة عرشك، واشهد من في السماوات ومن في الارض انك انت الله لاله الاانت، وحدك لاشريك لك الخ ) ان هذا المقطع الجديد لابد وان يرتبط بسابقة وهو امر نحدثك عنه لاحقاً انشاء الله ... ختاماً: نسأله تعالى ان يمنحنا العافية اخروياً ودنيوياً، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب .
*******