البث المباشر

شرح فقرة: "اسألك نعيما لاينفد، ...".

الثلاثاء 6 أغسطس 2019 - 09:54 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " اسألك نعيما لاينفد " من أدعية الزهراء (سلام الله عليها).

 

نواصل حديثنا عن أدعية الزهراء (عليها السلام) ومنها الدعاء الذي ورد فيه: (وأسألك نعيماً لاينفد، وقرة عين لاتنقطع، وأسألك الرضا بالقضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، ... الخ)، والآن نبدأ بالقاء الانارة على مقطع الدعاء الخاص بتسبيح الله تعالى، حيث استهل بعبارتي: (أسألك نعيماً لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع) ، هاتان العبارتان تبدوان وكأنهما تتناولان الحياة الآخرة، بصفة ان النعيم الذي لا ينفد هو نعيم الآخرة، وبصفة ان قرة العين غير المنقطعة هي: بيئة الاخرة ايضاً. ولكن بما ان العبارة الثالثة تقول: (وأسألك الرضا بالقضاء) ، حينئذ نتساءل: هل ان المقطع ابتدأ بالحديث عن الاخرة وانتقل بعدها الى الدنيا؟ واذا كان الأمر كذلك فبم نفسر مجيء العبارة الرابعة (وأسألك برد العيش بعد الموت) ؟ اذن نحن الآن امام عبارات يتحدث بعضها عن الاخرة، وبعضها عن الدنيا، فما هو التفسير الفني لهذا التشابك بين بيئتي الدنيا والاخرة؟
في تصورنا ان العبارات المتقدمة جميعاً تصب في موضوع الاخرة، كل ما في الامر ان التركيبة البشرية يتداعى الذهن من خلالها بين الاخرة وبين الدنيا أيضاً لوجود الرابط بينهما من حيث طبيعة الظواهر المطروحة في المقطع، وهو امر نبدأ بالتوفر عليه الآن فنقول: العبارة الاولى تتحدث عن النعيم الذي لاينفد وهو امر لايحتاج الى التعقيب ما دمنا ندرك تماماً بان النعيم الأخروي يتسم بالخلود. والامر لعله كذلك بالنسبة الى العبارة الثانية التي تتحدث عن قرة العين غير المنقطعة، حيث ان الآخرة هي المحققة لما تقر به العين، والمحققة لما هو غير منقطع معها. ولكن العبارة الثالثة هي محط التساؤل حيث تقول مرتدة الى الحياة الدنيا، (وأسألك الرضا بالقضاء) ، فما هو السرالكامن وراء العودة الى الدنيا؟
ان الرضا بالقضاء يجسد صورة لما تفرزه الاخرة من النعيم، اي: ان الرضا بما قسمه تعالى يفضي بالضرورة الى مقام مجرد هو الظفر بالنعيم غير المنقطع وكذلك قرة العين، ومن ثم المرحلة البرزخية التي تلقي باصدائها على ما تفرزه الآخرة بعدها من المعطيات المشار اليها متمثلة في عبارة: (وأسألك برد العيش بعد الموت) . ان بعد الموت وبرده يتداعى بأذهاننا الى البرزخ كما قلنا والسبب هو: ان التداعي الذهني انتقل من الاخرة الى الدنيا، ومن الدنيا الى البرزخ، ومن البرزخ الى الاخرة من جديد، وهذا ما تعبر عنه العبارة الجديدة في مقطع جديد يبدأ بقولها (عليها السلام): (وأسألك النظر الى وجهك) . اذن لاحظنا كيف ان المقطع بدأ بالحديث الاخروي وارتد الى الدنيا ثم البرزخ، ثم الآخرة من جديد بالنحو الذي لحظناه.
هنا قبل ان ننتهي من الحديث عن العبارة الجديدة: (وأسألك النظر الى وجهك) ، يجدر بنا ان نحدثك عن جماليتها فنقول: العبارة هي (تناص) او تضمين فني للعبارة القرآنية الكريمة: «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ»، فالنظر هنا هو رمز وليس حقيقياً بصفة انه تعالى منزه عن الحدوث، لذلك فان اللجوء الى الرمز يسمح لعقولنا بأن تقطع رحلة طواف الى استخلاص دلالات متنوعة مثل: النظر الى نعيمه تعالى، والنظر الى ألطافه تعالى والنظر الى اثاباته، والنظر الى العفو والى التجاوز او الى رعايته غير المنقطعة ومن ثم، الى مجاورته روحياً الى ما لا نهاية لتصوره من عطاء الله تعالى. 
ختاماً، نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة