البث المباشر

شرح فقرة: صل على محمد كما نصرتنا به.

الثلاثاء 6 أغسطس 2019 - 10:14 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " صل على محمد كما نصرتنا به " من أدعية الزهراء (سلام الله عليها).

 

نتابع حديثنا عن أدعية الزهراء (عليها السلام)، ومنها الدعاء الذي ورد فيه: (صل على محمد كما نصرتنا به وصل على محمد كما انقذتنا به من شفا حفرة من النار) . ان هذا المقطع من دعاء الزهراء (عليها السلام) امتداد لفقرات متجانسة في دلالاتها المتوسلة بالله تعالى بان يصلي على محمد: كما رحمنا وكما عززنا به وكما فضلنا به وكما شرفنا به. وها هو المقطع يختتم ذلك بعبارة (كما انقذتنا به) وبعبارة (كما نصرتنا به) ، والسؤال الآن ما هو: المعلم الدلالي المميز لهذه الخاتمة عن سابقه اي: الرحمة، العزةوالشرف، ... الخ، الذي تميز به محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وامته؟ ان ما سلف هو: دلالات تتحدث عن الموقع الاجتماعي لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في الدنيا حيث ان الشرف والتفضيل ونحوهما يرتبطان بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومجتمعه الذي ختم به الله تعالى رسالاته.
ويلاحظ ان المقطع ختم ذلك بعبارة (كما نصرتنا به) بمعنى ان الله تعالى نصر مجتمع محمد، وهو امر من الوضوح بمكان فالاسلام منذ نشأته وحتى الآن يظل فارضا هويته ومجتمعه وتعليماته و... الخ، فضلاً عما نلاحظه في سنواتنا المعاصرة من الاقبال على الرسالة الاسلامية من مختلف القارات، مضافاً الى النصرة التي ننتظرها مع ظهور الامام المهدي (عليه السلام) حيث يملأ الارض عدلاً بعد ما ملئت ظلماً، وبذلك تكون (النصرة) شاملة للعالم بأسره.
تبقى العبارة الاخيرة من المقطع، متمثلة في عبارة: (كما انقذتنا به من شفا حفرة من النار) ، وفي تصورنا ان هذه العبارة تحتل اهمية دلالية كبيرة من حيث الاختتام بها كيف ذلك؟ 
اولاً: يتعين علينا ان نشير من البداية الى ان هذه العبارة (تناصّ) اي: اقتباس من القرآن الكريم ومن النصوص الشرعية، ومنها خطاب الزهراء (عليها السلام) بعد وفاة ابيها (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث اشارت الى انقاذ الامة من الانحرافات التي طبعتها. بيد ان المهم هو ان هذه العبارة تحمل وظيفة تعبيرية مزدوجة، احداها ان المقصود من ذلك هو الانحرافات الدنيوية حيث ان محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) قد انقذ امته منها، من خلال بشارته برسالة الاسلام واما الوظيفة التعبيرية الاخرى فتتمثل في انسحاب الدلالة على الحياة الاخروية بمعنى: ان المجتمع الاسلامي قد انتشل من الوقوع في النار، نار جهنم (اعاذنا الله تعالى منها). والمهم: في الحالين: دنيوياً واخروياً يظل الاسلام هو المنجي ولله الحمد.
بعد ذلك يتجه الدعاء الى مقطع اخر، ورد فيه: (اللهم بيض وجهه) ، ان هذه العبارة نحرص على توضيح دلالتها من حيث كونها امتدادا لما طرح في المقطع الاسبق من الاشارة الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من حيث انقاذنا بواسطة رسالته من شفا حفرة من النار. ولعل النكتة الدلالية التي نعتزم لفت نظرك اليها هي: رمزية العبارة (بيض وجهه) وما تسحبه من التصورات حيال ذلك؟ 
هنا نتساءل جديداً: ما هي التداعيات الذهنية التي تجر العبارة المتقدمة اليها؟ 
الجواب: واضح ان (تبييض الوجه) هو رمز للفوز او النصر أو الخاتمة التي ينتهي اليها مصير الشخصية، ان مقطع الدعاء يتوسل بالله تعالى بان يجعل محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) في اليوم الاخر عند عرصات القيامة، وعند الحساب، يتقدم على سائر المجتمعات بموقعه من الله تعالى، وبما اعده لمجتمعه من المصائر الخالدة وهو امر طالما تشير النصوص الشرعية اليه عند حديثها عن اليوم الاخر والفرقة الناجية من الفرق وافضليتها وقيمتها ومقامها عند الله تعالى.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى الالتزام برسالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واله الطاهرين وان يوفقنا لممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة