البث المباشر

شرح فقرة: "أسألك كلمة ألأخلاص، ...".

الثلاثاء 6 أغسطس 2019 - 09:32 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " أسألك كلمة ألأخلاص " من أدعية الزهراء (سلام الله عليها).

 

لانزال نحدثك عن أدعية الزهراء (عليها السلام) ومنها الدعاء الذي ورد فيه: (اللهم اني اسألك كلمة الاخلاص، وخشيتك في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر) ، ان هذه العبارات الثلاث تلخص لنا كيفية التعامل مع الله تعالى، ومع الناس، ومع الذات في أحد تعاملها، وهو: التعامل الاقتصادي المتمثل في حالتي الغني والفقر. والآن قبل ان نحدثك عن هذه المحاور نذكرك بحقائق سبق ان كررناها الا وهي ان الأدعية ليست مجرد مناجاة بين الله تعالى وبين الفرد بل هي مناجاة بالاضافة الى ذلك، بين الله وبين الفرد في مختلف صعد الحياة سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، ... الخ. لذلك نجد ان العبارة الاولى تتناول التعامل مع الله تعالى في حقل الممارسات العبادية ومن حيث (الاخلاص) لله تعالى وحده، دون اشراك غيره في التعامل. واما العبارة الثانية فتتناول الحياة الاجتماعية من حيث استجابة قارئ الدعاء حيال الأخرين، بالنسبة الى حالتي الرضا والغضب. اما العبارة الثالثة فتتناول البعد الاقتصادي متمثلاً في مفهوم (الاقتصاد) او (القصد) في التعامل مع حالة الغني أو الفقر. اذن هذه العبارات تتناول الحياة الفردية والاجتماعية، وتتناول التعامل مع الله تعالى، ومع الاخرين، ومع الذات. 
والآن نتجه الى العبارة الاولى وهي جوهر الشريعة الاسلامية بالنسبة الى التعامل العبادي او الى الممارسة التي أوكلها تعالى الى عباده في قوله تعالى:«وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ». ان العمل العبادي سواء أكان شعائر، كالصلاة والصوم مثلاً او كان عملاً اجتماعياً، كالتعامل مع الاخرين في نطاق الاقتصاد والاخلاق، ... الخ، اوكان عملاً فردياً في نطاق التعامل مع الاكل والنوم، ... الخ، اولئك جميعاً يتعين على العبد ان يمارسها من خلال التعامل مع الله تعالى فحسب دون ان يشرك احداً في ذلك وهذا ما عبر الدعاء عنه بعبارة (كلمة الاخلاص) . اذن لنتحدث الان عن مصطلح (كلمة الاخلاص) . 
قال الله تعالى: «قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ»، (سورة الزمر، آية ۱۱)، ان هذه الآية المباركة وسواها، تشير بوضوح الى ان المطلوب في عملنا العبادي الذي خلقنا الله تعالى من اجله ان نكون «مُخْلِصِينَ» فيه، بمعنى ان نمحض ذلك لله تعالى، وقد ورد في الحديث بما معناه: (ان العبد اذا عمل عملاً لله تعالى ثم اشرك فيه رضا غيره عدٌ مشركاً) . وهذا انك اذا انفقت او ساعدت أحداً من اجل اشباع حاجته ولكن في نفس الوقت اردت ان تشرك غير الله تعالى في هذا العمل، كما لو اعطيت المال لأحدهم امام الناس، مستهدفاً بذلك ان يمدحك الناس، حينئذ تعد مشركاً بسبب انك بالاضافة الى انك لوجه الله تعالى قد ساعدت الآخر الا انك في الوقت ذاته، اردت ان تحصل على سمعة اجتماعية حينئذ حبط عملك. وهذا ما تعنيه كلمة (الاخلاص) لله تعالى. 
يبقى ان نلفت نظرك الى بلاغة هذه العبارة وهي ان الزهراء (عليها السلام) لم تقل: (اللهم اني اسألك الاخلاص) ، بل قالت (كلمة الاخلاص) وعبارة (كلمة) هي رمزية مثل قوله تعالى: «مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ». انها تعني: (العمل من اجل الله) ، وبذلك تكون العبارة ذات بعد رمزي، يخلع على النص طابعاً جمالياً بالنحو الذي اوضحناه. 
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى الاخلاص في عملنا، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة مطلقاً، وان نتصاعد الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة