موضوع البرنامج:
شرح فقرة: "يا غافر الخطايا، يا كاشف البلايا، يا منتهى الرجايا..."
نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها: الدعاء الموسوم بـ(الجوشن الكبير)، حيث يتضمن مائة مقطع وكلّ مقطع عشرة اسماء أو عشر صفات من أسماء الله تعالى وصفاته ونحن الآن مع المقطع السابع من الدعاء والبادئ بما يأتي: (يا غافر الخطايا، يا كاشف البلايا، يا منتهى الرجايا، يا مجزل العطايا، يا واهب الهدايا).
ونبدأ مع العبارة الاولى وهي: (يا غافر الخطايا) والآن الى القاء الإنارة على العبارة المذكورة.
العبارة هي: (يا غافر الخطايا)، والعبارة من الوضوح بمكان كبير، ولكن بما أننا نبحث عن النكات أو الأسرار المواكبة لأمثلة هذه العبارات، عندئذ لا مناص من التوفّر على ذلك.
في البداية: نشير الى انّ هذه العبارة وسائر عبارات هذا المقطع هي تجسيد لما ورد في مقطع أسبق هو (يا من لا يعتدي على أهل مملكته)، اي: بمعنى أنّ الله تعالى (وهو الملك: كما وصف نفسه في النص القرآني الكريم) يتعامل مع عباده بما هو سلام وليس بما هو ضدّ له وها هو المقطع الجديد يدّلل على رحمته تعالى لعباده ويستهلّها بالاشارة الى أنه تعالى (غافر الخطايا) والخطايا هي الممارسات التي نهانا الله تعالى عنها ولكننا غلبنا على أمرنا فأخطأنا، ولذلك فإنّ الرحمة تتمثل هنا في أنه تعالى (مع كوننا لم نطعه في أوامره ونواهيه) نجده تعالى يرحمنا ويغفر لنا ما صدر منّا من الخطايا... اذن: النكتة هنا هي أنه تعالى رؤوف على اهل مملكته، مع أنهم يعصونه، فهل ثمة رحمة أكثر من ذلك؟
العبارة الثانية هي: (يا كاشف البلايا)، وهذه العبارة بأعتبارها امتداداً للسابق والجديد فيها هو: أنّ رحمة الله تعالى الواسعة التي يتعامل من خلالها مع مخلوقاته: بلغت درجة أنه يغفر خطايانا، وايضاً يضيف الى هذه الرحمة رحمة اخرى هي: أنه يكشف البلاء عنّا اي: عندما نكابد شديدة من شدائد الحياة فانه تعالى يكشف عنّا الشدائد وهو بدور منتهى الرحمة من الله تعالى.
ونتّجه الى العبارة الثالثة وهي: أنه تعالى منتهى رجائنا اي: إذا قدّر لنا ان نتمنّى او نرجو شيئاً بأن يتحقق: فإنّ الله تعالى هو منتهى ما نتوقعه من تحقيق رجائنا.
وعليك الآن ان تتأمل طويلاً في أمثلة هذه العبارات التي تجسّد دلالة ما طرح في مقطع أسبق من أنه تعالى (لا يعتدي على اهل مملكته) حيث بدأ بالإشارة الى أنه تعالى يغفر خطايانا ويكشف ما عانيناه من الشدة وها هو: يحقّق لنا ما نطمح إليه اي: لا تنحصر رحمته في غفران الذنوب بل تتجاوزها الى أبعد من ذلك ألا وهو أنه تعالى يحقّق أعلى ما نتوقّعه من الإشباع لحاجاتنا، فما أعظم هذه الرحمة؟
ونتّجه الى عبارة جديدة هي (يا مجزل العطايا) وهذه العبارة بدورها تجسيد آخر لرحمته تعالى، إنه تعالى لا يتفضل علينا بالعطاء الذي نطلبه فحسب، بل يتوسّع فيه ويكثّر فيه وهذا هو معنى (أجزل) اي: وسّع العطاء وكثّره وفي هذا الميدان نكرر ما سبق ان قلناه من أنّ الرحمة من الله تعالى لا تتوقف عند حد ما بل تتجاوز أبعد الحدود بحيث يمنحنا تعالى أكثر ممّا نطلب: كما هو صريح عبارة: (يا مجزل العطايا).
اذن امكننا الآن ان نتدرج بملاحظة عطاءات الله تعالى ورحمته حيث بدأ بالاشارة الى انه يغفر لنا ذنوبنا ثم يكشف همومنا، ثم يحقّق آمالنا مهما بلغ حجمها ثم: يوسّع علينا ما نطلبه ويكثّره ولا يكتفي بما نطلب ونحتسب بل بما لا نحتسب ايضاً ما اعظم رحمته؟
وسنحدثك في لقاء لا حق ان شاء الله تعالى عن سائر عبارات المقطع من الدعاء. ختاماً نسأله تعالى أن يتفضل علينا بجزيل عطاياه وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.