البث المباشر

الطارف والتليد - 02/02/2010

الأربعاء 3 فبراير 2010 - 00:00 بتوقيت طهران

المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين. سلام عليكم ايها الاصدقاء واهلاً بكم في رحاب الطارف والتليد نوراً لأرجاءها وانساً لها وموضوعنا اليوم هو وجها الادب الجميلان قديمه وحديثه وهو منه وليس منه وهو التناص الذي هو فن من فنون القول ولكن هو ليس ابداعاً وانما هو قراءة ابداع متبصرة فيه وطبعاً سوف اعود الى هذا الرأي من خلال البرنامج وهذا يعني انه من مشارب النقد لا من مشارب الادب وهما متلازمان لا يحضر احدهما الا ان يستدعي الاخر وهذا ما ستتبينه ندوتنا التي تتمنى ان يمن الله عليها بأصغاءكم لها ومشاركتكم فيها. اعزائي الكرام احييكم مرة اخرى بعدما وضعتكم في دائرة البحث السعيد بحضوركم وااتناص الذي تناولناه في الحلقة الماضية وقلنا اننا سنستمر رغم انه يحتاج الى اسهاب اكثر وموضوع اطول ولكن لا نريد ان نثقل عليكم في هذا اللقاء المحفوف بحضراتكم الكريمة. والان نعود للتناص ونشرع بأسم الله عزوجل ونقول التناص لمن تخلف عن ركب هذا البرنامج هو مصطلح غريب على العربية الخالصة فهو غربي الاصل ومع ذلك يرى من اعلنوه واصطلحوا عليه الى انه معروف لدى الشعوب كلها وقبل ان نوغل في الحديث ايضاً يسرني استقبال الاخ العزيز واستاذي الجزائري رفيق بيان وانس، اهلاً بك استاذ جزائري. الجزائري: زاد الله سرورك الكريم وحفظك واعزك وانا شاكر لك هذا اللطف الذي نتمنى ان نكون قريبين منه ولا سيما في هذا المسير الذي اخذتنا فيه بظلمة ليل اجارك الله كل الظلمات. المحاور: اشكرك الشكر الجزيل وان شاء الله نستنير بلغتك الفصحى وبلاغتك سيدي الكريم، استاذ بشير انا قرأت في بداية البرنامج، دعني قبل ان ادخل الى البرنامج انا قرأت وقلت ان التناص هو فن من فنون القول ولكن هو ليس ابداع وانما هو قراءة ابداع متبصرة فيه، هل لك ان تعلق على ذلك؟ انا في خدمتك. الجزائري: اكرمك الله، انت ساعة سألتني الان هذا السؤال هل لك ان تعلق على ذلك؟ هذه الجملة سمعتها من قبل؟ او الفتها الساعة؟ المحاور: طبعاً من الطبيعي انني سمعتها من قبل ولكن اذا ذهبنا الى هذا المذهب فليس هناك شيء خارج التناص. الجزائري: اكرمك الله لا انا سألتك فأجبني على قدر سؤالي. المحاور: نعم من الطبيعي انني سمعت ذلك من قبل وعلمت ان معناه يدل على هذا السؤال ولذلك طرحته كسؤال لكي استدل به على جوابي. الجزائري: اكرمك الله اسألك ثانية بالله عليك هل جمل التعارف بين الناس التي نسميها المجاملة انت حفظتها او الفتها؟ المحاور: طبعاً من الطبيعي انني تعلمتها من الاخرين. الجزائري: تعلمتها؟ هل تعيدها على الناس كما تعلمتها او تسعى ان تقولها بصور اخرى؟ المحاور: من الطبيعي ان اذهب الى صور اخرى ايضاً في نفس الوقت استاذ جزائري هذا يدل على انني. الجزائري: لااريدك ان تفسر، اكرمك الله. المحاور: نعم تفضل. الجزائري: تقول انك تعلمتها وربما تعيدها بصور اخرى يعني لا تلتزم الصور التي تعلمتها، انت تعلمت المعنى واعدته بصور اخرى بتراكيب مختلفة ومتفاوتة، جيد لماذا تفعل ذلك؟ المحاور: لأنها هي مصطلح ادبي تعلمتها من اللغة التي تعايشتها لكي اعبر ما بخلجات نفسي ويفقهني الاخر فأما يجيبني واما ينصت لي. الجزائري: صحيح هي جمل متعارفة لا نستطيع ان نقول عنها انها مصطلحات ولكن اعتاد الناس ان يقولوها، على كل حال كل هذا يجعل هذا الانسان يتحدث بالتناص، يجعله يرى كل النصوص التي بين يديه هي معاد لقول سبق اذا كان في شعبه او كان في شعب آخر، اذا كان في زمنه او في زمن آخر، اذا كان في ارضه او في ارض اخرى. المحاور: اذن لماذا يعيبون عليه استاذ بشير الجزائري وحتى يذهب البعض ويسميه بالسرقة الادبية ووو يعني انا سيدي الكريم بمراجعتي لبعض المسائل وجدت ان الدكتور احمد طعمة الحلبي وفي كتابه الصادر حديثاً طبعاً تحت عنوان التناص بين النظرية والتطبيق هو عندما يتحدث عن عبد الوهاب البياتي. الجزائري: انا يسعدني دائماً ان تسبقني الى كل خير. المحاور: اشكرك الشكر الجزيل بل تعلمت تعود منك. الجزائري: يا ليتني بلغت هذا الكتاب. المحاور: هو عندما سيدي الكريم ودعنا الان نبدأ من الطارف ومن ثم نعود الى التليد، سيدي الكريم عندما يأتي. الجزائري: والتناص طارف والتليد. المحاور: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ولكن في بعض الاحيان نحن نبقى في التليد وننسى الطارف اليوم سعيت ان نبدأ من الطارف، سيدي الكريم عندما هو يأتي ويستشهد بقصيدة عبد الوهاب البياتي التي هي عنوانها قصيدة الموت في المنفى، دعني اقرأ بعض ابياتها. الجزائري: سعيد جداً. المحاور: هو يقول:
دقت الساعات في قلب الضباب
نبحت عبر الميدان الكلاب
وانا ادفن رأسي في كتاب
ابداً اسمعك الليلة عبر الف باب
ابداً تنعب في الارض الخراب
ابداً تأكل من لحمي
وتستلقي على صدري اضطراب
ايها المستنقع الاسن ياصوت الغراب
يعني الدكتور هو يقول، يستحضر هذه القضية انها هي لاليوتة الشهيرة اخذ منها كلمة اليباب او الخراب من ثم يقول ليس عيباً ما دام الهدف ليس سرقة. الجزائري: اغفر لي جرأتي عليك، رحم الله والديك. المحاور: تفضل. الجزائري: قبل ان تتفضل بأليوت والله لم أقرأ الارض الخراب لأليوت هذه، مشهورة جداً عند الناس ولكن انا لسوء حظي العتيد لم اكن قد وفقت لقراءتها هذا واحد الثاني هذا الرجل اثر في الناس جميعاً، الناس العصريين ولا سيما الذين نسميهم الشكليين الذين يعنون بشكل الجملة، بجمالها، ببهاءها، لا يلتفتون للمعنى واليوتة الرجل مع سعيه لجمال النص كان معنياً جداً بجمال مضمونه، بمعناه، ما من احد من هؤلاء الذين ابدعوا، من الذين اتقنوا الانجليزية او عرفوها الا ومر بأليوت هذا. المحاور: سيدي الكريم انا لا اقصد اليوت ولكن اقصد الدكتور الحلبي هو لا يرى عيباً في هذا المضمون، ارض اليباب او ارض الخراب، هو يقول مادام الهدف هو ليس سرقة. الجزائري: وانا اصافحه واعانقه في ذلك. المحاور: اذن انت معي، اذن التناص سيدي الكريم ضرورة للحياة واللغة والتراث وايضاً ضرورة لبقاء الادب، أليس كذلك؟ الجزائري: اصلاً هو ليس بضرورة هو عفوي في حياة الناس يعني لو التفت اليه الانسان لوجده اصلاً من غير ان يقصده يكون قد استولى على عقله، على شعوره، على احساسه، على ذلك الذي نسميه تسعة اعشار او الذي يسميه خالق زيغموند فرويد، نسميه تسعة اعشار الشعور مكبوتة، مضمومة. المحاور: هي اللاشعور. الجزائري: هي اللاشعور. المحاور: نعم. الجزائري: وواحد من هذه العشرة هو هذا الذي تسميه انت الشعور. المحاور: وطبعاً واحد من العشرة فيها البلاوي وفيها المشاكل وكل التعقيدات. الجزائري: فكيف بتلك التسعة؟ المحاور: فكيف بتلك التسعة الظاهرة؟ استاذ بشير انا اعود مرة اخرى لبداية البرنامج وطبعاً هو من حق المستمعين ومن حقي انا كتلميذ، لمجرد انا لي الحق ان اطارحك الكلام. الجزائري: اسمك رائد وفعلك رائد. المحاور: انا اشكرك الشكر الجزيل. الجزائري: اكرمك الله. المحاور: استاذ جزائري دعنا نعود مرة اخرى ونقول مم جاء مصطلح التناص واي شأنيه اجدر بالنظر الاسم الوافد الينا من الغرب كما انا قلت في بداية البرنامج ام مفهومه ودلالته؟ الجزائري: كلك اسماً وصفة وفعلاً جميل، يعني كل هذه الريادة محفوظة عليك ومذكورة لك. المحاور: شكراً لك. الجزائري: سيدي الكريم ليس بين ايدينا اذا لم نسرف في القول، ليس في ايدينا في لغتنا العربية ما يدل هذه الدلالة وان وجدنا في اشتقاق الكلمة ما يوحي بقبوله لدينا، اللغة العربية الجميلة لغة حية فاعلة ليس كما يصفها اولئك الذين يدعون انها من اللغات المتحجرة وانه لايستطيع احد ان يبلغ اسوارها وانها عالية جداً على من لم قد يكن ادبه ربه تأديباً عظيماً ودرس في المدرسة الفلانية، في الازهر وفي النجف وفي غيرها كثير من الناس من لم يؤتوا الا شيئاً يسيراً من الدرس ولكن اقبلوا على هذه اللغة بأخلاص وتعلموها، سيدي الكريم ليس في هذه اللغة هذا المعنى ولكنه مقبول عندها لأن مادته الاصلية موجودة النص، ن ص ص، نص، هذا النص اخذنا منه التناص يعني تبادل النصوص، تناصصنا يعني تبادلنا النصوص مثل تشاركنا تبادلنا المنفعة، الشركة، تنافعنا وهكذا، على كل حال هو مصطلح عابر من تلك الجهات البعيدة التي تسمى الغرب وذلك الغرب في تطور وتغير مستمر، سريع جداً، دليل الحياء وانا لا استحي ان اقول حقيقة من الحقائق، لماذا ننكر على الناس سعيهم ان يكونوا، سعيهم ان يجددوا، ان يقدموا وهم يرون كل فكر من افكارهم الادبية او الفلسفية جديرة بالتغيير وفعلاً هي جديرة بالتغيير يعني ليس على اساس نظرتهم اليها انها تستحق ان تغير وتطور وانما هي فعلاً مستحقة ذلك فبتغيراتهم هذه ظهر هذا الذي يسمونه التناص وعبر الينا واستفدنا نحن منه مصطلحاً ربما نتحدث فيما بعد في شأنه. المحاور: ان شاء الله طبعاً استاذ بشير الجزائري على الهاتف اخ عزيز لحظات، سيد بشير الجزائري انا لم ار ادباً واقعياً بواقعية الادب الروسي وهذا رأيي ولا اغير رأيي فيه مهما قالوا ولم ار اجمل من قصة قصيرة كتبها انطوان تشوخوف عن غيره واعتقده هو من الرواة ولا ارى ايضاً هذا الادب الواقعي لم يكن له مخزون في التناص، أتوافقني ام لا فقط؟ الجزائري: اوكد لك ان سمرست موم الناقد الانجليزي والقصاص الانجليزي والناجح الانجليزي في الادب كان يقول قبل ما يزيد على ثمانين، تسعين سنة اننا نحن الانجليز والفرنسيين والالمان لانبلغ البداية التي بدأ بها تشخوف حتى بعد مئتي سنة. المحاور: والله الرجل منصف اذن من بركات هذا البرنامج مستمعينا الافاضل وبركات الاستاذ الجزائري اتصلنا ليس جغرافياً بل قلباً الى قلب اتصل بنا من مصر الفيوم الاخ محمد محروس، اخ محمد اهلاً بك، اعتذر لأنني اخرتك لأنني الحقيقة انسى الموضوع انت في عيوننا تفضل اعتذر المحاور: اخ محمد تسمعني. الجزائري: يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ. المحاور: اخ محمد سلام عليكم، على كل حال هذه في عهدتي وانا مديون ومقروض للاخ محمد بالاعتذار لأن الاتصالات هي صعبة وانا وضعته لثلاثين ثانية، على كل حال نتمنى ان يعاود الاتصال مرة اخرى. الجزائري: كذلك والله انا ومن العجيب ان الاخ محمداً هذا حفظه الله وحرسه ما جاءنا مرة وساعده الوصل بنا. المحاور: والحقيقة سيدي الحديث ذو شجون وانا انسى والعجلة فلا اعلم انها من الشيطان ام انها لأستقصاء الحقيقة. طيب الساعة تشير الى الخامسة واربع وثلاثين دقيقة وللاسف الوقت يتسارع وطبعاً قرأت في احدى المقالات العلمية ان الوقت مطاطي وهو في فكر الانسان متى تنتظر احداً ترى ان الوقت طويل عليك وثقيل عليك ومتى تحب ان تبقى مع احد ترى ان الوقت يزول بسرعة ويداهمك، انا احييكم تحية اخرى في برنامج الطارف والتليد، طيب استاذ بشير الجزائري دعني مرة اخرى اذهب الى عبد الوهاب البياتي وندخل ونتوقف عند الادب الروسي لو تسمح مرة اخرى لأنك اشرت الى نقطة واثرت ايضاً نقطة هي مفعمة الحقيقة. الجزائري: اكرمك الله. المحاور: لاحظ سيدي الكريم عنما يقول عبد الوهاب البياتي وانت اعلم مني يقول في قصيدته الموت في الحب، هو يقول:
ايتها العذراء هزي بجذع النخلة الفرعاء
تساقط الاشياء
تنفجر الشموس والاقمار
يكتسح الطوفان هذا العار
نولد في مدريد
تحت سماء جديد
الجزائري: الله اكبر. المحاور: اذن هذا من الطارف ودعنا نعرج مرة اخرى. الجزائري: وهو من التليد. المحاور: ونعود، وهو من التليد ايضاً وفي عمق التاريخ، نعم. الجزائري: عبد الوهاب في مظهره طارف وفي جوهره تليد، روحه روح الامس، روح الثقافة العربية الاصيلة رغم انه ليس بعربي رحمه الله، اتمنى ان تقول رحمه الله. المحاور: رحمة الله عليه يعني الحقيقة عبد الوهاب البياتي رغم انني ليست لدي معلومات كاملة عنه ولكنه عزيز على قلبي، كما عزيز علي احمد مطر. الجزائري: كل المبدعين العراقيين هم كأسمك انت رواد الثقافة الطارفة في اللغة العربية في كل ارجاء الوطن العربي. المحاور: وليس تعصباً اذا قلت انني اميل الى جواد سليم كثيراً واميل الى البغدادي الخطاط العظيم كثيراً. الجزائري: وهاشم البغدادي. المحاور: نعم وهاشم البغدادي حتى. الجزائري: هاشم البغدادي الموصلي. المحاور: نعم العراق هو مليء الحقيقة وهذا ليس فضلاً على احد ولكن الارض هي التي خلقت لذلك اعتقد ان العراق ارض الازمات، دعنا لا نخرج عن موضوعنا. الجزائري: حتى جواد سليم النحاة العظيم كان تناصياً اذا سمحت لنا اللغة ان نقول ذلك. المحاور: فقد كان يعزف على القيثارة ايضاً، نعم. معي استاذي الكريم دعنا نقطع الحديث الان، لأن معي اخ عزيز من لبنان، الاخ علي من لبنان سلام عليكم. علي: سلام عليكم استاذ رائد. المحاور: يا اهلاً يامرحباً، اهلاً بك. علي: الله يحفظكم ان شاء الله، كان عندنا سؤال من الاخ بشير ممكن؟ المحاور: تفضل في خدمتك. علي: أصحيح ان الجرجاني كان تناصياً وما فضله على دعاة التناص الغربيين؟ المحاور: اذن هذا هو السؤال الاخ علي العزيز من لبنان، يعني أصحيح ان الجرجاني هو تناصياً وما هو فضل الجرجاني؟ الجزائري: طيب نعود مرة اخرى الى اول كلمة بدأنا بها ساعة سألتني عن التناص من اين جاء وما هو وسألتك تلك الاسئلة اليسيرة الاولى قلت انك قد سمعتها واعدتها ومرة اعدتها كما سمعتها ومرة اعدتها كما اشتهيت وتفننت في تلك الاعادة، السيد عبد القاهر الجرجاني الذي يسمى الشيخ عبد القاهر الجرجاني رحمه الله كان فعلاً رجلاً رائداً في هذا الباب، رائداً فذاً ربما فاق كل هؤلاء الذين يتحدثون بهذا الفن الجديد من فنون النقد ولكن لن نسميه هذه التسمية لأني كما قلت لك ليس لهذه الكلمة من وجود في اصل الاشتقاق اللغوي العربي، هذا هو الفرق اما فضله عليهم علموا به او لم يعلموا اعتقد كما تعلمت ذلك من الدكتور حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب العرب في سوريا كان قد كتب مرة في مجلة مجمع اللغة العربية ان رولان بارت الذي هو احد الرواد البارعين جداً للتناص كان في الاسكندرية وكان قد اطلع اطلاعاً دقيقاً على الثقافة العربية وتعلم منها وازداد تعلماً منها واطلع على وجه الخصوص على ثقافة عبد القاهر الجرجاني وبينهما تشابه في كل ما ذهب اليه كل منهما سواء ان رولان بارت لم يذكر عبد القاهر وهنا تعرف الحقائق التي يجدر ان يعرفها كل عربي او كل مسلم عليه ان يلتفت للثقافة الوافدة من اين نبعت وكيف عادت الينا، يأخذون منا ولايذكرون لنا اما نحن فنأخذ منهم وها نحن نذكر، نحن نسمي رولان بارت كان في الاسكندرية وتعلم كثيراً، حياة طويلة عاشها في الاسكندرية والاسكندرية ليست مدينة يسيرة في تصور احد، الاسكندرية عاصمة الثقافة منذ الازل البعيد جداً. المحاور: بل حتى سيدي في التاريخ الاسكندرية التي بناها الاسكندر الكبير هي اول مدينة كانت شوارعها مضاءة، اذن سيدي الكريم، استاذي العزيز انت ذكرت بارت وايضاً بول ديمن وهارتمن، على كل حال هؤلاء لديهم نظرية التناص يقولون انها ترعرعت في خضم نزعة احتجاجية واعتراضية في السياسة والثقافة واخرى فلسفية وتتجلى في التفكيكية، دعني اذكر لك شيئاً لتلطيف البرنامج انت تحدثت عن التناص ودعنا نذهب الى التراث الشعبي. الجزائري: اكرمك الله. المحاور: استاذي الكريم هذا سمعته من احد الاخوة الاعزاء في ذكر الاخ محمد محروس من مصر، انت تعلم ابان السبعينات كان هناك الاخوة المصريون في العراق وكانت قد اصبحت بيننا عشرة زاد وملح قبل ان يفجر الاوضاع ذلك النظام الذي اليوم اصبح من البائد، قال اجمل شيء واغرب شيء لديه في العراق هو قول المرأة العراقية للسائق عندما تريد ان تنزل تقول له عيني نازل. الجزائري: احسنت. المحاور: فهو يتعجب يقول العين لربما تكون هي اطراء في بعض اللغات، العين، البصر، العين هو اعز شيء للانسان فكيف للمرأة العراقية تقولها بكل بساطة والرجل العراقي السائق الذي لديه ركاب في كل يوم لا يأخذ على محمل الاطراء وهي تقول له عيني نازل وهو ينزلها ويسلم الاحد على الاخر، انا اعتقد هذا اطراء حديث ومعاصر يدخل الى التراث الشعبي ويغنيه. الجزائري: صحيح صحيح. المحاور: استاذي الكريم نعود مرة اخرى الى موضوعنا، انا اشرت الى انطوان تشوخوف وانت ذكرت شيئاً الحقيقة افرحني كنت اجهله لأنني انا احب الادب الروسي كواقعية، احب تولستوي الذي يتمكن ان يتحدث عن ستمئة او سبعمئة شخصية خلال الحرب وفي فواصل وكأنك تعيش اللحظة بلحظة. الجزائري: والله حتى في القصة القصيرة التي هي اصعب بكثير من الرواية مهما طالت، مهما قصرت، القصة القصيرة لا يمر بها الا اولئك الحذاق الذين آتاهم الله سبحانه وتعالى قدرة فائقة على البيان، هو حتى في هذه القصة القصيرة تولستوي كان فائقاً جداً جداً، في المقهى يجتمع الناس واحد من الهند وواحد من كندا وواحد من امريكا وواحد من اليابان وواحد من العرب وواحد من الروس، من كل ارض الله وكل يتحدث بدينه، يذكر دينه ثم تجدهم في النهاية قد اتفقوا ان الله سبحانه وتعالى ربهم وانهم كلهم عبيده سبحانه وتعالى وهذه في منتهى الروعة. المحاور: طبعاً لاحظت شمة لأحد الكتاب العظماء للشعب التركي، احد كتابها المعاصرين هو ايضاً قد كان له تناص او الباع الطويلة في التناص من انطوان تشوخوف حسب رأيي، الاستاذ الكاتب عزيز نسين في قصصه القصيرة واللطيفة وايضاً الهادفة، استاذ بشير لدي اتصال انا بودي. الجزائري: الشرقاوي في الارض لو تسمح لي، الشرقاوي في الارض ايضاً اتهم بأنه قد اخذ من الايطاليين واتهم بأنه قد اخذ من الروس وهكذا ما من احد، السؤال الذي تفضلت انت به في وسط المسير السرقات الادبية، لماذا سميت سرقات ادبية وهي ليست بسرقات وهي ادب والله ومنتهى الادب وجماله وتستحق ان تجعلها انت في لقاءنا القادم عنواناً. المحاور: ان شاء الله. الجزائري: السرقات الادبية. المحاور: ان شاء الله سيدي الكريم اذن هذا عهد علينا ان نذهب الى السرقات الادبية في الحلقة القادمة مع الاستاذ بشير الجزائري. الجزائري: ربي اكرمه بما اكرمني. المحاور: وان تتحفونا بأتصالاتكم، دعونا نذهب مرة اخرى استاذ بشير في طهران لدي اتصال اخ عزيز الاخ يونس من طهران، الاخ يونس سلام عليكم. يونس: السلام عليكم. المحاور: يا اهلاً وسهلاً. يونس: لدي سؤال، ما معنى قول الشاعر العربي:
ما ارانا نقوله الا رجياً او معاداً
من قولنا مكروراً وشكراً
المحاور: شكراً اخ يونس لو تسمح تعيد البيت. يونس: ما ارانا نقول الا رجياً ومعاداً من قولنا ومكروراً. الجزائري: رجياً. المحاور: رجياً، شكراً جزيلاً اخ يونس، طيب استاذ جزائري انت سمعت وصححت تفضل. الجزائري: هذا البيت هو لكعب بن زهير والناس ينسبونه الى ابيه زهير بن ابي سلمى وكلا الرجلين فائق رائق في شعره، هو اراد ان يقول كل ما لدينا من بديع القول، من جميله، من متوسطه، من عاليه، من دانيه ليس قولنا انما هو قول من سبقونا من الناس، هذا معناه اتمنى ان يكون الاخ الكريم يونس من طهران قد سمع. المحاور: طيب استاذ بشير نحن كما تعلم الاذان سوف يأتينا حوالي في الساعة الخامسة واربعة وخمسون دقيقة او اثنين وخمسين دقيقة كما يومئ المخرج اثنان وخمسين دقيقة عفواً، سوف نذهب لنستقبل الاذان اذن الوقت يداهمنا والان الساعة هي الخامسة وست واربعين دقيقة يعني حوالي خمس دقائق كما يقول المخرج ويكرر في اذني على كل حال سيدي الكريم دعني اذهب انا الى التناص والوقت ضيق كما تعلم، هناك رأي يقول التناص هو نوع من الملكية لكن يسأل ما مدى حدود هذه الملكية في محاورة نص لآخر؟ الجزائري: والله ليس لها من حدود اذا اراد المرء ان يكون منصفاً ليس لها من حدود. المحاور: يعني هل ممكن ان نقول انها وكأنه غيمة دخلت من غيمة هي جزء من كل وقطرة دخلت من بحر، القطرة قطرة وهي جزء من البحر ولكن للقطرة وجود؟ الجزائري: اسألك بالله عليك كم منك لأبيك وكم من ابيك لك؟ تستطيع ان تقول؟ المحاور: لا والله. الجزائري: كلك لأبيك وكل ابيك لك يعني انا ساعة انظر اليك لا تحدد انت ولا يحدد ابوك وانما انا الذي انظر هذا اذا افترضنا ان النص انسان حي مثلنا يسمع ويرى ويتكلم ويفعل، اذا افترضناه كذلك وهو كذلك، انا عندي النص كذلك هو ينقل الاشياء ويعي الاشياء وانا معني بالنظر اليه انا معني ليس الذي كتب، ليس الذي ابدع لأن الذي ابدع كان قد جمع ثقافات من قصد او دون قصد، عمد ان يستعمل هذه الكلمة او لم يعمد، كان عمد الى ذكر هذه الفكرة او لم يعمد، جاءت على خاطره فكتبها، تصورها جديدة وهي ليست جديدة، صحيح او لا؟ المحاور: نعم. الجزائري: هذا انا غير معني به في نظرة التناصيين انما انا معني فقط بهذا النص وبذاك الانسان الذي يأتي ويستمع الي وانا اقول هذا النص كان الاستاذ الكريم رائد دباب قد اخذ قسماً منه من السيد فلاني او السيدة فلانة. المحاور: يعني انا لا يمكنني ان آخذ من نابلئون. الجزائري: هذا الشاعر او هذا الاديب. المحاور: مثلاً قول لنابلئون يقول: "وراء كل عظيم امرأة" لا استطيع التلاعب بهذا الا انا اتيت بمعنى مشابه لذلك ولكن مختلف في الجملة. الجزائري: هذا ممكن، حتى لو أتيت بالجملة نفسها، حتى لو اتيت بالجملة نفسها فأنت هاهنا تناصي، اولئك الذي قد مروا بالتضمين، مروا بالاقتباس كما تذكر وتهددني به دائماً وربما يكون موضوعاً لنا يوماً ما بلطفك انت اولئك تناصيون، قلت لك المسألة محصورة في التسمية. المحاور: طيب استاذ بشير انت وبحمد الله لم يتبقى لنا سوى دقيقتين، انت بحمد الله ذكرت بارت. الجزائري: فديتك قل بأيجاز حتى اقول انا غايتي. المحاور: يعني بارت هناك يقول ان النص الادبي هو اعادة انتاج وليس ابداع محض وان كل نص هو معضد او قالب لنص آخر سابق عليه او معاصر له، ما مدى صحة هذا القول برأيك ختاماً لهذا البرنامج؟ الجزائري: والله صحيح، بأيجاز صحيح فقط بقي علي ان اقول لك عندما مررت بالادب الروسي وقلت انه واقعي واقعيته وقيمته آتية من شيء واحد لم يبلغ احد من الناس ان يصف دخيلة الانسان، سريرة الانسان كما وصفها الكتاب الروس، الناس يتحدثون بألبسة الناس وهذا التعبير ليس لي انما تعبير الشهيد الصدر وهنا تعجب ان الشهيد الصدر كان قد قرأ الادب الروسي واطلع عليه اطلاعاً دقيقاً وحث تلاميذه قبل اربعين سنة عليه كثيراً كثيراً، منذ شبابه كان يحث زملاءه وتلاميذه على ان يقرأوا الادب الروسي ويقول انه يفسر النفس الانسانية. المحاور: انا اشكرك واعتذر اليك استاذ بشير الجزائري الوقت داهمنا اذن مستمعينا الافاضل عهد منا للاستاذ بشير الجزائري ان نحاوره في الحلقة القادمة حول السرقات الادبية رغم انني كنت اميل لكي نتحدث عن الاقتباس ربما يكون قريباً من التناص ولكن حدث ما حدث وفي امان الله.
*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة