مستمعينا الأفاضل ، صاحب هذا اللقاء هوالأخ الكريم عمر بن ثامر بوسعادة من ولاية المسيلة الجزائرية ، وقد نشر قصته في واحة مساهمات المستبصرين لموقع مركز الأبحاث العقائدية على شبكة الإنترنت بتأريخ الثالث والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة ألف و أربعمائة و ثلاث و ثلاثين للهجرة ؛ واختارلها عنوان (قصيدة الإستبصار)
وقبل أن ننقل لكم مستمعينا الأطائب خلاصة ما كتبه نقدم له بالإشارة إلى أن ما جرى للأخ عمر بن ثامر هونموذج لما يجري للعديد من أصحاب القلوب الحية من الشباب الذين سعت أيادي أعداء الإسلام إلى حرف مسار روحهم الجهادية المتطلعة إلى إنقاذ الأمة الإسلامية من واقعها المأساوي فجرتهم إلى ضفوف حركات جهادية مزيفة تروج لرؤى الطغيان الأموي الذي يسوق الأمة إلى مهاوي الإستبعاد من جهة ويعرض للعالمين صور مشوهة للإسلام وتظهر بأبشع صور القسوة واستباحة دماء الأبرياء وتمزق الأمة الإسلامية بحربة التفكير ومحاربة أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى خاصة مذهب أهل بيت النبوة – عليهم السلام –.
يقول الأخ عمر بن ثامر الجزائري في تصوير حالة الحيرة التي أوجدتها له تناقضات دعاة تجديد الأموية المنحرفة : (قد يكون عسيرا على المرء أن يكتب في رأي يخالف رأيه ويتحرى مع هذه المخالفة أن يصور الرأي كما يجول في خاطر صاحبه خاصة إذا كانت المخالفة في عقيدة تعتنق وتتغلغل في أعماق النفس وتسكن أطوائها فإن الطريق حينئذ يكون أصعب. لكن ماذا لو كان حاضرك هو من يخالف ماضيك ؟ إن المرء لا يستطيع خلع نفسه مما تعتنق وتؤمن به و يجردها تجريدا تاما مما صار منها بمنزلة الملكات وهذا ما أخذ منه عشرين سنة من البحث المضني والصراع المرير ولولا عناية الله وحبي لأهل بيت رسول الله لما نجوت من القوم الظالمين. فقد كنت في ((ظلمات بعضها فوق بعض)) إذا مد المرء يده لم يكد يراها رحم الله أمي لو كانت سمتني حرا بدلا من السامري لوفرت عني الكثير)
وبعد هذه المقدمة المؤثرة في تصوير حالته وهو يعيش أجواء تناقضات المد الوهابي ، بدأ الأخ عمر بن ثامر بشرح تفصيلات تلك الحالة ، والتناقضات الوهابية التي أوقعته في حيرة تلك الظلمات ، مشيرا إلى تطلعه منذ البداية إلى أن يكون كالحر الرياحي علم التوابين من شهداء واقعة عاشوراء ، قال حفظه الله :
(
إخواني البداية كانت في مطلع تسعينات القرن الماضي يومها كانت بلادي الجزائر تمر بفترة شبيهة بما يسمى اليوم الربيع العربي هذا المناخ ساعد التيارين (الوهابيين) الكبيرين يومها على أن يطفوا على السطح وكان لا صوت يعلو فوق صوتهما ومع تناحرهما لا يسع أحد الخروج عن كليهما وكانت الأمة بينهما كالمستجير من الرمضاء بالنار. لكن الأمر لم يدم طويلا حتى أكتسح الساحة تيارا ثالثا و هوعبارة عن مزيج بين التيارين لكنه يتميز عنهما بأنه يرى الخروج عن الحكام و يكفر كل من يخالفه في ذلك فمن شك في كفر الكافر فهو كافر. من هنا بدأ صراع آخر بين نظريتين: الأولى : تقول بطاعة ولي الأمر وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك الثانية : تقول من جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن و ليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان. كان أتباع النظرية الأولى على العموم من أصحاب الأموال والمناصب وكان الإنتهازيون بينهما. وكان وقود النظرية الثانية صغار السن من السذج الذين لا يملكون إلا عواطفهم وكنت أنا من بينهم. هاتان النظريتان وإن اختلفتا في المظهر فإنهما تتفقان في الجوهر نقول ذلك لأن بين المهادنين للطغاة القاعدين عن نظرية الحق شبها مشتركا من الإطمئنان للدنيا و الأمن على النفس و النفيس كما أن بين المجاهدين شبها مشتركا فيما يقع عليهم من الترويع وإصابة أهاليهم من التنكيل. ولقائل يقول كيف ذلك وأصحاب النظرية الثانية يقولون بالخروج على الحكام ؟ والجواب على ذلك أنهم يستعملون ذلك كتكتيك إن صح التعبير والدليل على ذلك أنهم يمجدون الطغاة من بني أمية ومن سبقهم ولحقهم وهنا تظهر سذاجة التابع وخبث المتبوع.
مستمعينا الأفاضل ، ويتابع الأخ الجزائري عمر بن ثامر بيان حالة الحيرة التي وقع فيها نتيجة تناقضات ذلك التيار الوهابي الذي انتهى إليه ، وهو يرى أن من التيار المتنافس له يتبع أيضا أفكارعالم أموي يرى أن يزيد أمير المؤمنين و خليفة للمسلمين ، و كلاهما يستهينان بدماء الأبرياء ويسفكونها ظلما وعدوانا بفتوى العلماء اليزيدين ، يقول هذا الأخ في تتمة قصته : ( كان الصراع مريرا أزهقت فيه الأنفس التي حرمها الله والتي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وآله (( ما زال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما )). رملت النساء ويتم الأطفال وأخذت الأموال بغير حق فكانت بحق حرب وقودها الناس والحجارة. لكن العجب كل العجب أن كلا المتصارعين يرجعان إلى مرجعية واحدة إنه ابن تيمية. فالطائفة الأولى تقول قال شيخ الإسلام ابن تيمية أسمعوا وأطيعوا ولو ولى عليكم عبدا حبشيا و الثانية تقول قال شيخ الإسلام ابن تيمية إذا تمترس العدو بالمسلمين فاقتلوا الجميع و سيبعثهم الله حسب نياتهم في إشارة إلى تبرير التفجيرات التي كانت تحصد الآلاف من الأبرياء. ومن هنا يأتي السؤال إنه ليس سؤال إنه الزلزال الذي يأتي على بنيانهم من القواعد. من هو ابن تيمية الذي اتفقت عليه كلمة الإخوة الأعداء ؟ ومن هنا بدأ غبار المعركة ينجلي وبدأ ما كنا نظنه ماء زلالا قد صار سرابا يحسبه الظمآن ماء و بدأت الحيرة تدب إلى النفوس وصدق الله العلي العظيم إذ يقول (( وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين )).
وتوجه هذا الأخ الجزائري إلى الله عزوجل طالبا أن ينقذه من تلك الحيرة ، فاستجاب الله دعوته بأن وجه قلبه نحو مصباح هداه وسفينة نجاته الحسين سيد الشهداء والمجاهدين – صلوات الله عليه – ، فمن ملحمته العاشورائية الخالدة عرف الأخ عمر بن ثامر حقيقة الصراط المستقيم الذي سعى ابن تيمية وسائر علماء التيار الأموي والهوابي حرف الناس عنه ، فاتهموا سيد الشهداء وسبط رسول الله بأنه خرج على إمام زمانه وخليفة زمانه يزيد بن معاوية حسب مزاعمهم ، يقول هذا الأخ حفظه الله : (سبحان الله يأتي المدد وممن، من الحسين عليه السلام ، إنها كربلاء إنها الصرخة التي تقض مضاجع الظالمين كل الظالمين إنه النور الذي ينقلك من الحيرة والشك إلى اليقين إنه الطهر حين يتجلى في أسمى معانيه قائلا للسامري: ((اذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس)) إنه الحر يقول لأتباع العجل ((إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم و ذلة في الحياة الدنيا و كذلك نجزي المفترين)) إنها الإجابة عن ذلك السؤال الفصل. لماذا لم يستدل أصحاب نظرية الخروج على الحاكم بالإمام الحسين ؟ أليس هو الصحابي الجليل؟ أليس هو المبشر بالجنة؟ أليس هو سيد شباب أهل الجنة؟ أليس هو ابن رسول الله صلى الله عليه وآله؟ أليس هو ابن فاطمة الزهراء عليها السلام ؟ أليس هو ابن الخليفة الرابع؟ سبحان الله أيعقل أن يكون من أتبعهم يجهلون كل هذا؟)
و هكذا و ببركة الإهتداء بنور سيد شباب أهل الجنة بدأت رحلة الأخ الكريم عمر بن ثامر الجزائري لمعرفة الحق فانطلق في البحث الحثيث عن الحقيقة عنه حتى عرفه وتبرأ من أعدائه مروجي الطغيان الأموي في ثوب الوهابية.. وعرف أن خليفة الله الحقيقي هو سيد الشهداء الحسين و ليس يزيد بن معاوية كما يدعي ابن تيمية و أتباعه.. فركب هذا الأخ سفينة النجاة المحمدية التي قال عنه رسول الله – صلى الله عليه وآله –: (مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك)
وإلى هنا ننهي مستمعينا الأفاضل لقاء اليوم من برنامجكم (بالحسين اهتديت) استمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.
تقبل الله أعمالكم ودمتم بكل خير.