البث المباشر

الأربعين، تجسيد للقوة الحسينية الناعمة في العالم

الأربعاء 13 أغسطس 2025 - 14:19 بتوقيت طهران
الأربعين، تجسيد للقوة الحسينية الناعمة في العالم

إن الأربعين ليس مجرد حركة وطنية فحسب أمة، بل هو أيضًا تأهيل لأمة في آخر الزمان، التي تتمثل مهمتها في إكمال طريق الحسين بن علي عليهما السلام.

ليس الأربعين الحسيني مجرد تجمع ديني ضخم، بل هو أيضا تجسيد مجيد لحقيقة خالدة؛ حقيقة بدأت في عاشوراء، وعلى مر التاريخ، أبقت حياة الأمة الإسلامية وحماستها حية كالنهر الجاري.

يتجه في هذه الأيام، ملايين المحبين من جميع أنحاء العالم، بغض النظر عن الحدود والجنسيات واللغات، نحو كربلاء المقدسة ليجددوا بخطواتهم العهد الذي قطعوه بدم الحسين بن علي عليهما السلام. وهذا التجمع الفريد من نوعه لا يمكن حتى للأعداء تجاهل عظمته ومجده؛ لأن أأربعين اليوم هو مرآة كاملة للقوة الناعمة لأهل البيت (ع).

كانت عاشوراء نقطة انطلاق انتفاضة إلهية، لكن الأربعين هو استمرارها وترسيخها. إذا كان يوم عاشوراء قد اتسم بالدم والسيف، فقد استمرت الأربعينية بخطى وقلوب. هما حلقتان متلازمتان في سلسلة متصلة. وتكتمل رسالة كربلاء في الأربعين؛ فكما أن استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) خلّد الإسلام، فإن زيارة الأربعين أبقت هذه الرسالة حية في نفوس الأجيال اللاحقة. وكما هزّ الإمام السجاد (ع) والسيدة زينب (س) أركان النظام الظالم بخطبهما، فيقدم زوار الأربعين اليوم للعالم نموذجا للمقاومة الثقافية بشغفهم وحضورهم.

 

إظهار القوة الحسينية الناعمة

لا تقتصر القوة في الفكر السياسي الإسلامي على السيف والحرب؛ "القوة الناعمة" تعني قدرة التأثير على القلوب والعقول دون إكراه. ويعد الأربعين أعظم برهان على هذه القوة الناعمة في العالم.

إن ما نراه في كربلاء المقدسة اليوم هو تعبئة بشرية تجمع عشرات الجنسيات على مسار واحد، دون أي تنظيم رسمي أو دعاية حكومية. وأن وجود ملايين الأشخاص بدافع شخصي عميق يُظهر أن ثقافة عاشوراء حية ونابضة بالحياة، لا يمكن لأي قوة إعلامية أو مادية السيطرة عليها. هذه القوة هي ما يُرعب الأنظمة المتغطرسة والتيارات المعادية.

 

الأربعين؛ تفسير حي لسفينة النجاة

جاء في الروايات أن الإمام الحسين (ع) هو "سفينة النجاة" و"مصباح الهدى". ويزداد هذا التفسير وضوحًا في الأربعين أكثر من أي وقت آخر. وملايين الناس الذين يسيرون على درب كربلاء سيرًا على الأقدام قد ركبوا في الواقع سفينة النجاة نفسها؛ سفينة تجتاز عواصف الفتنة بذكرى سيد الشهداء (ع). وهذه الحركة أكثر من مجرد زيارة؛ إنها هجرة روحية واجتماعية تحمل رسالة واضحة للعصر الحاضر:

"يمر النجاة والفلاح عبر طريق الحق والعدالة، وأن أبي عبد الله الحسين (ع) هو حامل اللواء لهذا الطريق.

 

تلاحم الأمم وهوية إسلامية مشتركة

إن من مظاهر الأربعين المذهلة هي التقارب غير المسبوق بين الأمم في هوية مشتركة. زوار من آسيا وأوروبا وأفريقيا، وحتى أمريكا، معا على طريق النجف-كربلاء، يتذوقون طعام بعضهم البعض، ويخدمون بعضهم البعض في المواكب، ويرددون "لبيك يا حسين" بلغات مختلفة، لكن بقلب واحد. وهذا التلاحم يُسقط دعائم الفتنة والانقسام التي غرسها الأعداء لسنوات. والأربعين تجربة تُثبت أن الأمة الإسلامية لا تزال قادرة على التوحد حول محور حقيقي.

 

الأربعين ورسالة المقاومة في عصر الظلم والجور

يعج عالم اليوم بالحروب الظالمة، وسائل الإعلام الكاذبة، والثقافات التي فرضتها القوى المتغطرسة.و في مثل هذه البيئة، يذكرنا الأربعين بحقيقة أن المقاومة لا تتشكل في المجال العسكري فحسب، بل هي فعّالة بنفس القدر في المجالين الثقافي والإيماني.

مع كل خطوة يخطوها، فكأن يهتف زائر الأربعين:

"نحن أبناء عاشوراء، وما دام الظلم قائما، فستستمر نهضة الإمام الحسين (ع)".

وهذه الرسالة لا تُلهم المسلمين فحسب، بل كل إنسان حر يسعى إلى الحقيقة.

 

الأربعين؛ أفق المستقبل ووعد الظهور

لا يعتبر الأربعين في المنظور المهدوي مجرد تذكير بالماضي، بل هي أيضًا علامة على المستقبل. وأن التجمع المليوني هو مثال بسيط على التعبئة العالمية نفسها التي ستتحقق عشية ظهور الإمام المهدي (عج).

فكما يُضحي الزوار بأرواحهم وأموالهم من أجل الإمام الحسين (ع)، ففي ذلك اليوم الموعود، سيستعد أصحاب المهدي الموعود لإقامة العدل العالمي.

لذا، فإن الأربعين ليس حركة وطنية فحسب، بل هي أيضًا تدريب لأمة في آخر الزمان، التي تتمثل مهمتها في إكمال طريق الحسين بن علي عليهما السلام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة