مستمعينا الأفاضل، كلا الحكايتين كتبهما شاهدهما المباشر ونشرهما على موقع مركز الأبحاث الأسرية ضمن نافذة (مساهمات المستبصرين) إنه الأخ التونسي محمد الرصافي المقداد…
قال ناقلاً حكاية الأخ (حسيب أيدين) من مقدونيا:-
التقيت به صدفة على غير موعد، ورب صدفة خير من ألف ميعاد كنت في بيت أحد الأخوة في سوريا عندما جاء إلينا قادما من العراق، أكبرته منذ أن وقع نظري عليه، كان مهموماً بأمر بلده مقدونيا وبأهلها المستضعفين، مندفعاً في حب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل بيته (عليهم السلام)، مقتحماً من أجلهم المخاطر و هو ما حصل هذه المرة عندما أكمل زياراته للنجف وكربلاء والكاظمية، وصرف نظره عن زيارة سامراء نظراً لسوء الوضع الأمني هناك.
تحدث عن زياراته لأئمته عليهم السلام بحماس شديد، ولم يخف فرحه بالتوفيق الذي ناله مدة الأيام الثلاثة بسرعة وفي الليلة الأخيرة طلبت منه أن: يحدثني عن قصة استبصاره…
أيها الأخوة والأخوات، ثم ينقل الأخ محمد الرصافي المقداد عن هذا الأخ المقدوني حكايته قائلاً: إسمي حسيب ايدين ولدت يوم ۷/٤/۱۹٥۳ ميلادية بعاصمة مقدونياً وكنت منتمياً الى مذهب التصوف على طريقة الحسن البصري، إلا أن الطريف هنا أن حبي للحسن والحسين عليهم السلام جعلاني أسلم عليهما عند انتهاء كل صلاة فكنت أسلم على الحسن عليه السلام عن اليمين وعلى الحسين عليه السلام عن الشمال، هاجرت إلى سويسرا وتحديداً مدينة زوريخ فتعرفت فيها علي تركماني عراقي اسمه أمير، وكان مسلماً شيعياً كان ذلك سنة ۱۹۹۱، فخضت معه حواراً حول الإسلام والتشيع، ومع ما كنت أعتقده من أفضلية علي وأهل بيته عليهم السلام، علي غيرهم، فإن مسألة استبصاري لم تأخذ وقتاً، وكان علي في كل مرة أن أتحقق من صحة الأحاديث التي كان أمير يوافيني بها، أربعة أشهركانت كافية لتحول حياتي العقائدية من صوفي متجرد عن الحياة لا يرى في الدين غير الذكر والعبادة، إلى مؤمن بتكامل الدين الخاتمي سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وفق رؤية الأئمة الأطهار عليهم السلام.
وعبر التشيع عرفت منزلة أهل البيت (عليهم السلام)، ودورهم ووظيفتهم في الدين، فاكتملت بذلك رؤيتي واستقامت فكرتي، وصح ولائي، ومن ثم انطلقت في رحلة إلى دعوة الناس إلى الحق، ألا وهو صراط آل محمد (عليهم السلام) فكانت بلدي مقدونيا الأحق في ذلك ووفقني الله الى أن يستبصر على يدي حوالي ۲۰۰ شخص، كانوا على مذهب التصوف الذي كنت أعتنقه، وفقني الله تعالى إلى حج بيته الحرام، وكانت متعة أداء تلك المناسك كبيرة بالنسبة لي، وبعد انتهائها بدأت أفكر في زيارة العتبات المقدسة، فقمت بزيارة الإمام علي بن موسى الرضا ثامن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بمشهد في الجمهورية الإسلامية في ايران في مناسبتين، وبعد زيارة أئمة البقيع عليهم السلام في الحج لم يبق لي غير الأئمة الهداة عليهم السلام في العراق.
مستمعينا الأفاضل، وقد تزامن ذلك مع تصاعد العمليات الأرهابية ضد زوار المراقد المقدسة في العراق في أواسط العقد الماضي من القرن الميلادي و لكن ذلك لم يفت من عزم الأخ المقدوني حسيب أيدين على زيارتها فزارها وجازاه الله بجميل الجزاء حيث أراه في عالم الرؤيا الصادقة ما بعث السكينة والطمأنينة في قلبه…قال الأخ حسيب:-
كان الأخوة العراقيون يحذرونني من مغبة الاقدام على الزيارة في ظل أوضاع أمنية متدهورة، لكن إصراري على تنفيذ مرادي كان أكبر من تثبيطاتهم، فقررت الزيارة ووفقني الله تعالى إليها. هذه الأيام والحمد لله، لقد صادفت في طريقي الى مراقد الكاظمية جرحى على الطريق هم ضحايا تفجير حديث، ومع ذلك واصلت الطريق، وقلت إذا نحن استسلمنا إلى الخوف وركبنا الهاجس الأمني، فمنعنا من زيارة الإمام علي عليه السلام والأئمة من ولده، فستصبح العتبات خالية من الزوار بسبب تلك الأعذار، لكن إذا اتكلنا على الله تعالى وقصدنا زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام فإن المرء لن يجد موضع إبرة بين الزوار.
ويضيف الأخ محمد المقداد التونسي نقل حكاية هذا الأخ المقدوني قائلاً:-
من كرامة الله تعالى عليه أنه خضع لعملية جراحية مستعجلة بالقلب في أول هذه السنة، وبعد أن كللت بالنجاح توقف قلبه ٤ مرات وبقي في غيبوبة ٥ أيام/ وعندما أفاق كان مبتهجا برؤية رآها وهو يصارع من أجل البقاء/ لقد رأى النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم على يمينه، والنبي عيسى على شماله والحسن والحسين وأبا الفضل العباس أمامه، وقد سطع منهم نور عظيم غمره، وكان إحساسه بأن ذلك النور هو اللطف الإلهي الذي شمله وأخذه إلى بر السلامة والنجاة، ولما حكت له زوجته ما جرى له بعد العملية ازداد يقينا بقدسية الصفوة الطاهرة عليهم أفضل صلاة وأزكى تسليم، ومقامهم عند الله تعالى واعتبر شفاءه ونجاته بفضلهم وبركتهم ومكانتهم عند الله تعالى، لقد أصر الأخ الحسيب على أن يختم كلامه قائلاً: "لبيك يا حسين".
أعزاءنا المستمعين أما الحكاية الثانية فقد كتبها الأخ محمد الرصافي المقداد تحت عنوان (هكذا تشيعت أمة الحسين).
وبعد مقدمات بشأن ملابسات تعرف هذه الأخت التونسية عليها، ذكر أنها تونسية من مواليد سنة ۱۹٥٤ متزوجة ولها عدة أولاد…وقد نقل حكايتها طبق ما كتبته له في رسالة بعثتها له ضمن قصائد مؤثرة في رثاء سيد الشهداء – عليه السلام-، قالت أختنا التونسية:-
كنت أعمل مدرسة بمدرسة من مدارس التعليم الأساسي بمحافظة مدينة قفصة الواقعة جنوب غربي الجمهورية التونسية، وهي من المدن الموغلة قدما في التاريخ الحضاري، كنت شديدة الاهتمام بعملي، حريصة كل الحرص على تقديم أقصى ما يمكنني للنشئ الذي حملت مسؤولية تعليمه وتربيته، متعاونة مع زملائي في التدريس، بانية رابطة زمالة تتعدى إطارالدرس، إلى آفاق أوسع منها…من بين الزملاء الذين يمارسون مهنة التدريس معي في نفس المدرسة، زميل على ملامحه وأعماله آثار تقوى وورع…يجيد حفظ القرآن وتلاوته، ويختزن في حافظة عقله على معلومات إسلامية كثيرة، وكان هناك مجال بين الحصص وعند الانصراف من الدروس لتجاذب أطراف الحديث وبدء الحوار حول محنة الدين وهموم طليعة الأمة…وكنت شديدة الاهتمام بما يحدثني به،…استطلع أخبارالإخوة، وأتسلم منه صحيفة الفجر.
استمر الأمر على تلك الحال مدة…وفي يوم جاءني وكان مستعجلا، وقال: سوف لن أحدثك عن شيء مما كنت أقدمه لك، ولا حتى صحيفة الفجر. سألته لماذا فلم يرد علي …وانصرف.
وتتابع الأخت التي رمزت لنفسها باسم ( أمة الحسين) نقل حكايتها وما جرى لزميلها في التدريس الذي اهتدى قبلها بالملحمة الحسينية، قالت أختنا التونسية:-
وفي يوم جاء زميلي وقد تغيرت فيه أشياء كثيرة، لعل أهمها حديثه الجديد عن سيدنا الحسين عليه السلام، وما حدث له في كربلاء، ومن أول وهلة تأثرت وأصابتني الصدمة، وطلبت منه أن يمدني بكتاب يمكنه أن يفيدني، فأعطاني كتاب الأخ الدكتور التيجاني السماوي "ثم اهتديت" وبعدها أعطاني كتاب "نهج البلاغة" لأمير المؤمنين عليه السلام، ثم ديوانه الشعري، ثم كتاب "عاشوراء" آه من عاشوراء.
كان ذلك في فترة عامي ۸۸/۸۹ والحمد لله تماديت رغم قلة المراجع في قراءة وإعادة القراءة مرات في ما نقله وطبعته من معلومات عن خصائص أهل بيت المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكانت قناعتي بأن الشيعة الإمامية الإثنى عشرية هي الخط المحمدي النشأة العلوي الحفظ للدين الخاتم، الإسلام الذي لم تدنسه أيدي الدخلاء، ولم تنجسه ضلالات الأدعياء، فآمنت بما جاء به أئمة الهدى، وتشيعت لهم، شاكرة لله تعالى على نعمته التي أنعم بها علي.
وانطلقت بعد ذلك في دعوة تلقائية لزميلاتي في التدريس ولم أتوقف عن ذلك حتى وأنا في المستشفى كنت أحدثهم عن سيد الشهداء ومحنته وعن أئمة الهدى وأهل البيت عليهم السلام وما لا قوة من الحكام والأمة، ولا زلت أدعو كل من أشعر بصفاء قلبه إلى الآن، ولم أجد صعوبة أو معارضة لمن ألقى السمع وهو شهيد فالحمد لله على ما انعم علي من مننه.
وها نحن قد وصلنا- أعزاءنا المستمعين- الى ختام حلقة أخرى من برنامج (بالحسين اهتديت) إستمعتم لها من صوت الجمهورية الاسلامية في ايران نشكركم عن جميل المتابعة والى لقاء آخر بإذن الله دمتم في رعايته سالمين.