البث المباشر

الملحمة الحسينية وإهتداء المفكر التونسي التيجاني السماوي

السبت 27 أكتوبر 2018 - 15:32 بتوقيت طهران

السلام عليكم إخوة الإيمان والولاء تحية مباركة عريضة، كعرض السماوات والأرض، نهديها لكم في بداية لقاءٍ آخر من هذا البرنامج، ونحن نستلهم درساً آخر في الهداية الإلهية من السيرة الحسينية ونتعرف الى حكاية أحد المهتدين الى الصراط الإلهي المستقيم ببركة التفاعل الوجداني مع ملحمة المظلومية الحسينية هو المفكر الإسلامي التونسي الأستاذ التيجاني السماوي... كونوا معنا.

إخوتنا الأحبّة الأعزّة... إنّ من ضرورات هداية الناس، تعريفهم بحقائق العقيدة وأصولها، وتوصيف أعلام الدّين، النبيّ وآله صلوات الله وسلامه عليه وعليهم اجمعين، لتكتمل شرائط الامتحان، ولتتكامل مساحة الاختيار، ثمّ "لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ"(سورة الأنفال٤۲)
 

وقد اقتضت رحمة الإمام الحسين عليه السلام، وحرصه على نجاة الناس وإنقاذهم من مزالق العذاب الأبديّ، أن بسط لهم مواعظه الحكيمة، ونصائحه الرحيمة، حتّى إذا وجد أحياناً صدوداً عن دعوته الإلهيّة الخيّرة، أتاهم سلام الله عليه بالتحذير والتنبيه، والترغيب والترهيب، وكان من تواضعه أن تنزّل إليهم فحاورهم، وناظرهم، وحاججهم، حتّى في أوضح الحقائق، لعلّهم يتوبون ويؤوبون، وعن غيّهم ينصرفون... .
 

كان ذلك منه صلوات الله عليه مع عوامّهم وخواصّهم، من مخالفيه ومعاديه، مع صغارهم وكبارهم، من مبغضيه ومحاربيه... وتلك، أيّها الإخوة الأكارم، كتب المناظرة والاحتجاج تزخر بمواقف الإمام أبي عبد الله الحسين وبراهينه الهادية إلى طاعة الله تبارك وتعالى، ذكر بعضاً منها: الطّبرسيّ أبو منصور أحمد بن عليّ، من علماء القرن الهجريّ السادس، في كتابه: (الاحتجاج على أهل العناد واللّجاج)، وكم اهتدى أناسٌ بتلك الاحتجاجات البيّنات، من سمعوا من الحسين أو عنه(سلام الله عليه) بالرواية، ومن قرأوها على مدى القرون السالفة، ومن سيسمعها أو يقرأها على مدى الزمان، فقد حملت الأدلّة القرآنيّة والحديثيّة النبويّة، واقترنت بالمنطق والعقل، ومخاطبة الضمائر... فكان لها، ايّها الإخوة الأفاضل، دورها التاريخيّ في هداية الأمّة، كما كانت على مدى السنين والأيّام أعلاماً شاخصةً من الحجج القاطعة، والبراهين الساطعة.
 

إخوتنا الأعزّاء الأماجد... كما كان للإمام الحسين(عليه السلام) احتجاجاتٌ ومناظراتٌ ومناقشات، كان له كذلك خطبٌ جهوريّاتٌ شامخات، بلغت أسماع جميع الأقوام، وصدعت في مسمع التاريخ، بل في مسامع الزمن الممتدّ، وقد فاه بها(سلام الله عليه) بأنفاسٍ قرآنيّةٍ زاكية، وبلاغاتٍ نبويّةٍ علويةٍ بليغةٍ نيّرة، تجلّت فيها المعاني الهادية إلى سبيل الحقّ والخير والهدى والتّقى والفضيلة... فهنئ بها أصحاب الحظوظ العظيمة بعد أن صبّروا أنفسهم قليلاً على سماعها، والتفكّر فيها، وتقبّلها بقبولٍ حسن، و شقي بها من جحدوا بها وتنكّروا لها وإن استيقنتها أنفسهم، فصمّوا آذانهم وعقولهم عنها ظالمين لأنفسهم، ومنصرفين بذلك عن سبيل الهداية والسعادة... مستكبرين مصرّين إصرارا. كتب الإمام الحسين(عليه السلام) في جوابٍ له إلى أهل مكّة قال فيه:"فلعمري ما الإمام إلاّ العامل بالكتاب، والآخذ بالقسط، والداين بالحقّ، والحابس نفسه على ذات الله".
وقبل خروجه من المدينة، قال لواليها: "إنّا أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة ومهبط الرحمة، بنا فتح الله وبنا يختم، ويزيد رجلٌ شارب الخمر، وقاتل النّفس المحترمة، معلنٌ بالفسق، ومثلي لايبايع مثله".
 

وأرسل الإمام الحسين(عليه السلام) كتاباً إلى أهل البصرة جاء فيه:"قد بعثت رسولي إليكم بهذا الكتاب، وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه، فإنّ السنّة قد أميتت، والبدعة قد أحييت، فإن تسمعوا قولي أهدكم إلى سبيل الرّشاد".
 

وكانت لسيّد شباب أهل الجنّة صلوات الله عليه خطبته في مكّة، قبيل رحيله عنها إلى كربلاء، قال فيها:"رضي الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفّينا أجور الصابرين. لن تشذّ عن رسول الله لحمته، بل هي مجموعةٌ له في حظيره القدس، تقرّ بهم عينه، وينجز بهم وعده ألا ومن كان فينا باذلاً مهجته، موطّناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا، فإنّي راحلٌ مصبحاً إن شاء الله".
 

إخوتنا الأحبّة... لقد طارت كلمات الإمام الحسين في آفاق البلاد، ففي منزل (الصّفاح) وهو في طريقة إلى كربلاء، لقي الحسين الشاعر الفرزدق، فسأله عن الناس، فقال الفرزدق: قلوبهم معك، وسيوفهم مع بني أميّة، والقضاء ينزل من السماء، فقال له أبو عبد الله الحسين:"صدقت، لله الأمر، والله يفعل ما يشاء، وكلّ يومٍ ربّنا في شأن، إن نزل القضاء بما نحبّ فنحمد الله على نعمائه، وهوالمستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يعتدّ من كان الحقّ نيّته، والتقوى سريرته".
 

وبهذه الروح الإلهية تابع سيد الشهداء- صلوات الله عليه- مسيرته الى كربلاء حيث سطر ملحمة مظلوميته الكبرى... هذه الملحمة التي كشفت المنافقين وغاصبي خلافة الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) وبالتالي أصبحت مناراً يهتدي به طلاب الحقيقة الى

الدين الحق وأهله على مدى العصور والأجيال....
ومن هؤلاء المفكرالإسلامي التونسي الإستاذ التيجاني السماوي....
 

وهنا ننقل لكم ما قاله عن إهتدائه بالحسين(عليه السلام) تابعونا مشكورين.
 

في كتابه الشهير(ثم إهتديت) يحكي لنا الأستاذ التيجاني جانباً من قصة إهتدائه قائلاً: جاء صديقي منعم وسافرنا الى كربلاء، وهناك عشنا محنة سيدنا الحسين كما يعيشها شيعته، وعلمت وقتئذٍ بأن سيدنا الحسين لم يمت، فالناس يتزاحمون حول ضريحه كالفراشات، ويبكون بحرقة ولهفة لم أشهد لها مثيلاً، فكأن الحسين إستشهد الآن وسمعت الخطباء هناك يثيرون شعور الناس بسردهم لحادثة كربلاء في نوحٍ ونحيب ولايكاد السامع لهم أن يمسك نفسه ويتماسك حتى ينهار....
 

فقد بكيت وبكيت وأطلقت لنفسي عنانها وكأنها كانت مكبوتة... وأحسست براحةٍ نفسية كبيرة ما كنت أعرفها قبل ذلك اليوم، وكأني كنت في صفوف أعداء الحسين وإنقلبت فجأة الى أصحابه وأتباعه الذين يفدونه بأرواحهم...
 

ونبقى أيها الأخوة والأخوات مع المفكر الإسلامي التونسي الأستاذ التيجاني السماوي وهو ينقل لنا في كتابه(ثم إهتديت) جانباً آخرمن حكاية إهتدائه وهو يعيش أيام ذكرى واقعة عاشوراء الملحمية، قال(حفظه الله): كان الخطيب يستعرض قصة الحر، وهو أحد القادة المكلفين بقتال الحسين، ولكنه وقف في المعركة يرتعش كالسعفة، ولما سأله بعض أصحابه: أخائف أنت من الموت؟
 

أجابه الحر: لا والله، ولكنني أخيّرنفسي بين الجنّة والنار، ثم همز جواده وإنطلق الى الحسين قائلاً: هل من توبة يابن رسول الله؟
 

ولم أتمالك عند سماع هذا القول أن سقطت على الأرض باكياً وكأني أمثّل دور الحر و أطلب من الحسين مردداً: هل من توبة يابن رسول الله؟ سامحني يابن رسول الله وكان صوت الخطيب مؤثراً وإرتفعت اصوات الناس بالبكاء والنحيب عند ذلك سمع صديقي صياحي وإنكب عليّ معانقاً باكياً وضمني الى صدره- كما تضم الأم ولدها- وهو يردد يا حسين، يا حسين....
 

كانت دقائق ولحظات عرفت فيها البكاء الحقيقي وأحسست وكأن دموعي غسلت قلبي وكل جسدي من الداخل...).
 

هذه الكلمات المؤثرة نقلناها لكم من كتاب(ثم إهتديت) عن قصة إهتداء المفكر الإسلامي التونسي التيجاني السماوي للمذهب الحق ببركة تعرفه على الملحمة الحسينية، وبها نختم لقاء اليوم من برنامجكم(بالحسين إهتديت) شكراً لكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة