البث المباشر

الإهتداء تأثرا بالمظلومية الحسينية

الأربعاء 24 أكتوبر 2018 - 14:47 بتوقيت طهران

السلام عليكم مستمعينا الأعزاء، على بركة الله نلتقيكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج ننقل لكم فيها روايات عن بعض الذين اهتدوا إلى الدين الحق أو أعرضوا عن الظلم تأثرا بالمظلومية الحسينية مع إشارات عامة إلى تحول هذه المظلومية المفجعة إلى منار هداية إلى الدين الحق.. كونوا معنا.

الله أي دم في كربلا سفكا

لم يجر في الأرض حتى أوقف الفلكا

لقد تحكم في الإسلام طاغية

يمسي ويصبح بالفحشاء منهمكا

فأصبح الدين منه يشتكي سقما

وما إلى أحد غير الحسين شكا

فما رأى السبط للدين الحنيف شفا

إلا إذا دمه في كربلا سفكا

بقتله فاح للإسلام نشر هدى

فكلما ذكروه المسلمون ذكا


إخوتنا وأعزتنا المؤمنين الأفاضل.. عاش أعداء النبي وأعداء أهل بيته، واهمين، قد أطبق الغباء على عقولهم، كما ران على قلوبهم، ذلك لأنهم أرادوا إطفاء نور الله جل وعلا، ومبارزة القدرة الإلهية العظمى، فحاولوا عاجزين خائبين، وهم يظنون أنهم سينالون أمانيهم الشيطانية الخبيثة من خلال قتل أبدان الأولياء والتمثيل بها!

وقد تواصوا فيما بينهم على إبادة أهل بيت الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.. بالسيوف والرماح والنبال، وكذا بالسموم، بعد النفي والإبعاد والتشريد والحبوس والتضييق والإقامات الجبرية.. لكن ال رسول الله – أيها الإخوة الأكارم – ما يزالون هم الأبقى، ذلك لأنهم صلوات الله عليهم متصلون بالله القوة الأزلية.. وقد كتب الله تبارك وتعالى لهم الخلود، وجعلهم منارا للهداية.


ولقد كانت واقعة كربلاء.. وكانت الفاجعة العظمى يوم عاشوراء، فتوهم الطغاة المجرمون أن الأمر قد تسنى لهم، وأن الذين كانوا يخشونهم قد طواهم التاريخ! وإذا بالحسين الشهيد، وكأنه قد ولد من جديد، بل ولد مرة أخرى ولادة أعظم وأعلى وأكبر، فأخذ وجوده القدسي يهز الدنيا من جميع أرجائها.

وإذا بقبر الحسين المظلوم، يشيد مرارا، رغم عشرات المحاولات التي توالت عليه بالتخريب والتهديم ومنع محبيه ومريديه عن زيارته، لكن القبر المطهر عمر مرارا، حتى قام للحسين سلام الله عليه حرم وحريم، ومقام وضريح، وإذا بالملايين يتجهون نحو مرقده المبارك، بل الملايين على مدى القرون، يزورونه كل يوم أفواجا، ويتوافدون عليه أجيالا، وعنده تذرف دموع الأشواق والولاء، وتسكب عبرات الحزن والعزاء، وتعقد القلوب على عهد الولاية، وتتلو الصدور وتدعو وتعبد الله تبارك وتعالى في ذلك الرحاب القدسي، في الحرم الطاهر الإلهي، ثم يعود الناس منه وقد غنموا إيمانا وتقوى، ونورا وهدى!
أجل أيها الإخوة الأعزة، وما يزال التاريخ يحتفظ بتلك الكلمة النورانية للعقيلة المكرمة زينب صلوات الله عليها، حيث قالت لابن أخيها الإمام علي بن الحسين عليهما السلام وقد رأته يجود بنفسه حين رأى مشهد الشهداء مطرحين على رمضاء كربلاء.. قالت له: (والله إن هذا لعهد من الله إلى جدك وأبيك، ولقد أخذ الله ميثاق أناس لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض، وهم معروفون في أهل السموات أنهم يجمعون هذه الأعضاء المقطعة، والجسوم المضرجة، فيوارونها، وينصبون بهذا الطف علما لقبر أبيك سيد الشهداء لا يدرس أثره، ولا يمحى رسمه على كرور الليالي والأيام، وليجهدن أئمة الكفر وأشياع الضلال في محوه وتطميسه، فلا يزداد إلا علوا).
 

أجل.. كان القبر أثرا، ثم أصبح منارا، وهلك قتلة الحسين شر هلاك، وبقي سيد الشهداء أبوعبدالله الحسين وما يزال على مدى هذه العقود من الزمن الممتد.. يكرم المسلمين بنفحاته القدسية الزكية، يستقبل وفودا أفواجا، وهو يمنحهم تلك المعاني الشريفة، والأخلاق النبيلة، والمعجزات والرؤى الصادقة، والكرامات الجليلة، لتكون أسباب ثبات ورحمة وهداية.


وها هو الإمام الحسين سلام الله عليه على مدى التاريخ.. يجذب إليه القلوب والأرواح، والعقول والضمائر، والنفوس والأبدان، فإذا بالثورات الجهادية، والانتفاضات الأبية، تتفجر في أرجاء البلدان حتى تقوض عروش الجبابرة المتسلطين، وإذا بالوعي ينتشر في كل مكان، وعلى مدى كل زمان، في أرجاء المسلمين وغير المسلمين، وإذا بالناس يؤوبون إلى دينهم ببركة الإمام الحسين عليه السلام، ويفيقون من غفلتهم، ويتوبون إلى بارئهم، بفضل سيرة الإمام الحسين عليه السلام، ومظلوميته التي زعزعت السلطة الأموية، فهزت ضمير معاوية الثاني ابن يزيد، حيث خلع نفسه عن الخلافة، ونكل في خطبة بليغة بأسرته، وتظلم لأهل البيت قائلا آسفا على الحسين وآل الحسين: "ثم انتقلت الخلافة إلى يزيد أبي، فتقلد أمركم لهوى كان أبوه فيه.. ولقد كان أبي يزيد - بسوء فعله، وإسرافه على نفسه - غير خليق بالخلافة على أمة محمد صلى الله عليه وآله، فركب هواه، واستحسن خطاه، وأقدم على ما أقدم: من جرأته على الله، وبغيه على من استحل حرمته من أولاد رسول الله! فقلت مدته، وانقطع أثره، وضاجع عمله، وصار حليف حفرته، رهين خطيئته، وبقيت أوزاره وتبعاته!".
 

نعم مستمعينا الأكارم، لقد أنقذت مظلومية سيد الشهداء _عليه السلام_ معاوية ابن الطاغية يزيد من أن يسقط في المستنقع الظلماني الذي غرق ابوه وجده، فتخلى عن الخلافة التي غصبها بنوأمية وجنب نفسه أن يتحمل أوزارها بعد الذي رآه من جرائم بشعة ارتكبها من أجلها ابواه يزيد ومعاوية وسائر عتاة بني أمية الشجرة الملعونة في القرآن الكريم..
جرائم لا نظير لها في التاريخ الإنساني ارتكبوها ضد أقدس الخلق وأنزههم وأرأفهم بالخلق، فهم آل رسول - صلى الله عليه وآله -، وهذا مما يزيد في عمق الظلامة والمظلومية التي سجلها التأريخ الإنساني للعترة المحمدية وفي ملحمة كربلاء خاصة.
من هنا، أعلن معاوية الثاني جهارا أن أباه وجده قد غصبا الخلافة، ولذلك فإنه غير جدير بها وأن من يستحقها هو الإمام زين العابدين خليفة الحسين _عليهما السلام_. وقد أغضب موقفه هذا عتاة بني أمية فقتلوه مغدورا.


وإستمرت أيها الاخوة والأخوات آثار المظلومية الحسينية في هداية الخلق الى الدين الحق، تهدي كل حين باذن ربها من شاء الهداية وطلبها، وهم كثيرون في كل عصر..
وممن اهتدى بها في عصرنا الحاضر، المسيحي الألماني (كلاس لانلرك)، وهو من مواليد مدينة (مولهايم) بألمانيا، وطبق ما ورد في موقع مركز الأبحاث العقائدية الإسلامية على شبكة الإنترنت، فإن (كلاس) نشأ في اسرة مسيحية غير متدينة كانت تحفزه على الإبتعاد عن الدين وكانت تحاول أن تبعده عن الإعتقاد بوجود الله أساسا وذلك عن طريق إلقاء الشبهات في ذهنه.


ثم كان أن زار (كلاس) إيران مع اثنين من أصدقائه أيام دراسته الجامعية، فالتقى فيها بعدد من علماء مدرسة أهل البيت _عليهم السلام_، ووجد الفرصة مناسبة لطرح ما علق بذهنه من شبهات عن الدين، وحصل على الأجوبة... ولما سمع عن ملحمة سيد الشهداء _عليه السلام_ تأثر كثيرا واندفع للبحث حتى أيقن بأحقية الدين الإسلامي وصحة معتقداته.. فأعلن إسلامه ثم غير اسمه وسمى نفسه (حسين) لعظيم تأثره بمظلومية سيد الشهداء - عليه السلام – في واقعة كربلاء.


وإلى هنا ينتهي ايها الاعزاء لقاء اليوم من برنامج (بالحسين اهتديت) قدمناه لكم من صوت الجمهورية الإسلامية في إيران. نشكر لكم جميل المتابعة ودمتم في رعاية الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة