البث المباشر

المهتدون بالعبادة الحسينية

الأحد 21 أكتوبر 2018 - 18:51 بتوقيت طهران

السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات …أهلاً بكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج وحديثاً عن العبادة الحسينية الخالصة لوجه الله وعظيم آثرها في الإنقاذ من الظلمات والهداية الى أنوار القرب الإلهي...

في هذا اللقاء يأتي ذكر طائفة من الذين إهتدوا بالحسين الى الله في ليلة عاشوراء وتقلدوا ببركة العبادة الحسينية وسام الشهادة بل ووسام الأنصار الذين ما عرف التأريخ أوفى منهم لله ولرسوله، صلى الله عليه وآله....


أيّها الإخوة الأعزّة... العبادة إرثٌ إلهيٌّ في بيوت الأنبياء والأوصياء، حيث أذن الله تبارك وتعالى أن ترفع تلك البيوت ويذكر فيها اسمه المبارك جلّ وعلا. وأشرف تلك البيوت وأقدسها وأعبدها بيت النبيّ المصطفى محمّدٍ، صلّ الله عليه وآله، ذلك بيت الوحي والرسالة، وبيت الطهارة والعبادة، وفي ذلك البيت درج عليٌّ وفاطمة، ثمّ الحسن والحسين، وزينب وأمّ كلثوم، ومن بعدهم ذريّة الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين...

وقد كانت العبادة تشعّ من شخص أبي عبد الله نوراً إلهيّاً إلى الإيمان والتقوى، وتنتشر عبقاً ربّانيّاً إلى حبّ الله وطاعته، فكم وكم اهتدى من رأى الحسين وهو يصلّي ويحجّ ويدعو، فرّقت القلوب وجنحت الأرواح إلى بارئها بالشوق والعبادة، وكيف لا والحسين يسمع في عرفات يتلو ذلك الدعاء المتصاعد يخرق الحجب ويحيّر الألباب، فتضطرب له السماوات والملائكة إعجاباً، وهو يقول: "يا مولاي، أنت الذي مننت، أنت الذي أنعمت، أنت الذي أحسنت، أنت الذي أجملت، أنت الذي أفضلت، أنت الذي أكملت... أنت الذي وفّقت... أنت الذي آويت، أنت الذي كفيت، أنت الذي هديت، أنت الذي عصمت، أنت الذي سترت، أنت الذي غفرت...".
نعم- أيّها الإخوة الأكارم، إنّ حياة الإمام الحسين عليه السلام كانت كلّها عباداتٍ وطاعات، وكانت أسوةً حسنةً هاديةً للناس، كانت ذات تأثيرٍ روحيٍّ بيّنٍ على الأجيال، لأنّ الحسين سلام الله عليه وجودٌ قدسيٌّ عباديّ، يهدي إلى الحقّ وإلى صراطٍ مستقيم.


وقد علّم الناس كيف يخافون الله واليوم الآخر، وكيف يطيعون الله ولايعصونه، بل وكيف يؤوبون، ويتوبون، ويهتدون...


وقد رأوه صلوات الله عليه يرتعد من خشية الله، فسئل تعجّباً من حاله: ما أعظم خوفك من ربّك! فأجابهم: "لايأمن يوم القيامة إلاّ من خاف الله في الدنيا"... واشتهر حاله بكثرة الصلاة والصيام والحجّ، حتّى حجّ خمساً وعشرين حجّةً ماشياً، كما اشتهر حاله بالخشوع لله تعالى والخضوع والرقّة.
 

قال شريح: دخلت مسجد النبيّ، فإذا الحسين بن عليٍّ فيه ساجدٌ يعفّر خدّه في التراب وهو يقول: "سيّدي ومولاي، ألمقامع الحديد خلقت أعضائي؟ أم لشرب الحميم خلقت أمعائي؟! إلهي إن طالبتني بذنوبي لأطالبنّك بكرمك، ولئن حبستني مع الخاطئين لأخبرنّهم بحبّي لك. سيّدي، إنّ طاعتي لاتنفعك، ومعصيتي لاتضرّك، فهب لي ما لاينفعك، واغفر لي ما لايضرّك، فإنّك أرحم الراحمين".
إنّ العبادة الحسينيّة الخالصة المخلصة، أوحت إلى الناس أنّ صاحبها وليٌّ من أولياء الله جلّ وعلا، وليس من طلاب الدنيا أو الطامعين في شيءٍ منها، حاشاه سلام الله عليه، بل هو رجل خيرٍ وحقّ، داعٍ إلى الله، وطالبٌ مرضاة الله، وساعٍ في نجاة عباد الله، ومن هنا عرفه العقلاء واهتدوا بهداه وهم يقرؤون في محيّاه الصدق والإيمان، وحالات الشّغف بحبّ الله وطاعته.

فيوم تاسوعاء، وقد عزم أعداؤه على قتله وقتل أهل بيته وأصحابه بأمرٍ من عبيد الله بن زياد، أرسل أخاه العبّاس عليه السلام إليهم قائلاً له: "إرجع إليهم واستمهلهم هذه العشيّة إلى غدٍ لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أنّي أحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه، وكثرة الدعاء والاستغفار".
وكان ذلك نبراساً على مدى التاريخ، أنّ الحسين كان في كلّ أحواله في طاعةٍ منقطعةٍ لله جلّ وعلا، كما كان ذلك حجّةً على الناس جميعاً، فمنهم من ضلّ ومنهم من اهتدى، والكلّ محجوجٌ لا عذر له إلاّ في نصرة الحسين العابد لله وحده.


ولمّا استمهلهم العبّاس سلام الله عليه توقّف عمر بن سعدٍ متحيّراً، فسأل أصحابه، فقال له عمرو بن الحجّاج: سبحان الله لو كانوا من الدّيلم وسألوك هذا لكان ينبغي لك أن تجيبهم إليه.

وقال قيس بن الأشعث: لعمري ليستقبلك بالقتال غدوةً! فقال ابن سعد مقرّاً: والله لو أعلم أنّه يفعل ما أخّرتهم العشيّة. ثمّ بعث إلى الحسين: إنّا أجّلناكم إلى غد، وإن استسلمتم سرّحنا بكم إلى ابن زياد، وإن أبيتم فلسنا تاركيكم!…وبات ابن سعدٍ وأصحابه في أوهامهم وأضاليلهم وتضليلاتهم، وأحيا الحسين وأصحابه تلك الليلة بالعبادة الزاكية:
قال أبو الفداء: وكان الحسين وأصحابه(ليلة عاشوراء) يصلّون الليل كلّه ويدعون.

وقال الشيخ المفيد: فقام الليل كلّه يصلّي ويستغفر، ويدعو ويتضرّع، وقام أصحابه كذلك يصلّون ويدعون ويستغفرون. وكتب السيّد ابن طاووس: وبات الحسين وأصحابه تلك الليلة(ليلة عاشوراء) ولهم دويٌّ كدويّ النّحل، ما بين راكعٍ وساجد، وقائمٍ وقاعد.


هكذا- إخوتنا الأحبّة- كانوا على حالٍ من النشاط في عبادة ربّهم، وهم على هدىً وبصيرةٍ وسرور، حتّى خرج حبيب بن مظاهر يضحك، فقيل له: ما هذه ساعة ضحك! فقال: وأيّ موضعٍ أحقّ بالسرور من هذا؟! ما هو إلاّ أن يميل علينا هؤلاء بأسيافهم، فنعانق الحور. وقد سمع الحسين تلك الليلة وهو يتلو قوله تعالى: "وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ* مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ"، (سورة آل عمران: ۱۷۹- ۱۸۰). وفي هذا الجوّ الرّوحانيّ الحسينيّ، وفي تلك الليلة العاشورائيّة الرهيبة المهيبة، إنضاف من عسكر ابن سعد إلى أصحاب الحسين اثنان وثلاثون رجلا، حيث رأوا الحسين وأصحابه على حالٍ من الابتهال والتهجّد والطاعة، والخشوع لله تعالى، فأنضمّوا إلى الحقّ حتّى قاتلوا، واستشهدوا، ولسان حالهم يقول: لقد اهتدينا بالحسين.
تحدث آية الله الشيخ حبيب الله الشريف الكاشاني في كتابه القيم(تذكرة الشهداء) عن حال هؤلاء المهتدون بالحسين(عليه السلام) في ليلة عاشوراء فقال رضوان الله عليه:
"بات الحسين عليه السلام وأصحابه في ليلة عاشوراء ولهم دويٌ كدوي النحل ما بين راكعٍ وساجد وقائم وقاعد(يتلو القرآن)، فعبر إليهم من عسكر عمر بن سعد إثنان وثلاثون رجلاً، كانوا قد قيل لهم إن الحسين وأصحابه خرجوا من الدين، فلما سمعوا دوي عبادتهم وصلاتهم علموا أن الدين الحق في معسكرالحسين، وأنه(عليه السلام) وأصحابه معدن الإيمان".
 

نشكر لكم أيها الأخوة والأخوات مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامج(بالحسين إهتديت)، لكم منا خالص الدعوات ودمتم في رعاية الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة