ضيوف البرنامج عبر الهاتف: سماحة الشيخ باقر الصادقي الباحث الأسلامي من قم المقدسة والأستاذة آيات نور الدين الباحثة الاجتماعية من لبنان
المحاور: نرحب بكم مستمعينا الكرام واهلاً وسهلاً في برنامجكم الأسبوعي من الواقع الذي نقدمه من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران. موضوع حلقة اليوم اعزائي سيكون عن حالة من الحالات التي حذّرت منها التعاليم الدينية ونبّهت الإنسان من السقوط في فخّها، هذه الحالة هي الحقد والكراهية وكما عوّدناكم في حلقات البرنامج السابقة سنكون بصحبة ضيفين كريمين من ضيوفنا الأعزاء لمناقشة أسباب الحقد والكراهية عند الإنسان وماهي سُبل التخلص منها. اذن لنستمع اولاً الى قصة كريمة والمشاكل التي تخلقها سواء لأخواتها في البيت او لزميلاتها في العمل ومن ثم نكمل وإياكم حلقة البرنامج.
مستمعينا الأعزاء كريمة كبرى أخواتها الثلاث، أختها ميادة طالبة في مرحلة الإعدادية وسعاد طالبة في مرحلة الكلية أما بتول فموظفة تعمل في أحدى الدوائر الحكومية. كانت العلاقة السائدة بين الأخوات الثلاث جيدة جداً إلاّ كريمة فقد كانت تعيش حياتها لوحدها بعيدة عن أخواتها لاتُشاركهن في حديث ولافي تنظيف البيت ولا في أي عمل آخر يتطلب مشاركة الكل والسبب في ذلك أن كريمة كانت غير مرغوبة من قبل الآخرين او هكذا كانت تشعر خاصة مايتعلق بالزواج لأنها تعرضت وهي طفلة صغيرة الى حادث أليم أدى الى تشوه خلقها خاصة وجهها ولما فشل الأبوان في معالجة تلك التشوهات حتى عند أفضل الأطباء تركت بعضها، كانت بسيطة بادئ الأمر لكن المشكلة كبرت وكبرت حتى أصبحت عقدة نفسية طالما أثرت على تصرفات كريمة وأخلاقها كثيراً ولما شاء القدر أن يتوفى الأبوين برزت حالة كريمة على حقيقتها بشكل مُلفت للنظر. من ذلك الحين صارت تمارس حقدها وكراهيتها تجاه الجميع وعلى وجه الخصوص أخواتها.
في يوم كانت كريمة في البيت تشاهد التلفزيون وبجانبها أختها سعاد فجأة طُرق الباب، لم تنهض سعاد لفتح الباب خوفاً من أختها كريم. قالت لها كريمة بعصبية: ألم تسمعي الطرقات على الباب؟ هيا إنهضي بسرعة. نهضت سعاد وفتحت الباب فإذا بأختها بتول تدخل وبشائر الفرحة مرتسمة على وجهها وهي تُنشد وتقول: ما احلى هذا اليوم، ما أجمله، ياألهي، كم أشكرك، كم أنت كريم يارب، هذا حتماً من دعوات امي وأبي. إمتعضت كريمة من هذا المشهد وحاولت أن توقف أختها عن التعبير عن فرحتها، فقال لها: ما بك؟ ماذا أصابك؟ هل جُننت؟ إنهدشت بتول وأجابتها: لا يا أختي العزيزة أنا لست بمجنونة إنما ستأتي اليوم عائلة السيد صلاح لطلب يدي لأبنهم أمير. لما سمعت كريمة بالخبر أصابها الإرتباك وظهرت عليها ملامح الحقد والكراهية وقالت: ومتى سيأتون؟ أجابتها بتول: كلها ساعة ليس أكثر وسيحل الضيوف في بيتنا. هنا قالت كريمة لأختها: وما الذي أعجبهم فيك؟ أنت لست أجمل من سعاد ثم اني لاأصدق أنهم سيأتون اليوم! تعجبت بتول وقالت لأختها: كنت أظن إنك تفرحين ليوم خطبتي لكن الحقد أعماك فلم يجد الخير طريقه الى قلبك. لم تهتم كريمة لما قالته اختها بتول بل إستمرت في حديثها قائلة: على كل حال يجب أن أوافق انا على الشاب إن كان يُلائمك أم لا، ألست أنا المسؤولة عنكن؟
عندما سمعت بتول ما قالته اختها كريمة غضبت كثيراً ورفضت أن يكون مستقبلها ومصيرها بيد أختها وإن كانت هي الأخت الكبرى فذلك لايعني أن تتحكم بمصير أخواتها لذلك قالت بتول: أنت مخطئة لأنك إنسانة مُعقدة ولاتحبين أن تكوني أختنا الكبرى، تشعرين بالإنعزال وكأنك لست واحدة منا رغم أننا نحبك ونحترمك كثيراً لكنك دوماً تحبين أن تفرضي سيطرتك علينا وهذا ما لانسمح به أبداً. تفاجئت كريمة من قول اختها لأنها ماتعودت أن تسمع مثله أبداً لهذا فقد غضبت هي الأخرى بوجه أختها محاولة تبرير موقفها ولما إشتد الشجار بين الأختين إستغلت كريمة حالة العصبية عند اختها وراحت هي الأخرى تتشاجر معها بكل عنف حتى تأزم الموقف كثيراً وتدخّل الجيران بعد سماعهم صوت بتول وكريمة الذي كان مرتفعاً كثيراً. تعمّدت كريمة بإستمرار الشجار حتى وصلت عائلة صلاح فكان مشهد الأختين والشجار المندلع بينهما مثيراً للدهشة والإستغراب فما كان من السيد صلاح إلاّ أن قرر العودة بعائلته دون أن يُفكّر بالدخول الى بيت الفتاة التي أراد أن يطلبها لأبنه وهكذا إستطاعت كريمة أن تخلق مشكلة كبيرة تسببت على أثرها بأن تُعرقل زواج أختها.
المحاور: أعزائي بعد أن إستمعتم الى قصة كريمة عرفتم أن كراهيتها لأخواتها وحقدها عليهن قد جلبت المشاكل الى البيت وتسبب في عرقلة زواج اختها بتول.
المحاور: بهذا أيها الأفاضل نتوجه الى ضيفنا الكريم سماحة الشيخ باقر الصادقي الباحث الإسلامي من قم المقدسة لسؤاله عما جاء في الإسلام من دعوات توصي بالحب والألفة بين الأخوة والأخوات وعدم الحقد والكراهية فلنستمع اليه.
الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين
ورد في الروايات الكثيرة عن اهل بيت العصمة والطهارة والتي تحث المؤمنين على ضرورة الألفة والتآلف والتحابب بين الناس "خيركم من يَألف ويُألف" وروي عن الأمام الصادق عليه السلام كان يقول "إتقوا الله ولاتحملوا الناس على أكتافكم، إن الله يقول في كتابه وقولوا للناس حسناً، وعودوا مرضاهم وإشهدوا جنائزهم وصلوا معهم في مساجدهم" إذن الامام سلام الله عليه يريد من الانسان المؤمن أن يكون أليفاً، أن يتخلق بالأخلاق الحسنة، أن يتحبب الى الناس "عاشروا الناس معاشرة، إن عشتهم حنوا اليكم وإن متم بكوا عليكم" يعني نتيجة الأخلاق الحسنة فيكون محبوباً عند الناس، إذا عاش مع الناس يحنون اليه وإذا إفتقدوه يبكون عليه. وهناك نصوص كثيرة في هذا المضمار التي تحث على ضرورة التخلق بالأخلاق الحسنة والقول الحسن والتحابب بين الناس. الحب في الله والبغض في الله من جملة علائم الإيمان وهناك تأكيد في الروايات على هذا الجانب. وفقنا الله وإياكم على أن نكون ممن يَألف ويُألف وممن يحب الناس في الله ويبغض في الله والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
المحاور: بعد أن إستمعنا سوية الى ماقاله ضيفنا الكريم الشيخ باقر الصادقي الباحث الإسلامي من مدينة قم المقدسة نتوجه الآن الى الأستاذة آيات نور الدين الباحثة الإجتماعية من لبنان لسؤالها عن أسباب تولد الحقد والكراهية عند كريمة وهل كانت تصرفاتها طبيعية نتيجة شعورها بالنقص في جمالها مثلاً وإحساسها كذلك أنه قد لايتقدم اليها أحد وماهي النصائح والحلول في هذه الحالة لمن يعيش ويتعامل مع أنماط مماثلة لكريمة؟ لنستمع اليها.
نور الدين: بسم الله الرحمن الرحيم
طبعاً عندما نتحدث عن تشوه خلقي في الشكل عند الانسان هذا يولد آثار نفسية سلبية تلقائياً فكيف الامر اذا تحدثنا عن فتاة يضاعف ارتباطها بالشكل وبالجمال في فرصها مع الاخر، في فرصها وعلاقاتها مع الاخرين ونحن نتحدث عن مجتمع يكون فيه مسئلة الجمال والشكل الخارجي معيار اساس في مسئلة الزواج ومسئلة الزواج تعتبر مسئلة مهمة وذات اهمية محورية عند الفتاة في المجتمعات الشرقية لاسيما عندما نتحدث عن بعض المجتمعات التي لاتعطي قيمة للفتاة الا عندما تتزوج، كل هذه الاسباب يجعل من وجود عقدة نفسية ناتجة عن الشكل الخارجي، عن تشوه خلقي وعن تشوه في الشكل الخارجي امر متوقع. هنا نتحدث عن جهد يجب أن يبذل لتفادي هذه الاثار السلبية النفسية وتنامي الحقد والكراهية لأن الحقد والكراهية فعلاً هو ناتج عن ما تعتقده الفتاة من صورتها التي تعتقد بأنها تصل للاخرين وبين تقييم الاخرين التي تعتقد الفتاة أنه ناتج عن هذه الصورة وفي المسئلتين هناك اعتقاد، يعني تعتقد أن الصورة هي هكذا تصل وقد تكون هذه المسئلة مضاعفة يعني قد يكون التشوه الفعلي اقل مما تعتقد بأنه يصل للاخرين من الشتوه وتقييم قد يكون اقل سلبية مما هو حاصل فعلاً لذلك المشكلة الفعلية هي في علاقتها مع ذاتها ومن هنا بالفعل يجب أن تمر هذه العلاقة مع ذاتها من خلال الرجوع الى الاختصاصيين بمراحل ليحاولوا أن يفرغوا هذه الذات من التشوه الذي لصق بها، ليس التشوه المادي إنما التشوه المعنوي الذي تختزنه الفتاة فنحن نتحدث عن امرين مهمين جداً يجب أن تمر بهما هذه الفتاة، المسئلة الاولى هي الرجوع الى الاختصاصي ليواكبها والمسئلة الثانية هي مسئلة العلاقة الروحية لها آثار إيجابية كبيرة جداً وعميقة جداً لأنه فعلاً هو الجدار الذي يستند اليه في العلاقة مع الذات وفي العلاقة مع الاخرين لذلك من المهم جداً المرور بهذه الامور وإلا كان الثمن ليس لصالح هذه الفتاة لأن كل يوم يمر وكل علاقة مع الاخر هو يضاعف ويزيد عقدة الى جانب عقدها إن لم نغوص الى داخل هذه الفتاة التي تحمل الكثير من الاثار السلبية منذ الطفولة.
المحاور: في ختام حلقة اليوم نشكر لكم مستمعينا حسن إصغاءكم الى برنامج من الواقع الذي قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران كما نشكر لضيفينا الكريمين حسن المشاركة، الى اللقاء والسلام عليكم.