بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على ترجمان وحيه الأكرم محمد رسوله الأعظم وآله الهداة الى الصراط الأقوم.
- السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله.
- تحية من الله مباركة طيبة نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج.
- أيها الأفاضل، عباد الرحمان هم أصحاب أعلى مراتب المؤمنين وقد جعلهم الله أسوة وإماماً للمتقين.
- هذا ما هدتنا إليه الآيات الأخيرة من سورة الفرقان المباركة وعرفتنا بصفات عباد الرحمان لكي ترغبنا في السير على خطاهم والسعي للتحلي بصفاتهم وبالتالي الفوز بسعادات المقربين.
- وقد تناولنا في حلقات سابقة من هذا البرنامج تلكم الصفات السامية ونستكمل في هذا اللقاء الحديث عنها، فتابعونا على بركة الله.
- أيها الأعزاء ننصت خاشعين للآيات الكريمة التي تبينن بقية صفات عباد الرحمان وعاقبتهم الحسنى حيث يقول الله أصدق القائلين:
"وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً{۷۲} وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً{۷۳} وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً{۷٤} أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً{۷٥} خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً{۷٦}
- صدق الله العلي العظيم، وكما تلاحظون فإن الصفة الأخرى من صفات عباد الرحمان التي يذكرها هذا النص القرآني المبارك في أول آياته هي أنهم لا يشهدون الزور.
- وفيها إشارة الى صدقهم في تعاملهم مع شؤون الحياة ومنها النموذج الذي ذكرته الآية الكريمة، أي الشهادة القضائية، وقد خصت بالذكر لأهميتها ولشديد أثرها في حفظ حقوق الناس.
- من هنا نعرف أن عباد الرحمان يتحلون بالصدق في معاملاتهم بما يحفظ للناس حقوقهم، ويتورعون عن الزور والكذب بجميع مصاديقهم.
- أيها الإخوة والأخوات والصفة الأخرى لعباد الرحمان هي أنهم يكرمون أنفسهم عن اللغو والعبث وغير ذلك من أفعال الغافلين، فهم لا يضيعون عمرهم النفيس فيما لا فائدة منه فضلاً عن الباطل.
- روي في كتاب الكافي عن أبي أيوب الخزاز قال: نزلنا المدينة، فأتينا أباعبدالله الصادق – عليه السلام – فقال لنا: أين نزلتم؟ قلنا على فلان صاحب القيان – أي الجواري المغنيات – فقال عليه السلام: كونوا كراما.
- قال أبو أيوب: فوالله ما علمنا ما أراد به، وظننا أنه يقول: تفضلوا عليه، فعدنا إليه، فقلنا: إنا لا ندري ما أردت بقولك "كونوا كراما" فقال عليه السلام: أما سمعتم قول الله عزوجل في كتابه "وإذا مروا باللغو مروا كراما".
- والصفة الأخرى التي يذكرها هذا النص القرآني لعباد الرحمان هي أنهم يديمون التفكر في آيات الله مستمدين منها البصيرة واليقين.
- فهم يسعون لرؤية رحمة الله وحكمته وحسن تدبيره وجميل صنعه في كل ما يرونه من آيات الله في أنفسهم وفي الآفاق، فيترسخ إيمانهم بأن الله هو الحق.
- روي في كتاب الكافي بسنده عن أبي بصير قال: سألت أباعبدالله الصادق عن قول الله عزوجل "والذين إذا ذكروا بآيات الله لم يمروا عليها صماً وعميانا".
- فقال عليه السلام: [يتلقونها] مستبصرين ليسوا بشكاك.
- مستمعينا الأفاضل، والصفة الأخرى لعباد الرحمان هي أنهم يستعينون بالله تبارك وتعالى لتربية أهليهم تربية إلهية تجعلهم قرة أعين لهم، فيأمرونهم بالصلاة والصلاح.
- أما الصفة الأخيرة التي يذكرها هذا النص المبارك لعباد الرحمان، فهي أنهم يديمون الإستعانة بالله عزوجل لكي يكونوا للمتقين إماماً.
- والمراد أن يكونوا أسوة وقدوة للمتقين بأعمالهم وأقوالهم ودعاة لله بسيرتهم، فيدعونهم عزوجل لأن يعصمهم من كل ذنب ويوفقهم لكل طاعة فيقتدي بهم المتقون.
- وهذا ما وفق الله عزوجل له وبأعلى مراتبه محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله، فكانوا للمتقين إماماً على نحو الإطلاق وبأتم صور الإمامة؛ سباقين للخيرات فيتبعهم المتقون.
- ولذلك فقد أشار الإمام الصادق عليه السلام الى هذا المصداق الأسمى عندما قال في قوله عزوجل "واجعلنا للمتقين إماماً" قال: إيانا عنى، كما روي عنه عليه السلام في تفسير جوامع الجامع.
- وعليه يتضح أن التحقق بصفات عباد الرحمان بحيث يصبح المؤمن للمتقين إماماً لا يتم إلا بولاية محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، وهذا ما دلت عليه الكثير من النصوص الشريفة المتحدثة عن أن الأعمال إنما تقبل بولايتهم عليهم السلام.
- ختاماً تقبلوا منا – مستمعينا الأطائب – أطيب الشكر على جميل إصغائكم لبرنامج (من هدى الثقلين).
- لكم خالص الدعوات من إخوتكم وأخواتكم في إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- دمتم في رعاية الله سالمين والحمد لله رب العالمين.