بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سراج هدى الله محمد رسول الله وآله مصابيح الهداية الى الله.
- تحية من الله مباركة نستهل بها لقاءنا بكم أيها الأكارم في حلقة اليوم من هذا البرنامج، فأهلاً بكم ومرحباً.
- نتابع في هذا اللقاء مستمعينا الأفاضل، الإستهداء بآيات سورة المعارج وهي تقدم العلاج القرآني الناجع والضامن للسلامة من أخطر الأمراض التي تهدد الصحة النفسية.
- أجل، فهي تصرح بأن الذين ينجيهم الله من الهلع والجزع والمنع والحرص هم المصلون الذين يديمون الصلاة بمعنى يلتزمون بها إختاره لأنفسهم من الصلوات النوافل الى جانب الفرائض.
- كما أن الإنفاق المستحب في سبيل الله إعانة للفقراء والمساكين هو من العوامل المهمة التي تضمن للإنسان السلامة والصحة النفسية من تلك الأمراض.
- وهذا ما عرفناه في حلقات سابقة من هذا البرنامج ونتعرف في هذا اللقاء الى صفة تضمن للإنسان السلامة من تلك الأمراض النفسية، وهي التصديق بيوم الدين. تابعونا على بركة الله.
- أيها الإخوة والأخوات، نتبرك أولاً بالإصغاء بخشوع لتلكم الآيات الكريمة من سورة المعارج حيث يقول الله أصدق القائلين:
"إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً{۱۹} إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً{۲۰} وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً{۲۱} إِلَّا الْمُصَلِّينَ{۲۲} الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ{۲۳} وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ{۲٤} لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ{۲٥} وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ{۲٦} وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ{۲۷} إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ{۲۸} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ{۲۹} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ{۳۰} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ{۳۱} وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ{۳۲} وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ{۳۳} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{۳٤} أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ{۳٥}
- صدق الله العلي العظيم، واضح من النص القرآني المتقدم أن "التصديق بيوم الدين" ينجي الإنسان من الجزع عند البلاء أو البخل والمنع عند الرخاء، فما المقصود بهذا التصديق؟
- لا يخفى أن المقصود بيوم الدين هو يوم القيامة ويوم الحساب، والتصديق من مراتب الإيمان العالية، فهو إعتقاد مع نفي ما يعارضه.
- والمراد في الآية ليس التصديق النظري، بل العلمي أي أن تظهر آثار التصديق بيوم الدين على سلوك الإنسان. قال العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان:
- قوله تعالى "والذين يصدقون بيوم الدين" الذي يفيده سيلق عد الأعمال الصالحة أن المراد بتصديقهم يوم الدين التصديق العملي دون التصديق الإعتقادي وذلك بأن تكون سيرتهم في الحياة سيرة من يرى أن ما يأتي به من عمل سيحاسب عليه فيجازى به إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً. وفي التعبير بقوله: "يصدقون" دلالة على الإستمرار فهو المراقبة الدائمة بذكره تعالى عند كل عمل يواجهونه فيأتون بما يريده ويتركون ما يكرهه.
- مستمعينا الأفاضل، وتبين الآيات اللاحقة أن هؤلاء المصدقين بيوم الدين هم من عذاب ربهم مشفقون، وهذا الإشفاق يعبر من جهة عن عدم إغترارهم بما يأتونه من الأعمال الصالحة، فلا يأمنون من عذاب الله لمجرد إقبالهم عن صالحات الأعمال، بل إن إطمئنانهم إنما هو بسبب ثقتهم بفضل الله عزوجل.
- هذا من جهة ومن جهة ثانية، فهم مشفقون من عذاب الله لأنهم لا يأمنون من مكر النفس الأمارة بالسوء ولذلك يتعاملون معها بحذر ويشفقون – أي يخافون – من الإغترار بوساوسها وأمرهم بالسوء.
- ومن جهة ثالثة، فهؤلاء المصدقون بيوم الدين مشفقون من عذاب الله، لأن شدة حبهم لله تبارك وتعالى يجعلهم يرون في أدنى مراتب الغفلة عن الله عزوجل عذاباً أليماً يتوقونه بكل وسيلة، حفظاً لأنفسهم بالله عزوجل.
- وهذا الأنس بالرب الحريم القدير يجعل الإنسان في حصانة من أن يجزع عند نزول البلاء أو يبخل ويمنع عند الرخاء، أي أن فيه الوقاية من أهم مناشئ الأمراض النفسية أعاذنا الله وإياكم منها.
- نشكركم أيها الإخوة والأخوات على طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامج (من هدى الثقلين).
- قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، دمتم بكل خير ورحمة وبركة.