بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سادة أحباء الله محمد المصطفى رسول الله وآله الهداة الى الله.
- السلام عليكم مستمعينا الأعزاء ورحمة الله.
- تحية مباركة طيبة نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج، فأهلاً بكم ومرحباً.
- عباد الرحمان، هم الذين تجعلهم التقوى الصادقة أهل الإعتدال المنزه عن الإفراط والتفريط.
- وبهذه التقوى يسيرون باتزان ووقار على الصراط المستقيم.
- هذه الصفة المهمة من صفات عباد الرحمان الذين يجعلهم الله للمتقين إماماً هي محور إستنارتنا بهدى الثقلين في لقاء اليوم، تابعونا مشكورين.
- مستمعينا الأكارم، ننصت خاشعين الى شطر من المقطع الأخير من سورة الفرقان المباركة حيث الآيات التي تذكر صفات عباد الرحمان، ومنها قول الله أصدق القائلين:
"وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً{٦۳} وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً{٦٤} وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً{٦٥} إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً{٦٦} وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً{٦۷} وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً{٦۸}
- صدق الله العلي العظيم، عرفنا في الحلقة السابقة مستمعينا الأفاضل، أن الآيتين الأولى والثانية من هذا النص القرآني المبارك تبينان أن ارتباط عباد الرحمان بربهم الكريم يجعلهم يتعاملون مع عباده بروح السلام والعفو والإحسان والتواضع متحلين بالسكينة والوقار والطمأنينة وهذه من أبرز صفات أسوتهم العليا النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله -.
- والآيتان الثالثة والرابعة من هذا النص القرآني تتحدثان عن إستعاذة عباد الرحمان بربهم الرحيم ولجوءهم إليه عزوجل لكي يصرف عنهم عذاب جهنم ويقيهم منه في الدنيا وفي الآخرة لأنها ساءت مستقراً في الدنيا ومقاماً في الآخرة.
- وهذا يعني أنهم يجتهدون في الطلب من الله عزوجل أن يحليهم بالتقوى والورع من الذنوب لأن التلوث بها يوقع العاصي في نيرانها وعذابها الذي يظهر في الآخرة بالمقام في جهنم التي ساءت مقاماً، أعاذنا الله وإياكم منها.
- أيها الإخوة والأخوات، هذه التقوى من الذنوب ونيرانها وعذابها هي من أبرز صفات عباد الرحمان، وببركتها يسيرون على الصراط المستقيم بلا إفراط ولا تفريط، فهو الحسنة بين السيئتين، إذ أن الإفراط والتفريط كلاهما سيئة.
- وهذا ما تشير إليه الآية اللاحقة حيث تذكر نموذجاً لسير عباد الله على منهاج الصراط المستقيم في إنفاقهم فهم لا يسرفون في الإنفاق فيتورعون عن الإفراط، ولا يبخلون فهم منزهون عن التفريط، فهم بين ذلك قواما.
- والى هذا المعنى يشير مولانا الإمام علي الرضا عليه السلام، فقد روي في كتاب الخصال للشيخ الصدوق أن أحد أصحابه سأله عن النفقة على العيال، فقال عليه السلام: هي بين المكروهين، فقال الرجل: جعلت فداك، لا والله ما أعرف المكروهين، فقال عليه:
- بلى يرحمك الله، أما تعرف أن الله كره الإسراف وكره الإقتار فقال "والذين أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما".
- مستمعينا الأفاضل، وصفة الإعتدال في السير على الصراط المستقيم بلا إفراط وتفريط هي التي ترسخ روح التوحيد العملي الخالص في عباد الرحمان كما تشير لذلك الآية السادسة من النص القرآني المتقدم.
- أجل فهي تؤكد أنهم "لا يدعون مع الله إلهاً آخر" وفي ذلك إشارة الى الحقيقة التوحيدية التي يؤكدها القرآن الكريم والمبينة الى أن الله هو على الصراط المستقيم كما في قوله عزوجل على لسان نبيه هو – على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام – في الآية ٥٦ من سورة هود:
- "إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
- إذن، فاستشعار عباد الرحمان لهذه الحقيقة التوحيدية يجعلهم لا يدعون مع الله إلهاً آخر، سواء كان هذا الإله أهواء النفس أو غيرها مما يعبد من دون الله عزوجل.
- ومع التحقق بهذه الحقيقة التوحيدية يتحقق التوكل الصادق على الله عزوجل المشار إليه في آية سورة هود المتقدمة، وبه تتحقق العبودية الخالصة لله عزوجل وبالتالي تتحقق التوبة الصادقة والإنابة الكاملة لله تبارك وتعالى.
- وبهذه التوبة الصادقة والإنابة الكاملة يفوز عباد الرحمان بفضل خاص من الله هو أنه عزوجل يبدل سيئاتهم حسنات، وبذلك يصيرون للمتقين إماماً وأسوة كما بشرت لذلك الآيات اللاحقة من سورة الفرقان المباركة.
- مستمعينا الأطائب، وهذا ما نتناوله بإذن الله في حلقة مقبلة من برنامجكم (من هدى الثقلين).
- نشكركم أيها الأعزاء على طيب المتابعة ولكم دوماً خالص الدعوات من إخوتكم وأخواتكم في إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- دمتم في أمان الله.