بسم الله وله خالص الحمد والمجد والثناء، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وأشرف الكائنات، وآله الأصفياء الهداة.
- سلام من الله عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة منه وبركات.
- أزكى التحيات نهديها لكم إخوة الإيمان في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج.
- أيها الأفاضل، الجزع عند نزول البلاء والهلع والقلق والحرص على نعم الدنيا الزائلة من الأمراض النفسية الشائعة خاصة في عصرنا الحاضر.
- وهي أمراض مدمرة لسعادة الإنسان تجلب له أشد حالات الشقاء واليأس والقنوط وغيرها.
- وعندما نرجع الى كتاب الله المبين الذي جعل تعالى فيه الشفاء من كل مرض، نجده يهدي من ألقى السمع وهو شهيد الى سبل السلامة من كل هذه الأمراض.
- ولعل من أجمع النصوص القرآنية الهادية الى هذا العلاج الروحاني القرآني الناجع هو ما ورد في سورة المعارج حيث يقول الله أصدق القائلين:
"إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً{۱۹} إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً{۲۰} وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً{۲۱} إِلَّا الْمُصَلِّينَ{۲۲} الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ{۲۳} وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ{۲٤} لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ{۲٥} وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ{۲٦} وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ{۲۷} إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ{۲۸} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ{۲۹} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ{۳۰} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ{۳۱} وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ{۳۲} وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ{۳۳} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{۳٤} أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ{۳٥}
- صدق الله العلي العظيم، إذن فالمصلون هم الذين إستثناهم الله عزوجل من تلك الأمراض المدمرمة، أي أن الصلاة بما تعنيه من جميل الإرتباط والأنس بالله عزوجل هي الصفة الأولى التي تنقذ المتحلي بها من الجزع والهلع والحرص والبخل.
- وقد تحدثنا عن ذلك في حلقة سابقة من هذا البرنامج، ونضيف هنا هداية من مولانا الإمام محمد الباقر يبين فيها عليه السلام أن كمال أثر الصلاة في الشفاء من تلك الأمراض، يكون في المداومة على ما قدر عليه المؤمن من النوافل.
- أجل، فقد روي في تفسير نور الثقلين في تفسير هذه الآيات عن مولانا الإمام محمد الباقر عليه السلام قال:
- ثم استثنى تبارك وتعالى فقال "إلا المصلين" فوصفهم بأحسن أعمالهم فقال: "الذين هم على صلاتهم دائمون" ثم قال عليه السلام: إذا فرض [المؤمن على نفسه] شيئاً من النوافل دام عليه.
- مستمعينا الأفاضل، أما الصفة الثانية التي تحقق للإنسان الصحة والسلامة النفسية من الجزع والهلع والحرص، فهي الإنفاق المستحب في سبيل الله.
- ويحدد طريقة هذا الإنفاق قوله عزوجل "وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم".
- فيكون المراد أن يجعل المؤمن مقداراً ثابتاً قل أو كثر مما يرزقه الله تبارك وتعالى لإعانة الفقراء والمحتاجين؛ في كل شهر أو أسبوع أو يوم.
- والسائل هو الفقير الذي يطلب المساعدة والعون، أما المحروم فهو الفقير المتعفف الذي لا يسأل الناس شيئاً.
- والمراد من هذا الإنفاق هو غير الإنفاق في الصدقات الواجبة كالزكاة، بل هو باب من أبواب الخير جعل الله أمر تحديد نسبته ومقدار للمؤمن نفسه.
- كما جعل موارد صرفه للمؤمن نفسه يحددها باختياره بما يرى فيه الصلاح.
- روي في تفسير نور الثقلين عن القاسم بن عبد الرحمان الأنصاري قال : سمعت أبا جعفر الإمام الباقر عليه السلام يقول : إن رجلا جاء إلى أبى علي بن الحسين عليهما السلام وقال له : اخبرني عن قول الله عز وجل : " وفى أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم " ما هذا الحق المعلوم ؟
- فقال له علي بن الحسين عليهما السلام : الحق المعلوم الشئ يخرجه من ماله ليس من الزكاة ولا من الصدقة المفروضتين ، - فقال عليه السلام: وإذا لم يكن من الزكاة ولا من الصدقة فما هو ؟ فقال : هو الشئ يخرجه من ماله أن شاء أكثر وان شاء أقل على قدر ما يملك ، فقال له الرجل : فما يصنع به ؟ قال : يصل به رحما ويقوى به ضعيفا ويحمل به كلا أو يصل به أخا له في الله ، أو لنائبة تنوبه.
- فقال الرجل : الله أعلم حيث يجعل رسالاته .
- وبهذا نصل مستمعينا الأكارم الى ختام حلقة أخرى من برنامج (من هدى الثقلين) إستمعتم لها مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- نستودعكم الله بكل خير وبركة ورحمة ودمتم في أمان الله.