بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله الهداة الى الله.
- السلام عليكم إخوة الإيمان والولاء ورحمة الله.
- تحية مباركة طيبة نحييكم بها ونحن ندعوكم مستمعينا الأفاضل لمتابعتنا في لقاء اليوم من البرنامج.
- مستمعينا الأفاضل، نجد في ختام سورة المجادلة بشارة من الله عزوجل لعباده المؤمنين، فيها تصريح بمعونة كريمة يقدمها الله جل جلاله للمؤمنين إذا صدقوا في البراءة من أعدائه.
- هذه المعونة تتمثل في كتابة الله الإيمان في قلوبهم، أي ترسيخه وتقويته، هذا أولاً وثانياً تأييده لهم بروح منه يبارك لهم طاعاتهم، وثالثاً جعلهم من حزبه وحزبه تبارك وتعالى هم المفلحون.
- وهذه بشارة مهمة جديرة بالمزيد من التأمل والتدبر، وهذا ما يأتيكم في لقاء اليوم بإذن الله، تابعونا مشكورين.
- ندعوكم أولاً مستمعينا الأفاضل للإنصات خاشعين للآية الكريمة التي تشتمل على تلك البشارة الرحيمية، قال الله أصدق القائلين:
"لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
- صدق الله العلي العظيم، وفي هذه الآية الكريمة كناية لطيفة عن أن الإيمان الصادق لا يجتمع مع مودة من حاد الله أي عاداه عن عناد لا عن جهل.
- والورع عن مواداة هؤلاء المعاندين مهما كانوا قريبين في علاقتهم النسبية كالآباء والأبناء والإخوان والعشيرة، هذا الورع هو الذي يجلب للإنسان ثلاثة من أجمل مصاديق النصرة والعون الإلهي الموصلة الى كل صلاح وفلاح.
- المصداق الأول هو نصرة الله لعبده بأن يكتب في قلبه الإيمان، فما المراد بذلك؟
- الكتابة في المصطلح القرآني تعني الإثبات والتثبيت بحيث لا يتغير الأمر ولا يزول.
- وعليه يكون المعنى أن الله ينصر المؤمن المتورع عن موادة من حاد الله بأن يرسخ الإيمان في قلبه.
- أما المصداق الثاني لهذه النصرة الإلهية فهي التأييد بروح من الله فما هو المقصود بذلك؟
- يقول العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان: (الروح على ما يتبادر من معناها هي مبدأ الحياة التي تترشح منها القدرة والشعور، فإبقاء قوله "وأيديهم بروح منه" على ظاهره يفيد أن للمؤمنين وراء الروح البشرية التي يشترك فيها المؤمن والكافر روحاً أخرى تفيض عليهم حياةً أخرى وتصاحبها قدرة وشعور جديدان).
- واستدل العلامة الطباطبائي على هذا الجواب بأدلة من القرآن نفسه، حيث قال رضوان الله عليه: والى ذلك يشير قوله تعالى "أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها".
- وأضاف رحمه الله وكذلك قوله عزوجل "من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحييه حياة طيبة" ثم قال قدس سره: وهذه حياة خاصة كريمة لها آثار خاصة ملازمة لسعادة الإنسان الأبدية وهي وراء الحياة المشتركة بين المؤمن والكافر، فلها مبدأ خاص هو روح الإيمان.
- ويستفاد من الأحاديث الشريفة مستمعينا الأطائب، أن التأييد الإلهي للؤمن المتورع عن موادة أعدائه بتلك الروح الخاصة منه، يعني نصرته للمؤمن بقرين خير ينقله ويؤازره في التنعم بتلك الحياة الطيبة التي يتفضل بها الله على المؤمن.
- لنتأمل معاً فيما روي في تفسير البرهان مسنداً عن الإمام الصادق عليه السلام قال:
- (ما من مؤمن إلا ولقلبه أذنان في جوفه : اذن ينفث فيها الوسواس الخناس ، وأذن ينفث فيها الملك ، فيؤيد الله المؤمن بالملك ، فذلك قوله تعالى : (وأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْه)
- وفي تفسير البرهان أيضاً مسنداً عن أبي خديجة ، قال : دخلت على أبي الحسن الكاظم ( عليه السلام ) ، فقال لي : « إن الله تبارك وتعالى أيد المؤمن بروح منه تحضره في كل وقت يحسن فيه ويتقي ، وتغيب عنه في كل وقت يذنب فيه ويعتدي، فهي معه تهتز سرورا عند إحسانه ، وتسيخ في الثرى عند إساءته.
- ثم أوصى عليه السلام شيعته قائلاً: فتعاهدوا عباد الله نعمه بإصلاحكم أنفسكم تزدادوا يقينا وتربحوا نفيسا ثمينا ، رحم الله امرءا هم بخير فعمله ، أو هم بشر فارتدع عنه » ثم قال عليه السلام: « نحن نزيد نرفد الروح بالطاعة لله والعمل له .
- وفي تفسير البرهان أيضاً عن أبي جعفر الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، قال : « * ( وأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْه ) * أي قواهم » .
- وبهذا نصل مستمعينا الأكارم الى ختام حلقة أخرى من برنامج (من هدى الثقلين).
- قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- شكراً لكم على كرم المتابعة ودمتم في رعاية سالمين والحمد لله رب العالمين.