بسم الله والحمد لله الذي هدانا للتمسك بثقلي هدايته ونبعي بركاته ورحمته، قرآنه الكريم وأهل بيت نبيه المبعوث رحمة للعالمين صلوات الله عليه وآله الأطيبين.
- سلام من الله عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة منه وبركات.
- أطيب التحيات نهديها لكم مستمعينا الأطائب في مطلع حلقة اليوم من هذا البرنامج، فأهلاً بكم ومرحباً.
- نستنير في هذا اللقاء بحديث جامع لمولانا الإمام علي بن موسى الرضا – عليه السلام – يهدينا أولاً إلى سر أمر الله عزوجل بتلاوة سورة الحمد المباركة وهي أم الكتاب وفاتحته في كل صلاة.
- ثمم يهدينا الإمام الرؤوف الى الحقائق المعرفية التوحيدية التي تشتمل عليها آيات هذه السورة المباركة؛ وبذلك يفتح – عليه السلام – أمام التالين لها أبواب الفوز بالبركات العظيمة التي تشتمل عليها.
- فقد عرفنا في لقاء سابق من حديث رسول الله سيدنا الهادي المختار – صلى الله عليه وآله الأطهار – أن لله عزوجل عطية وبركة يتفضل بها على المؤمن عند تلاوة كل آية من آيات سورة الحمد المباركة.
- وشرط الفوز بهذه العطايا والبركات هو الإستشعار الوجداني للحقائق التوحيدية التي تشتمل عليه هذه الآيات الكريمة وهذا ما يبينه بأوجز البيان وأبلغه مولانا الإمام الرضا عليه السلام في حديثه التالي، تابعونا على بركة الله.
- مستمعينا الأكارم؛ نمهد للتأمل في هذا الحديث الرضوي بالإصغاء بقلوبنا لسورة الحمد المباركة مذكرين بما ذكره علماء التجويد كما نقل الدكتور علي الكيالي بأن هذه السورة هي السورة الوحيدة في القرآن الكريم التي تخلو من إلزامات التجويد بحيث يتيسر للجميع تلاوتها بيسر. قال عزوجل فيها:
سورة الحمد بصوت القارئ:
"بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ{۱} الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{۲} الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ{۳} مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ{٤} إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ{٥} اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ{٦} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ{۷}.
- صدق الله العلي العظيم؛ هذه السورة المباركة هي التي أمرنا الله عزوجل بتلاوتها في كل صلاة، فما السر في ذلك؟
- وما هي الحقائق المعرفية التي تشتمل عليها آياتها السبع فاختارها الرب الرحيم لكي يناجيه المؤمن بها في كل صلاة؟
- هذا ما يجيب عنه مولانا ثامن أئمة العترة المحمدية الإمام علي الرضا عليه السلام في الحديث المروي عنه في عديد من المصادر.
- فمثلاً روى الشيخ الصدوق بسنده عن الإمام علي الرضا عليه السلام أنه قال: "أمر الناس بالقراءة في الصلاة لئلا يكون القرآن مهجوراً مضيعاً، وليكن محفوظاً مدروساً فلا يضمحل ولا يجهل.
- ثم قال عليه السلام: وإنما بدء بالحمد دون سائر السور لأنه ليس شيء من القرآن والكلام جمع فيه من جوامع الخير والحكمة ما جمع في سورة الحمد، وذلك أن قوله عزوجل: "الحمد لله" إنما هو أداء لما أوجب الله عزوجل على خلقه من الشكر، وشكر لما وفق عبده من الخير.
- وقوله عزوجل: "رب العالمين. توحيد له وتحميد وإقرار بأنه هو الخالث المالك لا غيره.
- وقوله عزوجل: "الرحمن الرحيم. استعطاف وذكر لآلائه ونعمائه على جميع خلقه.
- وقال الرضا – عليه السلام - : وقوله "مالك يوم الدين. إقرار له بالبعث والحساب والمجازاة وإيجاب ملك الآخرة له كإيجاب ملك الدنيا.
- وقال عليه السلام: وقوله "إياك نعبد. رغبة وتقرب الى الله تعالى ذكره وإخلاص له بالعمل دون غيره.
- وقوله "وإياك نستعين. إستزادة من توفيقه وعبادته، واستدامة لما أنعم الله عليه ونصره.
- ثم قال عليه السلام: وقوله "إهدنا الصراط المستقيم. استرشاد لدينه، واعتصام بحبله واستزادة في المعرفة لربه عزوجل.
- وقوله "صراط الذين أنعمت عليهم. توكيد في السؤال والرغبة، وذكر لما تقدم من نعمة على أوليائه، ورغبة في مثل تلك النعم.
- وقوله: "غير المغضوب عليهم. استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين المستخفين به وبأمره ونهيه.
- وقوله: "ولا الضالين. اعتصام من أن يكون من الذين ضلوا عن سبيله من غير معرفة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
- ثم ختم الإمام الرضا – عليه السلام – حديثه بالقول: فقد اجتمع فيه [أي في كلام سورة الفاتحة] من جوامع الخير والحكمة من أمر الآخرة والدنيا ما لا يجمعه شي من الأشياء.
- مستمعينا الأفاضل، أول ما نستفيده من هذه الهدايات الرضوية النيرة أن الصلاة اليومية تمثل بجد ذاتها نبعاً ثرياً فتح الله عزوجل لعباده أبواب الإرتواء عبره من ري رحمات كتابه المجيد في كل يوم عشر مرات على الأقل.
- فاختار لهم فاتحة كتابه سورة الحمد المباركة لكونها أجمع سور كتابه في اشتمالها على جوامع الخير والبركة، فالإقبال على الله بتلاوتها هو نبع إستزادة لبركات إلهية مستمرة تحفظ حركتهم على الصراط المستقيم.
- وتزيد من كمالاتهم المعنوية والمادية والدنيوية والأخروية، وبالتالي قربهم من الله تبارك وتعالى.
- فهي تشتمل على أسمى مصاديق الحمد والشكر له على آلائه ونعمائه وهذا سبب لزيادة تلكم النعم.
- كما أنها تنمي في قلب المصلي حقائق معرفته وتوحيده وربوبيته فيتحصن من جميع أشكال الشرك الخفي فضلاً عن الجلي والشرك هو الظلم العظيم وأخطر ما يدمر الحياة الطيبة التي يريدها الله لعباده.
- كما أن سورة الحمد تقوي في قلب المؤمن روح الإخلاص في العبادة لله والإستعانة به عزوجل وفي ذلك فتح أبواب الإستزادة من توفيقه عزوجل لعبده للتخلق بأخلاقه تبارك وتعالى والتنزه والتطهر من أخلاق أعدائه من المغضوب عليهم والضالين أعاذنا الله منهم أجمعين.
- تقبل الله منكم مستمعينا الأكارم حسن الإصغاء لحلقة اليوم من برنامج من هدى الثقلين إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- شكراً لكم وفي أمان الله.