منذ انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 وموقف الرياضيين الإيرانيين ثابت بعدم اللعب في البطولات والدورات الرياضية أمام لاعبين من كيان الاحتلال الإسرائيلي. هذا الموقف الإيراني ظل راسخا في الآونة الأخيرة رغم قيام بعض الدول الخليجية وتحديدا الإمارات (ستستضيف أبو ظبي فريقا رياضيا "إسرائيليا" في بطولة للجودو ابتداء من الخميس المقبل وحتى 26 تشرين الأول/ أكتوبر بحسب وسائل إعلام عبرية) وقطر باستضافة رياضيين من كيان الاحتلال، لا بل كان موقف الرياضيين الإيرانيين متقدما وأعطوا درسا ضد التطبيع مع الكيان المحتل.
هكذا، في الآونة الأخيرة، تعددت الأمثلة لتفضيل الرياضيين الإيرانيين الانسحاب من البطولات على الفوز بالميداليات واللعب أمام لاعبين من "إسرائيل". انتصروا بمواقفهم لفلسطين. على سبيل المثال، وقبل أيام، فإن اللاعب الإيراني آرين غلامي رفض اللعب أمام لاعب من كيان الاحتلال في بطولة العالم للشطرنج للشباب في الهند.
وكان غلامي قد امتنع قبل ذلك عن خوض مباراة أمام لاعب من كيان الاحتلال في بطولة ريلتون في السويد.
كذلك فإن اللاعب علي رضا فيروزجا، فضل الانسحاب والخسارة على اللعب أمام لاعب من كيان الاحتلال في بطولة "كرنغ" الدولية للشطرنج في ألمانيا.
وكذلك فعل اللاعب محسن باباصفري المحترف في نادي ستوا بوخارست الروماني عندما امتنع عن خوض مباراة فريقه ضد فريق من كيان الإحتلال في بطولة كأس أندية أوروبا لكرة اليد.
وبدوره فإن اليافع أمير حسين عرب (16 عاما)، لم يخض النزال النهائي أمام لاعب من كيان الاحتلال في بطولة دولية للكاراتيه "كيوكوشين" أقيمت في بلغاريا قبل فترة، وذلك دعما للشعب الفلسطيني المظلوم.
هذه المواقف الإيرانية الثابتة والمشرفة والداعمة للقضية الفلسطينية لا ترق طبعا كيان الاحتلال الساعي من خلال الرياضة لاكتساب "شرعيته" وهذا ما يحاول فعله مع بعض البلدان في منطقتنا كما سلف ذكره.
في ظل هذا المشهد أتت العقوبة التي فرضها أمس الاتحاد الدولي للجودو، بضغط غير مستبعد من "إسرائيل"، بوقف اللاعبين الإيرانيين عن المنافسات والبطولات وذلك بعد انسحاب بطل العالم عام 2018 تحت وزن 81 كلغ، سعيد ملائي، من مباراة نصف النهائي لبطولة العالم 2019 أمام لاعب من كيان الاحتلال، والتي تأتي (العقوبة) قبل أولمبياد طوكيو 2020، علما أن إيران من البلدان المتقدمة في هذه الرياضة على مستوى العالم.
وجاء في بيان اللجنة التأديبية للاتحاد الدولي للجودو إن إيران "سيتم وقفها عن جميع المسابقات التي ينظمها الاتحاد الدولي للجودو حتى تقدم الدولة الإيرانية ضمانات قوية لاحترامها قوانين الاتحاد الدولي للجودو وأن يوافق أعضاؤها على مواجهة اللاعبين الإسرائيليين"، بحسب وسائل إعلام عبرية.
بطبيعة الحال فإن شرط الاتحاد الدولي لعودة اللاعبين الإيرانيين هو ضرب من ضروب الخيال وهو مرفوض حتما من الاتحاد الإيراني بالموافقة على اللعب أمام لاعبين من كيان الاحتلال، وهذا سيقود إيران بالتأكيد إلى الدفاع عن موقفها وشرحه أمام الاتحاد الدولي للجودو انطلاقا من أن إيران تعتبر كيان الاحتلال عدوا ويستحيل التطبيع معه رياضيا.
على كل الأحوال ورغم أن رياضة الجودو الإيرانية ستتأثر من إبعاد لاعبيها عن المنافسات وتحديدا الأولمبياد في حال لم يتراجع الاتحاد الدولي عن قراره الظالم وغير المنطقي، فإن لهذا القرار انعكاساته السلبية أيضا على الاتحاد الدولي ومسابقاته نظرا إلى مكانة وقوة إيران في هذه الرياضة والفائدة التي تقدمها على مستوى أية بطولة عالمية.
وفي النهاية يبقى الأهم هو الموقف الثابت للرياضيين الإيرانيين ضد التطبيع مع كيان الاحتلال. يبقى الأغلى على هؤلاء أن يحصلوا على تكريم معنوي من القائد السيد علي الخامنئي على مواقفهم عندما استقبل على سبيل المثال في شباط/ فبراير الماضي لاعب الشطرنج غلامي وقال أمامه: "هكذا ناشئة وشباب يشكلون ذخرا ورصيدا قيما للبلاد".
حسن زين الدين/الميادين