بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله تعالى وبركاته في هذه الحلقة سنأخذ جانباً اخر من خلق الامام علي عليه السلام تجسد بالاهتمام بحق الانسان بالحياة فالامام عليه السلام لم يكن كباقي الحكام يعتبرون انفسهم مالكي رقاب وارواح الرعية فيقتلون متى شاءوا ويسجنون ويتصرفون بالانسان كما يحلوا لهم، لايردعهم رادع ولا دين اما الامام علي عليه السلام فقد اتبع نهج رسول الله صلى الله عليه واله في حرمة دم الانسان وهذا ما طبقه علي عليه السلام في مناسبات عدة فقد جاء في نهج السعادة انه اتاه الخريت بن راشد ذات يوم فقال له: اني خشيت ان يفسد عليك عبد الله بن وهب وزيد بن حصين وهم من رؤوس الخوارج فقد سمعتهما يذكرانك بأشياء لو سمعتها لم تفارقهما حتى تقتلهما فقال علي عليه السلام اني مستشيرك فيهما فماذا تأمرني؟ فقال الخريت بن راشد أمرك ان تأتي بهما وتطلب رقبتيهما فقال الامام علي عليه السلام: لقد كان ينبغي لك ان تعلم اني لااقتل من لم يقاتلني ولم يظهر لي عداوة وكان ينبغي لك لو انني اردت قتلهما ان تقول لي اتق الله، بم تستحل قتلهما ولم يقالا احداً ولم ينابذاك ولن يخرجا عن طاعتك.
للامام علي عليه السلام مستمعينا الاكارم مواقف عديدة تؤكد هذا الخلق الكبير في احترام الانسان في احترام حقه في الحياة وها هو عليه السلام يقول في عهده لمالك الاشتر عندما ولاه مصر: اياك والدماء وسفكها بغير حلها فانه ليس من شيء ادعى لنقمة ولااعظم لتبعة ولااحرى بزوال نعمة وانقطاع مدة من سفك الدماء بغير حقها والله سبحانه مبتدء بالحكم بين العباد فيما تسافكوا فيه من الدماء يوم القيامة فلاتقومن سلطانك بسفك دم حرام فأن ذلك مما يضعفه ويوهنه بل يزيله وينقله ولاعذر لك عند الله وعندي في قتل العمد لأن فيه قود البدن فالامام علي عليه السلام طبق هذا المبدأ بكل دقة وها هو يطبقه مع الخوارج ايضاً فهؤلاء خرجوا من الكوفة والبصرة وتجمعوا مسلحين فلم يبادر الامام عليه السلام الى قتالهم وقتل اي منهم فيما كان يجهز للمسير الى الشام فكان جماعاته يتخوفون من انقضاض الخوارج على النساء والذراري اثناء غياب الرجال في الحرب لذلك كانوا يطالبون بضربهم ولكن علياً عليه السلام كان يرفض معتبراً ان ليس له الحق في هذا الامر كما ذكر ذلك المبرد في الكامل وكان عليه السلام يقول للخوارج: لانبدأكم بحرب حتى تبدأونا به كما جاء في نهج السعادة. ولن تنحصر رعاية الامام علي في هذا المبدأ في الحفاظ على دماء المسلمين فقط بل تراه يتعداه للحفاظ على دماء اهل الذمة ايضاً اذ يوصي مالك بن الحارث الاشتر بالرحمة بالناس مسلمهم وذميهم بقوله: ولاتكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم اكلهم فانهم صنفان اما اخ لك في الدين واما نظير لك بالخلق كما جاء في شرح النهج لأبن ابي الحديد المعتزلي. وهكذا كان علي عليه السلام يحترم حق الانسان في الحياة ولايجوز سفك الدماء الا عندما يكون ذلك تنفيذاً لأمر الله عزوجل الذي يقول "من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً" ويقول ايضاً "انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فساداً ان يقتلوا" ولكنا اليوم نرى من يدعي الاسلام يفتك بالمسلمين الخلص ويقطعون رؤوسهم وهم من احفاد اولئك الخوارج الذين حافظ الامام علي عليه السلام على ارواحهم ولكنهم اليوم يتربصون لمحبي علي الدوائر ويقتلونهم قبل الصهاينة والكفار فأين هم من الاسلام بل اين هم من صفات الانسان؟
اعزائنا الكرام كنتم وبرنامج من الاخلاق العلوية قدمناه لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران شكراً لحسن متابعتكم ودمتم في حفظ الله تعالى من شرور اعداء الانسانية التكفيريين والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.