بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله وبركاته
ايها الاخوة والاخوات فكرة العدل وفكرة المساواة في منهج الامام علي عليه السلام تنبع من وحي رفع كرامة الانسان وقدسية حقوقه دونما النظر الى الجانبين المتقاضيين وفيه لفت انظار الناس الى واجباتهم نحو المجتمع وافراده للعيش بالمساواة واحترام القوانين وهذا مايرفعون شعاره اليوم وتعتده الشعوب المتحضرة وسنأتي بهذا الامر برواية الطبري بعد لحظات.
اعزاءنا الكرام ذكر الطبري في تاريخه ان علياً عليه السلام سمع في احدى الليالي صوت مستغيث يدعو من يجيره فهرع اليه بنفسه يجري ويقول: أتاك الغوث ثم مالبث ان رآى رجلاً يمسك برجل اخر امساكاً شديداً فما اقبل عليه حتى خلاه وقال: ياامير المؤمنين بعت هذا الرجل ثوباً بتسع دراهم فاعطاني دراهم على غير الشرط ثم لما طلبت اليه استعاضة غيرها ابى ثم شتمني ولطمني لطماً موجعاً! فقال علي عليه السلام: للمشتري ابدلها له، ثم قال للمدعي: اين بينتك على اللطمة؟ فجاءه بالبينة فقال علي عليه السلام للضارب المعتدي: اقعد هنا ثم قال للمضروب: اقتص منه فقال: اني عفوت عنه فأبى علي عليه السلام عند ذاك ان يطلب منه لطم المعتدي وقد عفا عنه وهكذا خلا علي عليه السلام المعتدى عليه وامسك بالضارب المعتدي على مشهد من المضروب الذي عفا عنه ولطمه بيده وقال: هذا حق السلطان! في هذا الموقف مستمعينا الكرام يعلق الكاتب المنصف جورج جرداق في كتابه الامام علي عليه السلام صوت العدالة الانسانية بالقول: العفو خطة اختطها علي بن ابي طالب لنفسه ولزمها في حدودها وامر بها الناس ولذلك سره من المدعي ان يعفو على المعتدي ولكن ذهن علي الوقاد اشار اليه ان هنالك حقاً عاماً يجب ان يكون بالضرورة وان يكون من شأنه معاقبة الاثم والمعتدي والمغتصب اياً كان محافظة على صحة العلاقات بين المجتمع ودفعاً للتفكير ثانية بهدر الحقوق ولاشك في ان علياً عليه السلام قد ذكر في تلك الدقائق ان هناك اقوياء من كل صنف يعتدون ويغتصبون ويأثمون ولايستطيع المظلومون بهم ان يقاضوهم عند ذاك اما لخوف في قلوبهم مستحكم واما لغير ذلك فهل تهدر حقوق المستضعفين اذن؟ ومن يكون مسؤولاً عن حماية هؤلاء حتى وان لم يرفعوا ظلامتهم الى القضاء؟ ومن يتولى المحافظة على حقوقهم في مثل هذه الحال ويجعل في قلوبهم الاطمئنان الى انهم يعيشون في مجتمع يكون فيه الناس سواسية لافرق بينهم في الحقوق العامة وقد يأثم احد هؤلاء الغاصبين فيقتل انساناً ليس له قريب او وريث يطلب عدلاً بقتله فهل يذهب عند ذلك حقه كأنسان كان حياً وكان يجب ان يحيى ملئ حياته وهكذا مستمعينا الكرام خلا علي عليه السلام المعتدى عليه وامسك بالضارب المعتدي على مشهد من المضروب الذي عفا عنه ولطمه بيده وقال: هذا حق السلطان! فعلي الذي رأيناه وهو يضرب معتدياً عفا عنه خصمه اخذاً بالحق العام وللاسباب التي ذكرناها لكم.
مستمعينا الكرام كنتم وبرنامج من الاخلاق العلوية قدمناه من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران شكراً لكم والى اللقاء.