بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله تعالى وبركاته، نرحب بحضراتكم أطيب ترحيب في هذا اللقاء من الاخلاق العلوية، نقف فيها على منطق الامام علي (عليه السلام) في عدم تمييزه احداً من رعيته في الحقوق، اثناء حكمه، نرجوا ان تبقوا معنا.
اعزاءنا الكرام، اخلاق الامام علي (عليه السلام) في مساواته للرعية وعدم تمييزه احداً على آخر، كان من الصفات التي اعترف بها الصديق والعدو، وشهد له التاريخ في ذلك، ونقف هنا على طلب طلحة والزبير، وموقف الامام (عليه السلام) من ذلك.
جاء في بحار الانوار، ما مضمون الاحداث إنه بعدما بايع المسلمون علياً ومارس (عليه السلام) الحكم وكان حكمه يمثل الحكم الذي اراده رسول الله (ص) وهذا ما شهد له الجميع، فكان يتحرّك من خلال شريعة الله سبحانه لهذا كان قوياً شديد البأس، حاسما.
ولكنه (ع) كان يؤمن بمنطق الحوار ويفتح قلبه حتى للذين اعلنوا الثورة عليه، ليبيّن لهم ولغيرهم الحق، ففي عتب طلحة والزبير عليه وطلبهما منه امتيازات في الخلافة، قال لهما: "لقد نقمتما يسيرا، وأرجأتما كثيرا، ألا تخبراني أيّ شيء كان لكما فيه حق دفعتكما عنه؟"
قالا: معاذ الله.
قال: "أفوقع حكمٌ أو حق لاحدٍ من المسلمين فجهلته أو ضعفت عنه؟"
قالا: معاذ الله.
قال: "فما الذي كرهتما من امري حتى رأيتما خلافي؟"
قالا: في القسم. إنك جعلت حقنا في القسم كحق غيرنا، وسوّيت بيننا وبين من لا يماثلنا فيما أفاء الله تعالى بأسيافنا ورماحنا.
فقال (ع): " امّا ما ذكرتموه من الاستشارة بكما فوالله ما كانت لي في الولاية رغبة ولكنكم دعوتموني اليهما وحملتموني عليها فلمّا أفضت اليّ نظرت الى كتاب الله وما وضع لنا، وأمرنا بالحكم به فاتبعته، وما استنّ النبي (ص) فاقتديته، فلم احتج في ذلك الى رأيكما، ولا رأي غيركما، ولا وقع حكمٌ جهلته فأستشيركما وإخواني من المسلمين، ولو كان ذلك لم ارغب عنكما ولا عن غيركما. "
وأمّا ما ذكرتما من امر الاسوة فإنّ ذلك امرٌ لم احكم انا فيه برأيي ولا وليته هوى مني، بل وجدت انا وانتما ما جاء به رسول الله (ص) وقد فرغ منه فلم احتج اليكما فيما قد فرغ الله من قسمه وامضى فيه حكمه، فليس لكما والله عندي ولا لغيركما في هذا عتبى. اخذ الله بقلوبكم الى الحق وألهمنا وإياكم الصبر.
ثم قال (ع): "رحم الله رجلاً رأى حقا فاعان عليه، أو رأى جوراً فردّه، وكان عوناً بالحقّ على صاحبه" .
نعم اعزاءنا الكرام، هذا هو منطق علي (ع) امام من يطلب منه امتيازات في الخلافة، فكان لا تأخذه في الله لومة لائم، وأخيراً نشكركم على حسن الاصغاء لبرنامج من الاخلاق العلوية والسلام عليكم.