بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله تعالى وبركاته، نرحب بحضراتكم أطيب ترحيب في هذا اللقاء ونحن نقف على بعض من الاخلاق اميرالمؤمنين علي (عليه السلام)، حول سخائه وجوده (ع)، نرجوا ان تبقوا معنا.
مستمعينا الكرام، نأخذ في هذا اللقاء شذرة من سخائه وجوده، إذ ممّا لا يخفى ان الامام اميرالمؤمنين كان من أندى الناس كفّا، ومن اكثرهم جوداً وسخاءاً بعد النبي الاكرم (ص) وكان لا يرى للمال قيمة سوى ان يردّ به جوع جائع، او يكسو به عريانا، وكان يؤثر الفقراء على نفسه ولو كانت به خصاصة، أليس هو، أهل بيته الذين اطعموا المسكين واليتيم والاسير قوتهم، وطووا ثلاثة ايام صياماً لم يذوقوا سوى الماء القراح، فأتحفهم الله بسورة (هل أتى)، وهي وسام شرف وفخر لهم على امتداد التاريخ.
ان الامام (ع) هو الذي تصدّق بخاتمه على المسكين في اثناء صلاته، فأنزل الله تعالى في حقه الاية الكريمة (إنما وليكّم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) ومما جاء في جواهر المطالب، روى الاصبغ ابن نباتة، قال: جاء رجل الى الامام علي (ع) فقال له: يا امير المؤمنين، ان لي إليك حاجة قد رفعتها الى الله قبل ان ارفعها اليك، فإن قضيتها حمدت الله وشكرتك، وان لم تقضها حمدت الله تعالى، وعذرتك؟
فقال له الامام (ع): "اكتب حاجتك على الارض، اني اكره ان أرى ذلّ السؤال على وجهك" .
فكتب الرجل اني محتاج، فأهداه الامام حلّة/ فلبسها وقال أبياتاً منها:
كسوتني حلّة تبلى محاسنها
فسوف اكسوك من حسن الثنا حللا
ان نلت حسن ثناي نلت مكرمة
ولست تبغي بما قد قلته بدلا
ان الثناء ليحيي ذكر صاحبه
كالغيث يحيي نداه السهل والجبلا
لا تزهد الدهر في خير تواقعه
فكل شخص سيجزى بالذي عملا
فأمر الإمام له بمائة دينار، فدفعها له، وبادر الاصبغ قائلا:
يا امير المؤمنين، ومائة دينار؟
لقد استكثر الأصبغ إعطاء الرجل مائة دينار، فأجابه الإمام:
"سمعت رسول الله (ص) يقول: أنزلوا الناس منازلهم، وهذه منزلة الرجل عندي" .
كانت تلك مستمعينا الكرام، شذرة من خلق الامام علي (ع) في سخائه وجوده دمتم في رعايته تعالى.