البث المباشر

المشاهد المشرفة محال الدعاء الالهي

الإثنين 7 أكتوبر 2019 - 12:20 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مزارات الموحدين: الحلقة 5

بسم الله والحمد تبارك وتعالى إله العالمين والصلاة والسلام على أئمة الموحدين ومهوى أفئدة المؤمنين الصادق الأمين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم إخوتنا المستمعين إن من سنة الله عزوجل أن جعل لعباده أماكن مشرفة يكون التوجه إليها توجه إليه جل جلاله بمعالم مشهودة تقربهم إليه لأن هو الغيب المطلق الذي لا تدركه الأبصاروهويدرك الأبصار ومن هذه الأماكن المشرفة الكعبة البيت الحرام والصوامع والبيع والمساجد وكلها بيوت مقدسّة لله عزوجل يتوجه إليها الناس لكي يتعبدوا لله فيها ويلجئون إليها لكي يدعوه.
ومن هذه الأماكن المقدسّة المشرفة لأوليائه عزوجل وأشرفها أحب خلقه إليه محمد وآله الطاهرين الذين أوجب على الخلق مودتهم وجعلهم وسائل للتوسل إليه والتعبد له جل جلاله.ومن مميزات هذه المشاهد المشرفة هي أن زيارتها تذكرالعباد بالأسوة الحسنة من الموحدين الذين بذلوا كل وجودهم في سبيل الله، وبذلك تبعث في قلوب زائريها روح التأسي بهم - عليهم السلام- في سلوكهم التوحيدي وصدق عبوديتهم لله عزوجل، وهذه من أعظم الآثارالتوحيدية لزيارة أولياء الله عزوجل.

 


مستمعينا الأفاضل، وقد بينت الحقيقة المتقدمة عدة من الأحاديث الشريفة منها ما رواه الشيخ الطوسي في كتاب تهذيب الأحكام بسنده عن أبي عامر الساجي واعظ أهل الحجاز قال: اتيت أبا عبدالله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يعني الإمام الصادق فقلت له : يابن رسول الله ما لمن زارقبره – يعني أميرالمؤمنين – وعمّرتربته قال : يا أبا عامرحدثني أبي عن أبيه عن جده الحسين بن علي عن علي ( عليه السلام) ان النبي ( صلى الله عليه وآله) قال له: والله لتقتلن بأرض العراق وتدفن بها، قلت: يا رسول الله ما لمن زارقبورنا وعمرها وتعاهدها؟
فقال لي : يا أبا الحسن ان الله جعل قبرك وقبر ولدك بقاعا من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها، وان الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوته من عباده تحن إليكم وتحتمل المذلة والأذى فيكم، فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقربا منهم إلى الله ومودة منهم لرسوله، أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي والواردون حوضي، وهم زواري غدا في الجنة، يا علي من عمر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس، ومن زار قبوركم عدل ذلك ثواب سبعين حجة بعد حجة الاسلام، وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه، فأبشر وبشرأولياءك ومحبيك من النعيم وقرة العين بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ولكن حثالة من الناس يعيرون زوار قبوركم بزيارتكم كما تعير الزانية بزناها، أولئك شرار أمتي لا نالتهم شفاعتي ولا يردون حوضي.


أيها الأخوة والأخوات، يتضح من الحديث النبوي المتقدم أن زيارة مشاهد أهل بيت النبوة- عليهم السلام- وإعمارها وتحمل الأذى في سبيل الله هي من صفات الموحدين الذين أخلصوا لله في محبته ومحبة أوليائهِ عزوجل وتقربوا إليه بذلك، وعلى العكس فإن الذين يحاربون زيارة هذه المشاهد المشرفة ويسعون في تخريبها هم من ابرز مصاديق الصادين عن سبيل الله الذين يحرمون أنفسهم من الشفاعة المحمدية ويسقطون أنفسهم في مهاوي الضلالة.
ومن هنا كان من سنة أهل البيت - عليهم السلام- الإهتمام بطلب الدعاء من زائري المشاهد المشرفة لأن الله يحب أن يدعى فيها، لاحظوا الرواية التالية عن الإمام الهادي- عليه السلام- فيما يرتبط بالمشهد الحسيني، فقد روي في كتاب كامل الزيارات- عن أبي هاشم الجعفري، قال: بعث إلى أبوالحسن يعني الإمام الهادي (عليه السلام) في مرضه والى محمد بن حمزة، فسبقني إليه محمد بن حمزة فأخبرني انه ما زال يقول: ابعثوا إلى الحائر[يعني مشهد الحسين عليه السلام] فقلت لمحمد: الا قلت له: انا اذهب إلى الحائر، ثم دخلت عليه فقلت له: جعلت فداك انا اذهب إلى الحائر، فقال: انظروا في ذلك (يعني الذهاب الى الحائرالحسيني والدعاء له- عليه السلام- للشفاء من مرضه) قال ابوهاشم الجعفري: فذكرت ذلك لعلي بن بلال، فقال: ما كان يصنع بالحائروهوالحائر[يعني ما حاجة الإمام الهادي وهوإمام أن يدعى لشفائهِ في حرم الحسين عليه السلام]، قال: ابوهاشم فقدمت العسكرفدخلت عليه سلام الله عليه، فقال لي: اجلس حين أردت القيام، فلما رأيته انس بي ذكرت قول علي بن بلال فقال لي: الا قلت له: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يطوف بالبيت ويقبل الحجر، وحرمة النبي (صلى الله عليه وآله) والمؤمن أعظم من حرمة البيت، وأمره الله ان يقف بعرفة، إنما هي مواطن يحب الله ان يذكرفيها، فأنا أحب ان يدعى لي حيث يحب الله ان يدعى فيها، والحائر الحسيني من تلك المواضع.

 


مستمعينا الأفاضل ونختم هذا اللقاء برواية في هذا المجال من طرق أهل السنة فقد أخرج الخطيب البغدادي في تاريخه بإسناده عن أحمد بن جعفرابن حمدان القطيعي قال: سمعت الحسن بن ابراهيم أبا علي الخلال [شيخ الحنابلة في عصره] يقول: ما همني أمرفقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت به إلا سهل الله تعالى لي ما أحب.

 


اعزاءنا مستمعي إذاعة طهران خلاصة الحديث في هذه الحلقة من برنامج مزارات الموحدين هي أن المشاهد المشرفة لأهل البيت- عليهم السلام- هي الأماكن التي يحب الله أن يدعى فيها وتطلب منه الحوائج ويتعبد إليه فيها ولذلك جعل أفئدة المؤمنين تهوي لزيارتها وإعمارها.
رزقنا الله وإياكم ذلك والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة