السلام عليكم أعزاءنا المستمعين، طبتم وطابت أوقاتكم بكل خير.
على بركة الله نلتقيكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج ولنا في قسمها الأول إشارة الى أصالة الصبغة التوحيدية في آداب زيارة أولياء الله عليهم السلام.
فواضح من هذه الآداب الشرعية أن تتمحور حول جعل هذا الزيارة وسيلة للإستزادة من الفيض الإلهي .
قال الشهيد الأول رحمة الله عليه في كتاب الدروس الشرعية: للزيارة آداب: (أحدها) الغسل قبل دخول المشهد والكون على طهارة فلو أحدث أعاد الغسل قاله المفيد (رض) وإتيانه بخضوع وخشوع في ثياب طاهرة نظيفة جدد.
(وثانيها) الوقوف على بابه والدعاء والاستيذان بالمأثور فان وجد خشوعا ورقة دخل وإلا فالأفضل له تحري زمان الرقة، لان الغرض الأهم حضور القلب ليلقى الرحمة النازلة من الرب، فإذا دخل قدم رجله اليمنى وإذا خرج فباليسري.
ثم قال هذا الفقيه متابعاً الحديث عن آداب الزيارة: - (ورابعها) استقبال وجه المزور واستدبار القبلة حال الزيارة، ثم يضع عليه خده الأيمن عند الفراغ من الزيارة ويدعو متضرعا، ثم يضع خده الأيسر ويدعو سائلا من الله تعالى بحقه وحق صاحب القبر أن يجعله من أهل شفاعته ويبالغ في الدعاء والالحاح، ثم ينصرف إلى ما يلي الرأس ثم يستقبل القبلة ويدعو.
أيها الأخوة والأخوات نتابع تقديم هذه الحلقة من برنامج ( مزارات الموحدين)، فننقل لكم مجموعة أخرى من فتاوي أعلام فقهاء مذاهب أهل السنة بشأن زيارة المشاهد المشرفة ورد شبهات ذيول النزعات الأموية الجاهلية. فمنها: قال القاضي عياض المالكي المتوفى 544، في " الشفاء ": وزيارة قبره صلى الله عليه وسلم سنة مجمع عليها، وفضيلة مرغب فيها. ثم ذكر عدة من أحاديث الباب فقال: قال إسحاق بن إبراهيم الفقيه: ومما لم يزل من شأن من حج المزور بالمدينة والقصد إلى الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتبرك برؤية روضته ومنبره وقبره ومجلسه وملامس يديه ومواطن قدميه والعمود الذي استند إليه ومنزل جبريل بالوحي فيه عليه، ومن عمره وقصده من الصحابة وأئمة المسلمين، والاعتبار بذلك كله.
و قال ابن هبيرة المتوفى 560، في كتاب " اتفاق الأئمة ": اتفق مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى على أن زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مستحبة .
الغدير – الشيخ الأميني – ج 5 – ص 119
وقال قاضي القضاة شهاب الدين الخفاجي الحنفي المصري المتوفى سنة 1069 في شرح الشفا 3 ص 566: واعلم أن هذا الحديث [أي حديث: لاتشد الرحال] هو الذي دعا ابن تيمية ومن معه كابن القيم إلى مقالته الشنيعة التي كفروه بها وصنف فيها السبكي مصنفا مستقلا وهي منعه من زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشد الرحال إليه وهو كما قيل:
لمهبط الوحي حقا ترحل النجب
وعند ذاك المرجى ينتهي الطلب
فتوهم أنه حمى جانب التوحيد بخرافات لا ينبغي ذكرها فإنها لا تصدر عن عاقل فضلا عن فاضل سامحه الله تعالي. وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تتخذوا قبري عيدا. فقيل: كره الاجتماع عنده في يوم معين على هيئة مخصوصة . وقيل: المراد لا تزوره في العام مره فقط بل أكثروا الزيارة له، وأما احتماله للنهي عنها فهو بفرض أنه المراد محمول على حالة مخصوصة أي لا تتخذوه كالعيد في العكوف عليه وإظهار الزينة عنده وغيره مما يجتمع له في الأعياد، بل لا يؤتى إلا للزيارة والسلام والدعاء ثم ينصرف . وقال في شرح حديث: لا تجعلوا قبري عيدا: أي كالعيد باجتماع الناس وقد تقدم تأويل الحديث وإنه لا حجة فيه لما قاله ابن تيمية وغيره فإن إجماع الأمة على خلافه يقتضي تفسيره بغير ما فهموه فإنه نزعة شيطانية.
مستمعينا الأفاضل، وها نحن نصل الى ختام حلقة أخرى من برنامج مزارات الموحدين إستمعتم لها من إذاعة طهران .
تقبل الله طاعاتكم ودمتم بكل خير.