السلام عليكم إخوة الإيمان
يستفاد من الأحاديث الشريفة المروية من طرق الفريقين أن زيارة مشاهد أهل بيت النبوة – عليهم السلام – من مصاديق البر بهم مثلما أن تركها من مصاديق الجفاء عليهم السلام.
وهذا ما يصرح به حديث رسول الله – صلى الله عليه وآله – الوارد بمضمون " من حجّ ولم يزرني فقد جفاني ".
وستأتي مؤيدات روائية إخرى لهذا المعنى لاحقاً أما الآن فنتابع ما قمنا به في الحلقات السابقة من نقل فتاوي المذاهب الإسلامية بشأن الزيارة...
نبدأ أيها الأخوة والأخوات بفتوى إمام المذهب المالكي مالك ابن أنس فقد أخرج القاضي عياض بإسناده عن ابن حميد قال: ناظر أبو جعفر يعني الخليفة العباسي المنصور الإمام مالكا في مسجد رسول الله فقال له مالك: يا أمير المؤمنين! لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله تعالى أدب قوما فقال: " لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ". ومدح قوما فقال: إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله ". وذم قوما فقال: " إن الذين ينادونك من وراء الحجرات ". وإن حرمته ميتا كحرمته حيا، فاستكان لها أبو جعفر وقال: يا أبا عبدالله استقبل القبله وأدعوا أم أستقبل رسول الله فقال: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله تعالى يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله تعالى قال الله تعالي: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله.
وقال أبو محمد عبدالكريم بن عطاء الله المالكي المتوفى سنة 612 في مناسكه: إذا كمل لك حجك وعمرتك على الوجه المشروع لم يبق بعد ذلك إلا إتيان مسجد رسول الله للسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والدعاء عنده والوصول إلى البقيع وزيارة ما فيه من قبور الصحابة والتابعين والصلاة في مسجد الرسول فلا ينبغي للقادر على ذلك تركه.
وقال أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن الحسين السامري الحنبلي المعروف بابن أبى سنينة المتوفى 616 في كتاب " المستوعب ": وإذا قدم مدينة الرسول عليه السلام استحب له أن يغتسل لدخلوها. ثم ذكر أدب الزيارة وكيفية السلام والدعاء والوداع.
وقال القاضي أبوالعباس أحمد السروجي الحنفي المتوفى 710، في كتاب " الغاية" إذا انصرف الحاج والمعتمرون من مكة فليتوجهوا إلى طيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وزيارة قبره فإنها من أنجح المساعي.
وقال الشيخ عبدالباسط بن الشيخ علي الفاخوري مفتي بيروت في كتاب [الكفاية لذوي العناية] في الفصل الخاص بزيارة النبي – صلى الله عليه واله –: وهي متأكدة مطلوبة ومستحبة محبوبة، وتسن زيارته في المدينة كزيارته حيا وهو في حجرته حي يرد على من سلم عليه السلام، وهي من أنجح المساعي وأهم القربات وأفضل الأعمال وأزكى العبادات، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: من زار قبري وجبت له شفاعتي،ومعني"وجبت" ثبتت بالوعد الصادق الذي لا بد من وقوعه وحصوله، وتحصل الزيارة في أي وقت و كونها بعد تمام الحج أحب، ويجب على من أراد الزيارة التوبة من كل شئ يخالف طريقته وسننه صلى الله عليه وآله وسلم.
مستمعينا الأفاضل
أما الفقرة الأخيرة من هذا اللقاء فهي رواية معبرة في إشارة جميلة الى أن زيارة مشاهد أولياء الله من مصاديق البر بهم وتركها من الجفاء بهم – عليهم السلام –
قال السيد علي بن طاووس في كتاب الدروع الواقية: عن محمد بن أحمد بن داود القمي في كتاب الزيارات، بإسناده إلى محمد بن داود بن عقبة، قال: كان جار لي يعرف بعلي بن محمد، قال: كنت أزور الحسين (عليه السلام) في كل شهر، ثم علت سني وضعف جسمي، فانقطعت عن الحسين (عليه السلام) مدة، ثم إني خرجت في زيارتي إياه ماشيا، فوصلت في أيام، فسلمت وصليت ركعتي الزيارة، ونمت فرأيت الحسين (عليه السلام) قد خرج من القبر، وقال لي: " يا علي جفوتني وكنت لي برا؟". فقلت: يا سيدي ضعف جسمي وقصرت خطاي، ووقع لي أنها آخر سني فأتيتك في أيام، وقد روي عنك شئ أحب أن أسمعه منك، فقال (عليه السلام): قل. فقلت: روي عنك: من زارني في حياته زرته بعد وفاته. قال: " نعم" قلت: " ذلك، وان وجدته في النار أخرجته ".
إنتهى لقاؤنا بكم أعزاءنا مستمعي إذاعة طهران ضمن حلقة اليوم من برنامج مزارات الموحدين، شكراً لكم والسلام عليكم.