سلام من الله عليكم إخوة الإيمان... أهلاً بكم
كنّا أيها الأعزاء قد خصصنا عدة حلقات من هذا البرنامج لنقل فتاوي كبار علماء المذاهب الإسلامية من قرون مختلفة والتي ترد على شبهات فقهاء الخط الأموي بشأن زيارة المشاهد المشرفة والساعية لحرمان الناس من بركاتها...
وهذا ما نتابعه في هذا اللقاء، فمن هذه الفتاوي قال الشيخ محمد أمين ابن عابدين المتوفي، في كتاب [رد المحتار على الدر المختار] عن زيارة النبي – صلى الله عليه وآله : مندوبة بإجماع المسلمين ثم قال: وهل تستحب زيارة قبره صلى الله عليه وآله وسلم للنساء؟ الصحيح: نعم، بلا كراهة بشروطها على ما صرح به بعض العلماء، أما على الأصح من مذهبنا وهو قول الكرخي وغيره من أن الرخصة في زيارة القبور ثابتة
للرجال والنساء جميعا فلا إشكال، وأما على غيره فذلك نقول بالاستحباب لإطلاق الأصحاب.
إلى أن قال: قال ابن الهمام: والأولى فيما يقع عند العبد الضعيف: تجريد النية لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام، ثم يحصل له إذا قدم زيارة المسجد، أو يستمنح فضل الله تعالى في مرة أخرى ينويها لأن في ذلك زيادة تعظيمه صلى الله على وسلم وإجلاله ويوافقه ظاهر ما ذكرناه من قوله صلى الله عليه واله وسلم: " من جاءني زائرا لا تعمله حاجة إلا زيارتي كان حقا علي أن أكون شفيعا له يوم القيامة ". ونقل الرحمتي عن العارف الملاجامي: إنه أفرز الزيارة عن الحج حتى لا يكون له مقصد غيرها في سفره ثم ذكر حديث: لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد. فقال: والمعنى كما أفاده في" الإحياء" إنه لا تشد الرحال لمسجد من المساجد إلا لهذه الثلاثة لما فيها من المضاعفة بخلاف بقية المساجد فأنها متساوية في ذلك، فلا يرد أنه قد تشد الرحال لغير ذلك كصلة رحم وتعلم علم، وزيارة المشاهد كقبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر الخليل عليه السلام وسائر الأئمة.
مستمعينا الأفاضل، وقبل أن ننقل لكم الفتوى اللاحقة نذكركم بأننا نستفيد في هذا الموضوع مما أورده العلامة الأميني في موسوعه القيمة (الغدير).
فمن هذه الفتاوي قال الشيخ محمد بن السيد درويش الحوت البيروتي المتوفى سنة 1276: زيارة النبي صلى الله عليه وسلم مطلوبة لأنه واسطة الخلق، وزيارته بعد وفاته كالهجرة إليه في حياته، ومن أنكرها فإن كان ذلك إنكارا لها من أصلها فخطاؤه عظيم، وإن كان لما يعرض من الجهلة مما لا ينبغي فليبين ذلك.
قال الشيخ ابراهيم الباجوري الشافعي المتوفى سنة 1277 في حاشيته على شرح ابن الغزي على متن الشيخ أبي شجاع في الفقه الشافعي: ويسن زيارة قبره صلى الله عليه واله وسلم ولو لغير حاج و معتمر كالذي قبله، ويسن لمن قصد المدينة الشريفة لزيارته صلى الله عليه وسلم أن يكثر من الصلاة والسلام عليه في طريقه، ويزيد في ذلك اذا رأى حرم المدينة
وأشجارها، ويسأل الله أن ينفعه بهذه الزيارة ويتقبلها منه.
أيها الأخوه والأخوات
وجعل الشيخ حسن العدوي الحمزاوي الشافعي المتوفى سنه 1303 خاتمة في كتابه [ كنز المطالب] لزيارة النبي صلى الله عليه واله وسلم وفصل فيها القول وذكر مطلوبيتها كتابا وسنة وإجماعا وقياسا، وبسط الكلام في شد الرحال إلى ذلك القبر الشريف، وذكر جملة من آداب الزائر ووظايف الزيارة وقال بعد نقل جمله من الأحاديث الواردة في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمع سلام زائريه ويرد عليهم: إذا علمت ذلك علمت أن رده صلى الله عليه وسلم سلام الزائر عليه بنفسه الكريمة صلى الله عليه واله وسلم أمر واقع لا شك فيه، وإنما الخلاف في رده على المسلّم عليه من غير الزائرين فهذه فضيلة أخرى عظيمة ينالها الزائرون لقبره صلى الله عليه وآله وسلم، فيجمع الله لهم بين سماع رسول الله صلى الله عليه واله، وسلم لأصواتهم من غير واسطة وبين رده عليهم سلامهم بنفسه، فأنى لمن سمع لهذين بل بأحدهما أن يتأخر عن زيارته صلى الله عليه وآله وسلم؟! أو يتوانى عن المبادرة إلى المثول في حضرته صلى الله عليه وآله وسلم؟! تالله ما يتأخر عن ذلك مع القدرة عليه إلا من حق عليه البعد من الخيرات، والطرد عن مواسم أعظم القربات، أعاذنا الله تعالى من ذلك بمنه وكرمه آمين و ثم قال: وعلم من تلك الأحاديث أيضا أنه صلى الله عليه وسلم حي على الدوام، إذ من المحال العادي أن يخلو الوجود كله عن واحد يسلم عليه في ليل أو نهار، فنحن نؤمن ونصدق بأنه صلى الله عليه وسلم حي يرزق، وإن جسده الشريف لا تأكله الأرض.
من إذاعة طهران قدمنا لكم مستمعينا الأفاضل هذا اللقاء من برنامج مزارات الموحدين .
نشكر لكم طيب المتابعة ودمتم بكل خير.