البث المباشر

شرح فقرة: يا مَنْ يخلق ما يشاء

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 11:59 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا مَنْ يخلق ما يشاء " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متساسلة منه والان نحدثك عن احد مقاطعه الجديدة، حيث يبدأ علي هذا النحو: (يا مَنْ يَخْلُقُ مَا يَشَاء، يا مَنْ يَفْعَلُ مَا يَشَاء، يا مَنْ يَهْدِي مَن يَشَاء، يا مَنْ يُضِلُّ مَن يَشَاء،...). 
هذا المقطع من الدعاء ينطوي علي نكات فنية يجدر بنا ملاحظتها، من ذلك مثلاً نجد ان كل عبارتين تتناولان مظهراً متجانساً مع الآخر، سواء كان التجانس علي نحو التتماثل او التضاد، فمثلاً (يا مَنْ يَخْلُقُ مَا يَشَاء) يتجانس مع (يا مَنْ يَفْعَلُ مَا يَشَاء) في التماثل بينهما، بينما عبارة (يا مَنْ يَهْدِي مَن يَشَاء)، تتقابل مع (يا مَنْ يُضِلُّ مَن يَشَاء)، اي: التجانس هنا من خلال التضاد وهكذا سائر مظاهر المقطع.
والان نتحدث عن كل من العبارتين المزدوجتين ونبدأ باولهما، وهما: (يا مَنْ يَخْلُقُ مَا يَشَاء)، و (يا مَنْ يَفْعَلُ مَا يَشَاء). فماذا نستلهم منها؟
بالنسبة الي دلالتيهما نجد ان الخلق والفعل هما: مظهران من عظمة الله تعالي، وانهما من جانب آخر مقترنان بما يشاء الله تعالي، اي، لا محدودية لقدرته تعالي، وهذا هو مظهر العظمة كما هو واضح.
ولكن السؤال الجديد: ما هي الفوارق المترتبة علي الخلق لما يشاء الله تعالي وعلي الفعل، لما يشاء؟ اي ما هو الفارق بين خلقه تعالي وبين فعله؟ 
ان الله تعالي خَلَقَ الإِنسَانَ مثلاً، وخلق السماء والارض، وخلق النبات والحيوان، ولكن الخلق اذا كان يعني: ايجاد الشيء من العدم حينئذ فما هو الفعل المترتب علي ذلك؟ ولنعد الي مثال خَلَقَ الإِنسَانَ، حيث اوجده تعالي من التراب، وهذا الخلق خاضع لمشيئته تعالي كما اراد، كما ان سائر ما خلق خاضع لما يشاء من انواع المخلوقات. 
والسؤال هو: ما هو الفعل المترتب علي الخلق المذكور مادام تعالي يفعل ذلك كما يشاء ايضاً؟
الجواب: اذا عدنا الي مثال الانسان وخلقه، نجد ان ايجاده تعالي من العدم لهذا الانسان قد اقترن بفعل من الله تعالي، كما شاء تعالي هو: جعله خليفة في الارض، وايكال المهمة الخلافية اليه من خلال ما رسمه له من المبادئ، وما رتب عليه من الثواب. 
اذن جعله الخليفة وآثره بممارسة المبادئ المرتبطة بما هو واجب او محرم او مندوب، هي فعل لما يشاء تعالي، وهذا يتداعي بالذهن الي انه تعالي لا يسأل عما يفعل: كما هو واضح، سواء كان ذلك في ميدان الايجاد، او ميدان الافعال المترتبة علي ذلك.
بعد ذلك نواجه عبارتين متجانستين جديدتين وهما: (يا مَنْ يَهْدِي مَن يَشَاء) و (يا مَنْ يُضِلُّ مَن يَشَاء)، وهما فعلان متضادان، الهداية والاضلال والسؤال هو: ماذا نستلهم من هاتين الدلالتين: الهداية والاضلال؟ 
في تصورنا ان المقصود من ذلك هو: بما انه تعالي عالم بما سوف تمارسه الشخصية من السلوك، اي المهمة التي او كلها تعالي للانسان وهي ممارسة المبادئ المرسومة له، حينئذ فإن الله تعالي ييسر للإنسان الملتزم ويهديه الي مواصلة سيرته العبادية المطلوبة، والعكس صحيح، اذا مارس العبد المعصية، فإن الله تعالي يتخلي عن رعايته بأن يدعه وشيطانه يضله، وحينئذ يكون الاضلال من الشخص الضال نفسه بسبب معصيته، وإلا فإن الله تعالي كما اوضح في كتابه حبب إلينا الايمان وزينه في قلوبنا وبغض إلينا الكفر والفسوق والعصيان.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة