البث المباشر

شرح فقرة: يا ذا العزة الدائمة

الأحد 11 أغسطس 2019 - 15:33 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا ذا العزة الدائمة " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا من ذلك الى مقطع خُتم بهذه العبارات: (يا ذا العزة الدائمة، يا ذا القوة المتينة، يا ذا العظمة المنيعة). 
هذه العبارات تتصل بصفات او مظاهر من عظمة الله تعالى المطلقة، ومنها: العزة، والقوة، والعظمة. طبيعياً، المظاهر الثلاثة تعبير عن العظمة المطلقة، واما العظمة التي ورت في الفقرة الاخيرة، فانها سلسلة من الصفات التي رسم لها النص سمة خاصة هي: (العزة) حيث وسمها بـ (الدائمة)، و (القوة) حيث وسمها بالمتينة، والعظمة حيث وسمها بالمنيعة، ونحدثك الآن عن كل من ذلك. 
العبارة تقول: (يا ذا العزة الدائمة)، فماذا نستخلص منها؟ 
العزّ هو ما يندر او يمتنع مثيله لغة ً، واما دلالة، فان العزّ هنا الامتناع ـ بطبيعة الحال ـ عن المثيل، بمعنى ان الله تعالى يمتنع وجود نظير له، انه: العزيز وجوداً على نحو الامتناع، والسؤال الآن هو: ما هي النكتة وراء السمة القائلة بان (عزة) الله تعالى هي(الدائمة)؟ 
الجواب: لا ترديد بان العزة ما دامت هي لله تعالى وحده، فان (الديمومة) تظل متجانسة مع وحدانيته تعالى في العزة وسواها، ان النكتة هنا هي: ان (العزة) هي من الصفات الذاتية التي لا ينفصل التصور فيها عن تصور (الذاتية)، كالعلم وسواه وهي تختلف عما يسميه الكلاميون بالصفات الفعلية كالرازقية مثلاً حيث يُوصف بها تعالى بلاحظة صدورها منه تعالى والتفضل بها على عباده حيث (يَرْزُقُ) مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا ذا القوة المتينة)، فماذا نستلهم منها؟ 
القدرة، او القوة هي من صفات الله تعالى الذاتية كما هو واضح، حيث لا حدود لقدرته او قوته في ابداع ما يشاء، ولكن السؤال في سمة (المتينة) حيث وسم الدعاء القوة بانها (متينة)، فما هو المستلهم منها؟ 
الجواب: (المتانة) هي، القوة في اقوى تصورها، ففي نطاق خبراتنا الدنيوية مثلاً، نجد ثمة قوة متفاوتة في درجة فاعليتها، ولكن في نطاق ما هو (الهي) فان سمة التفاوت منتفية اساساً ما دمنا نؤمن بان صفاته تعالى مطلقة، لا حدود لها: كما هو واضح، والنكتة هنا هي: ان قوته تعالى لا تتصور في مطلقيتها ولا محدوديتها حيث لا تراخي فيها (على عكس التجربة البشرية). 
اخيراً نواجه عبارة (يا ذا العظمة المنيعة)، فماذا نستخلص منها؟ 
الجواب: قلنا ان العظمة هي عنوان عام تندرج ضمن العناوين المتنوعة، فالقدرة عظمة، والعلم عظمة، والرحمة عظمة، وهكذا، ولذلك نتساءل: لماذا وردت العبارة بهذا الشكل العام (يا ذا الرحمة المنيعة)؟ 
في تصورنا، بما ان عظمة الله تعالى مطلقة لا حدود لها بغض النظر عن نمطها: كالعلم او الارادة، لذلك فان الدعاء يستهدف الاشارة الى ان هذه العظمة (ممتنعة) الحصول لدى غير الله تعالى. 
فسمة (المنيعة) هنا تنسحب على ما هو ممتنع من جانب كما تنسحب على ما لا مثيل له من جانب آخر، فالحصن المنيع مثلاً في التجربة الدنيوية يعني: ما لا يمكن الوصول اليه او اختراقه، واما المنيع مطلقاً فيعني الممتنع وجود غيره، فاذا نقلنا الموضوع الى ساحة عظمة الله تعالى، فان الموقف يتضح تماماً بان عظمته تعالى يمتنع نظيرها ولا يمكن تصور سواها، انها عظمة مطلقة ولا حدود لتصورها. 
ختاماً نسأله تعالى ان يمدنا بتوفيق الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة