البث المباشر

شرح فقرة: يا ذا النعمة السابغة، يا ذا الرحمة الواسعة

الأحد 11 أغسطس 2019 - 15:18 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا ذا النعمة السابغة، يا ذا الرحمة الواسعة " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الان عن احد مقاطعه، وهو المقطع الثالث والعشرين، فيما يبدأ بهذا النحو: (يا ذا النعمة السابغة، يا ذا الرحمة الواسعة، يا ذا المنة السابقة...). 
هذه العبارات سنحدثك عنها الآن ولاحقاً ان شاء الله تعالى، ونقف عند الاولى منها، وهي: (يا ذا النعمة السابغة)، فماذا نستلهم منها؟ 
السبوغ هو السعة والطول، ويقابله: الوسع او السعة في العبارة الثانية القائلة: (يا ذا الرحمة الواسعة)، اي: اننا نتوقع منك ان تسأل قائلاً: ما هو الفارق بين النعمة السابغة وبين الرحمة الواسعة، حيث ان الاولى تعني: ان الله تعالى يغدق علينا بنعمه، وهي: (سابغة) ذات سعة وطول، بينما رحمته (واسعة) فحسب، اذن مالفارق بينهما؟ 
والسؤال الآخر: ما هو الفارق بين (النعمة) وبين (الرحمة)؟ 
مما لا ترديد فيه، ان (الرحمة) هي: اوسع دلالة من (النعمة)، وذلك لانها تشمل كل ما هو (اخير) في محتلف مصاديقه، فالشفقة والحب والحنان و... كلها مصاديق للرحمة، واما (النعمة) فهي بدورها احد مصاديق (الرحمة)، ولكنها تفترق عن مقدمات الحب والشفقة والحنان...، بكونها اعم مما هو: اشفاق على الآخر، فانت عندما تتصدق على الفقير: تكون قد اشفقت عليه، ولكن عندما تقدم لغير الفقير (هدية) مثلاً تكون قد انعمت عليه، اي: احدثت له نعمة هي سعة في ما هو متاع او ترف قد يكون زائداً عن الحاجة مثلاً. 
اما فيما يتصل بالفارقية بين (النعمة السابغة) و (الرحمة الواسعة)، فان السبوغ ـ كما قلنا ـ هو سعة في النعمة بالاضافة الى ما هو اطالة منها، اي: ان النعمة تتوفر بجميع مستوياتها عندما تكون (سابغة)، بينما (الرحمة) عندما تكون (واسعة) فهذا يعني انها لا حدود لها، اي: لا عرض لها ولا طول لها، انها غير محدودة: تبعاً لكونه تعالى: (ارحم الراحمين)، وان (رحمته) تسع كل شيء ولا تقف عند المساعدة للفقير، او تقديم الترف للمكتفي، او هدايته الى الايمان والتقوى. 
ونتجه الى العبارة الثالثة وهي: (يا ذا المنة السابقة)، فماذا نستلهم منها؟ 
ان (المنة) بدورها، احد مصاديق الرحمة، ولكنها تفترق عن (النعمة) بكونها اخص منها، اي: انها احد مصاديق النعمة ايضاً، ولهذا تكون (المنة) فرعاً ثالثاً، الاول هو الرحمة، والثاني هو النعمة، والثالث هو (المنة)، فماذا تعني؟ 
(المنة) هي، الانعام على الاخر من غير تعب، اي: ان الله تعالى ينعم على عبده حتى لو لم يقدم العبد ما يستحقه، حيث ان العمل والجهد والتعب ونحوها هي الاسباب التي تجعل الشخصية مستحقة للثواب، اما اعطاء الثواب من غير تعب، فهذا (منة)من الله تعالى على عبده حيث سبقت رحمته كل شيء. اذن ما اوسع رحمة الله تعالى؟ 
ختاماً امكننا ان نوضح كل الفارقية بين العبارات الثلاث (النعمة السابغة، والرحمة الواسعة والمنة السابقة) حيث ان الله تعالى (يسبق) عبده بتقديم المساعدة او الثواب له قبل قيامه بالطاعة. 
مرة جديدة، نسأله تعالى ان ينعم علينا، ويرحمنا، ويمنّ علينا، وان يوفقنا الى الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة