مع تعيين الأمم المتحدة رابع مبعوثٍ لها إلى اليمن وهو هانز غروندبرغ سويدي الجنسية، لإعادة إحياء طاولة المفاوضات، تحدد صنعاء خارطةَ طريقٍ للحل.
بداية هذه الخارطة أكّد عليها، قائد حركة "أنصار الله" اليمنية، عبد الملك الحوثي قائلاً للتحالف السعودي: "أَثبتوا نيّاتكم في الملف الإنساني، ثم أَوقفوا الغارات وأنهوا الاحتلال، ونحن من جانبنا سنتوقّف، وجاهزون للسلام الحقيقي".
ومع وصول الجيش اليمنيّ واللجان الشعبية إلى مشارف مأرب تطرح صنعاء المزيد من المبادرات، ومبادرة مأرب هي آخر ما قدّمته صنعاء وتنصّ على تشكيل إدارةٍ مشتركةٍ للمدينة من أبنائها وإخراج عناصر "القاعدة" منها.
والأسئلة هنا التي نطرحها بعد 7 سنوات من العدوان السعودي، هل ستشكّل مبادرة صنعاء مخرجاً للتحالف السُعودي من المستنقع؟ وهل يسعى التحالف السعودي إلى وقف الحرب عسكرياً مع الاحتفاظ بالحصارِ والغارات للهروب من الفشل في الميدان؟ وهل قرار قبول أو رفض المبادرة بيد الرياض أم أن أميركا هي المتحكم بالقرار.
لم تحمل جولات التفاوض السابقة لإنهاء الحرب على اليمن أي جديد، بل تكرّرت خلالها العروض نفسها التي ترى قيادة صنعاء أنها تستهدف بالدرجة الأولى وقف تقدُّم قواتها نحو مدينة مأرب وتخليص الإدارة الأميركية من الضغوط المُسلّطة عليها لوقف الحرب عبر إلقاء اللوم على "أنصار الله".
رفضت صنعاء تلك العروض وانتهجت سياسة تفاوضية قائمة على فصل المسار الإنساني عن بقية المسارات مستبعدة بشكل كامل المقايضة على رفع الحصار كاملاً، وهذا ما أكده قائد حركة "أنصار الله" اليمنية، عبد الملك الحوثي، اليوم، بقوله: "من ينادي بالسلام، وهو يرعى استمرار العدوان، يقدّم سلاماً على الطريقة الإسرائيلية".
السعودية التي تسلحت بمبادرات ترتكز إلى الموافقات المشروطة على فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة حاولت الانتقال من كونها قائدة للحرب إلى وسيط سلام بين الأطراف المحلية مع ما في ذلك من تجاوز لوقائع الجرائم المرتكبة بحق اليمن وشعبه.
ومع تعثّر المفاوضات عملت واشنطن التي تدرك أنّ الاستقرار في اليمن يُشكّل مأزقاً لها على إطالة أمد الحرب بعد فشلها في فرض الحلول الجاهزة والمعلبة لذا لجأت إلى ممارسة سياسة الضغوط القصوى على صنعاء الرافضة لسياسة الإملاءات وفرض الرؤى الأميركية كلّما شعرت بذلك المأزق، وهي اتهمت مراراً صنعاء بأنها رافضة للسلام وحمّلتها مسؤولية تعطيل الحلّ السياسي.
في مقابل سياسة الابتزاز الأميركية تتخبط السعودية في سياستها الخارجية تجاه اليمن، ففي الوقت الذي حاول ولي العهد محمد بن سلمان خطب ودّ صنعاء، مشيراً إلى أنَّ مكوّن أنصار الله لديه نزعة عروبية وصف مندوبه لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي أنصار الله، بأنهم منظمة إرهابية متجاهلاً حقيقة أن هذا المُكون أضحى أكبر المكونات وأبرزها حضوراً في المشهد اليمني.
عضو المجلس السياسي في حركة أنصار الله محمد البخيتي، أكد للميادين أنّ "ما نقبل به اليوم لن نقبله مستقبلاً مع تغير موازين القوى"، مضيفاً أنّ "اليمن في حالة حصارٍ وعدوان ويواجه 17 دولة والحديث عن فساد في صنعاء هو تضليل".
بدوره، الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني للدراسات الاستراتيجية ديفيد دي روش قال إنّ "هناك مبالغة في مواقف صنعاء بشأن دور واشنطن وتأثيرها في حرب اليمن"، مشيراً إلى أنّ "السعودية كدّست الأسلحة الأميركية وانخرطت في الحرب انطلاقاً من مصالحها".
في المقابل، اعتبر البخيتي أنّ "صنعاء تستمد شرعية معركتها من منطق الدفاع عن النفس ومستعدة للسلام إذا توقف العدوان"، مبيناً أنّ "واشنطن تقدم المساعدات العسكرية إلى دول العدوان ومرتزقتها في اليمن".
من جهته اعتبر دي روش أنّ "العقوبات الأميركية لا تستهدف الشعب اليمني إنما القيادات الحوثية"، مضيفاً أنّ "واشنطن ترى أن الطرفين لا يريدان التوصل إلى حلٍّ في اليمن".
ورأى أن "الساحة اليمنية ليست محطة ارتكاز في السياسة الأميركية، وواشنطن تزود السعودية بالأسلحة لكنها لا تشارك في القصف على اليمن"، بحسب تعبيره.
وفي سياقٍ متصل، شدد عضو المجلس السياسي في حركة أنصار الله محمد البخيتي، على أنّ "صنعاء تؤيد عملية سياسية تستوعب الجميع وتراعي التوازنات في البلاد"، مبيناً أنّ "استمرار الحرب على اليمن يَصبّ في مصلحةِ الولايات المتحدة الأميركية.
وأشار إلى أنّ "الحرب على اليمن أُعلنت من واشنطن وهي تريد الحديث معنا كوسيط"، معتبراً أنّه من السابق لأوانه الحكم على المبعوث الأممي الجديد ونحن لا نتعامل مع أشخاص بل منظمة".