خبراء البرنامج: الشيح ابراهيم الحجاب الباحث الاسلامي من السعودية والدكتورة سميرة عبد الوهاب المختصة في علم النفس التربوي من الكويت
بسم الله الرحمن الرحيم أعزائي المستمعين في حلقة اليوم سوف نتطرق الى موضوع العلاقة بين الزوجين وخاصة فيما يتعلق بالتعاون والإنسجام داخل البيت وكذلك في تربية الأولاد لما لهذين، التعاون والإنسجام من دور واهمية في توطيد أواصر المحبة والود بين أفراد الأسرة التي تؤدي بدورها الى بث روح التفاؤل والأمل للمستقبل السعيد. فمابالك عزيزي المستمع الى أن الزوج عكف عن إبداء أي مساعدة او تعاون او تقديم أي نوع من أنواع التفاهم والإنسجام مع زوجته خاصة في البيت. فما الذي يمكن أن ينجم عن ذلك من مشاكل؟ هذه المشاكل حتماً ستؤدي الى خلق اجواء مشحونة بالتوتر والإنفعال بالإضافة الى ما ستؤدي اليه من أسباب تباعد وإنشقاق بين الأفراد سواء بين الأم والأب او بين الأولاد وما ستعكسه بالنتيجة سلباً على حياة هذه الأسرة. لذا أعزائي إرتئينا إستضافة ضيفين من ضيوف البرنامج لأجل تسليط الضوء أكثر على هذا الموضوع وضيفانا هما سماحة الشيح ابراهيم الحجاب الباحث الاسلامي من السعودية والدكتورة سميرة عبد الوهاب المختصة في علم النفس التربوي من الكويت. فاصل قصير مستمفينا ونعود اليكم
لما إنتهى المشهد الأخير من الفلم نهض حازم من مكانه وإلتفت حوله لم يجد أولاده بجانبه ولازوجته لكنه سمع أصواتهم القادمة من الغرفة المجاورة للصالة التي جلس فيها. رفع صوته قليلاً وقال لزوجته: احلام... يا أحلام أنا جائع، ممكن أن تسرعي قليلاً في إعداد الطعام؟ هيا بسرعة أرجوك!!
ومن بعيد سمع زوجته تجيبه قائلة: ماذا يمكنني أن أفعل لوحدي، فقد بدأت بالإعداد منذ قليل بينما أنت وأولادك كنتم منشغلين بمتابعة الفلم.
قال لها: الفلم إنتهى والآن أنا جائع، وعليّ الذهاب الى صديقي أبي محمد حسب الموعد.
قالت له: اذن مادمت على عجل فيمكنك مساعدتي في المطبخ قليلاً حتى يتم إعداد الطعام بسرعة أكثر.
هنا قال لها حازم: آه... سوف أستلقي قليلاً لأنني أشعر بالتعب، ولما تنتهين نادي عليّ!
بعد لحظات نادت الأم اولادها فلم يأت الجواب من أي منهم! كررت نداءها فلم يأتيها الجواب أيضاً. قررت أن تذهب بنفسها الى غرفتهم ولما فتحت الباب وجدتهم لازالوا يتابعون مشاهدة فلم سينمائي عبر الجهاز الذي إشتراه لهم أبوهم. قالت لهم: ألم أنادي ليأتي أحد لمساعدتي؟
قال لها نوفل الإبن الأكبر: وماذا تريدين ياأمي؟
قالت له: هيا إذهب الى الخباز لتأتي منه ببعض الأرغفة، ومن بعدها عليك الذهاب الى العطار لتشتري منه لبناً وبعض الحاجيات الأخرى.
بسرعة إعتذر نوفل وقال: أرجوك ياأمي أن تعذريني فوقت ذهابي الى النادي قد حان وعليّ تغيير ملابسي بسرعة قبل أن يصب صديقي رياض بسيارته الى البيت، حاولي أن تطلبي ذلك من أخي بسام او اختي سهام.
إنزعجت الأم كثيراً من هذا الموقف وحاولت أن تمسك بأعصابها لكي لاتقول شيئاً بغضب فتندلع المشكلة مرة اخرى كالمرات السابقات عندما كان يرفض الأولاد مساعدة امهم.
في يوم عاد حازم مسرعاً الى البيت ولما فتح الباب وجد زوجته احلام أمامه. قال لها: الحمد لله انت في البيت، فبعد ساعة تقريباً سيزورتي بعض الأشخاص لإجراء بعض الأعمال التي ستدر عليّ بأرباح لابأس بها. فما عليك يازوجتي العزيزة في هذه الحالة إلا أن تعدي لنا وجبة لذيذة من وجبات التي تشتهرين بها حتى أكون بالصورة الحسنة امام هؤلاء الأشخاص.
قالت له زوجته: لابأس سوف أكون عند حسن ظنك، ولكن يجب أن تساعدني قبل أن يأتي هؤلاء الأصدقاء وتذهب لتشتري...
ولم تكد تكمل كلامها حتى سارع حازم للإعتذار منها وقال: هذه الأمور انا لاأفهم فيها، فهذه الأعمال من واجب النساء فقط وأنا لاأفهم فيها شيئاً اولاً وثانياً ليس عندي الوقت الكافي كي أساعدك في شراء الخضروات او الخبز او الأشياء الأخرى. حاولي أن تتصرفي ياأمرأة.. حاولي!
نظرت احلام الى زوجها نظرة شابتها علامات الاستغراب والاستفهام ولكن ماذا تفعل وماذا تعد بهذه السرعة وهناك أشياء كثيرة يجب أن تخرج الى السوق المجاور للبيت للتتبضع، كذلك يجب تنظيف الأشياء الظاهرة في البيت وكذلك عليها طهي الطعام وتوفير المائدة! يا إلهي ماذا سأفعل؟؟ الوقت قصير والدقائق تمضي بسرعة وأنا لوحدي ولاأحد يرضى بمساعدتي وزوجي سيكون شديد الغضب لو تأخرت في تقديم الطعام للضيوف... نعم إنه عصبي المزاج أنني اعرفه جيداً خاصة في هذه المناسبات!!
وفعلاً مستمعينا وبعدما حانت ساعة وصول الضيوف سمع حازم طرقاً على الباب ولما فتحه وجد أصدقاءه كلهم امامه، رحب بهم وطلب منهم الدخول. وهنا بدأت المشكلة تعظم وتكبر بالنسبة الى احلام التي قررت هذه المرة أن تعطي درساً الى زوجها حازم في أن لايتكل عليها في كل شيء دون ان يبدي أي مساعدة او معونة. نعم فأنا لست بخادمة، يستأجرني زوجني عند الأزمات وعند المواقف الصعبة او عندما يدعو أصدقاءه او أهله الى البيت، هكذا قالت مع نفسها احلام.
وفجاة جاء صوت من الصالة: يا احلام أي انت لقد تأخرت!
ولما لم يكن هناك جواب قرر حازم الذهاب بنفسه الى المطبخ لكي يؤنب زوجته على التأخير وإحراجه أمام أصدقاءه. دخل المطبخ فلم يعثر على زوجته، إلتفت يميناً ويساراً فلم ير طعاماً ولاشيء يدل على أن زوجته قد أعدته. تفاجئ كثيراً، اعاد النظر من جديد فربما قد أخطأ التخمين... لا مثل ما شاهد قبل قليل، فلا شيء على النار ولاأي نوع من الطعام او الشراب قد اعدته زوجته لأجل تقديمه للضيوف. خرج حازم من المطبخ وقد بدأت علائم الغضب ترتسم على وجهه، فتح باب الغرفة فلم يجد فيها أحداً، فتح باب الغرفة الثانية ايضاً فلم يجد فيها أحداً! ثارت ثائرته وراحت يداه تبعثر بعض الأشياء في الغرفة وفي المطبخ وفي بعض أركان البيت الأخرى دليلاً على عصبيته غير الطبيعية التي اخذت تنتابه، صرخ بأعلى صوته دون أن يبالي بوجود الضيوف: احلام... يا احلام أين انت؟ فالضيوف بإنتظار الطعام هيا بسرعة إنزلي من فوق فلا وقت لي للوقوف هنا اطول يجب العودة الى الصالة بجانب أصدقائي، قلت لك هيا إنزلي بسرعة!!
نعم مستمعينا لم يكن في البيت من يرد على حازم، لازوجته ولااولاده. وما نداءات حازم لزوجته أن تنزل بسرعة إلا أوهام قد تمسك بها حازم لإقناع نفسه وإرضاءها عادة فقد تأكد له أن زوجته ليست في البيت كما لم يكن هناك لاطعام ولاشراب ولاأي شيء مشابه لذلك يمكن أن يقدمه لأصدقاءه الضيوف!!!
بعد أن استمعنا أعزائي الى قصة حازم واحلام نتوجه الى ضيفنا سماحة الشيخ ابراهيم الحجاب الباحث الاسلامي من السعودية لسؤاله عما يقوله الشرع بخصوص مساعدة الزوجة في امور البيت كما يتوقع منها الإهتمام بشؤون المنزل ورعاية الأبناء وماهي الحلول في هذه الحالة والإرشادات التي يمكن تقديمها للأزواج الذين لايساعدون زوجاتهم في أعمال البيت؟
الحجاب: بسم الله الرحمن الرحيم
من خلال الإصغاء والإستماع الى هذه الصورة الواقعية التي تحدث في مجتمعنا والتي حدثت مع الزوج حازم والزوجة احلام حيث طلبت الزوجة احلام من زوجها أن يساعدها فأبى ذلك. من خلال هذه الإنطلاقة سوف أوجه نصيحتي الى هذا الزوج حازم وكل زوج ينحو هذا الطريق الذي اخذه حازم. طبعاً لما ننظر الى مجتمعنا والى عاداتنا وتقاليدنا نرى بعض العادات والتقاليد او بعض الصورة الاجتماعية التي فرضها المجتمع علينا ربما تنافي مبادئ الشريعة الاسلامية. نلاحظ من خلال هذه القصة الواقعية أنما لما طلبت الزوجة من زوجها حازم أن يساعدها ربما أخذه الغرور، أخذه الأنا، ربما في بعض المجتمعات لم يتعود من الزوج أن يساعد زوجته او يقدم لها المساعدة في الحياة الزوجية، هذا ينافي مبادئ الشريعة الاسلامية. لما نعود الى التعاون بشكل عام نلاحظ أن الشريعة المباركة حثت على التعاون، الدين الاسلامي حث على التعاون. رسول الله صلى الله عليه وآله في احاديث كثيرة حث على التعاون بشكل عام في المجتمع ونلاحظ القصة المشهورة التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وآله عندما كان في رحلة او كذا واشتروا شاة، شخص قال عليّ ذبحها، شخص آخر قال عليّ سلخها، الآخر قال عليّ طبخها ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال أنا عليّ جمع الحطب دليل على أن روح التكاتف والتعاون بين أفراد المجتمع يولد قوة واحدة. لاحظوا تعاون هؤلاء فولدوا قوة واحدة، القوة الواحدة هي أن الجميع قام بالتعاون في إعداد هذه الشاة، في طبخها، في ذبحها، في سلخها. هذا على مستوى المجتمع، نأتي على مستوى الأسرة لما يتعاون الزوج وانا أوجه ندائي الى هذا الزوج وأمثاله، صدقوني أقول لهذا الزوج: أيها الزوج اذا تعاون تبعث الراحة الى الزوجة تتباهى وتفتخر بأن هناك زوج مؤمن خير يتعاون معها. ايضاً الأبناء يفتخرون ويتذكرون هذه اللحظات السعيدة (رحمة الله على أبي كان يعاون امي، كان يتعاون معها في إعداد المائدة مثلاً او تنظيف البيت) هذه صور رائعة، صور جميلة، صور كلما تذكرها الانسان يشعر بالسعادة. لنترك العادات والتقاليد التي تنافي مبادئنا. ليس من واجبها ان تعد لك الطبخ واذا اعدت لك الطعام الشريعة المباركة تعطيها اجار، اذا أرادت أن تربي أبناءك تعطي لها أجار، اذا أرادت أن ترضع أبناءك تدفع لها أجر على ذلك اذا قالت هذا ليس من حقي وأنت قلت هذا ليس من حقي فأصبحت هذه الأسرة متفككة وأصبحت بعيدة عن التعاون، الدمار يسودها وحتى تصبح عالة على المجتمع هذه الأسرة لكن اذا كانت هذه الأسرة متعاونة. اذا كان في هذه الأسرة الحب وفيها العطف ومراعات الشعور والكل يشعر بالاخر فتكون هذه الأسرة نعم الأسرة.
بعد أن سمعنا ما قاله سماحة الشيخ ابراهيم الحجاب الباحث الاسلامي من السعودية نتوجه الآن الى الدكتورة سميرة عبد الوهاب المختصة في علم النفس التربوي من الكويت لسؤالها عن التبعات الاجتماعية التي تنجم في حالة عدم إبداء الزوج روح التعاون مع زوجته في البيت وماهي المشاكل التي ممكن أن تخلقها هذه الحالة وكيف علينا تقديم النصح والحلول المناسبة الى الزوج الذي لم يتعود ابداً مساعدة زوجته في البيت؟
عبد الوهاب: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى أل بيته الطيبين الطاهرين
بالنسبة للأسئلة التي طرحتموها حول التعاون بين الزوجين، بداية نقول هنالك بعض الرجال لايجدون حرجاً في مساعدة زوجاتهم في شؤون البيت والبعض الآخر يجد نفسه مضطراً لذلك بحكم عمل الزوجة والبعض الآخر لايحبذ أن يتعاون ويتحمل مسؤولية البيت مع الزوجة. نقول هنا أن الزواج هو مشاركة بين الزوج والزوجة لبناء اسرة على أساس سليم ومهم التبادل والتعاون وبالأساس نجاح أي حياة زوجية واستقرارها. كل من الزوجين له دور في بناء كيان الأسرة. بعد خروج المرأة للعمل بات ضروري التعاون بين الزوجين لأن اصبحت هناك ضغوط على المرأة، هناك ضغوط وتبعات نفسية وجسدية على المرأة تتمثل في كثرة العبء على الزوجة خصوصاً الزوجة العاملة حالياً التي تلعب اكثر من دور في آن واحد فهي زوجة وأم مربية وعاملة في البيت تتولى شؤون المنزل وفي نفس الوقت هي موظفة ولها مهام خارج البيت، كل ذلك يخلق لديها ضغوط نفسية وإرهاق ذهني وجسدي وهذا يجعلها تعيش في توتر وقلق خصوصاً اذا لم تجد من يخفف عنها خاصة اذا كان الزوج أقرب المقربين اليها لايخفف عنها هذه الأعباء او يشاركها في بعض منها على الأقل. من هنا تبدأ المشاحنات بينها وبين الزوج الذي يعيش دور السيد الآمر الناهي في البيت، هذه المشاحنات لايقتصر دورها على الزوجين بل قد تطول الأبناء. بالنسبة للمشاكل التي قد تنجم عن ذلك وطبعاً هناك الكثير من المشاكل وهنا نذكر البعض منها أن الجو يكون مشحوناً بالتوتر بين الزوجين، تبادل الإتهامات لأنه لايمكن للمرأة أن تقوم بكل المهام الملقاة عليها على اكمل وجه فلابد أن يكون هناك تقصير في بعض الجوانب، يكون هناك تبادل إتهامات بينها وبين الزوج حول قصور كل منهما إتجاه الآخر وحول المنزل وحول تربية الأبناء. النقطة الثانية عدم احساس الزوجة بأنها محبوبة من قبل الزوج فالحب والود لاينحصر في الكلمات فقط، الزوجة تريد أن ترى هذه الكلمات تنطبق على أرض الواقع ويكون هذا من الأفعال والأعمال وفي تخفيف الأعباء عنها. هناك بعض النقاط تتمثل أنه اولاً يدرك الزوج الفهم الصحيح للآية المباركة " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء" (سورة النساء۳٤) فالقوامة ليست تكليف وليست تشريف وإنما هي مسؤولية يحاسب عليها الرجل وليس عليه أن يتباهى بها وهذا للأسف يعتبره الكثير من الرجال أنه تشريف له في القوامة على النساء. ثانياً الإقتداء بخاتم الرسل للبشرية محمد صلى الله عليه وآله عندما قال "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" حيث كان يتعاون مع زوجاته في شؤون المنزل وهذا لن ينزل من شأن الرسول الذي هو شخص كامل. وقوله ايضاً "ما أكرم المرء إلا كريم وما أهانه إلا لئيم" فتعاون الزوج مع المرأة هو إكرامها لها حسنات يجزى بها الزوج. كذلك الإقتداء بأمير المؤمنين عليه السلام في مساعدة سيدة نساء العالمين في شؤون المنزل وتربية الأبناء. والنقطة المهمة هنا علينا أن نعد أبناءنا قبل أن نزوجهم ونبني عندهم روح التعاون والمشاركة في تحمل المسؤولية وهذا له دور كبير في الحياة الزوجية لاحقاً وتصدي لهذ المشاكل التي يحبذ أن يجد لها حلاً جذرياً.
في ختام حلقة اليوم نشكر ضيفينا الكريمين حسن المشاركة كما نشكر لكم أعزائي حسن الإستماع، الى اللقاء.