خبراء البرنامج: الشيخ عقيل زين الدين الباحث الاسلامي من لبنان والدكتورة كوكب العطار الباحثة الاجتماعية من العراق
بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته نرحب بكم من طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران ومقدم لحضراتكم برنامج من الواقع. في هذه الحلقة سنتناول قصة الأب الذي إعتاد ضرب أبناءه وأن يهين زوجته ويلجأ الى تحطيم بعض أثاث المنزل لسبب بسيط جداً وهو عدم سيطرته على أعصابه وعدم التحكم بعقله خاصة عندما يكون غاضباً متوتراً لكن السبب الأول او السبب الرئيس الذي يدفعه الى إنفلات أعصابه هو الإدمان. اذن اعزاءنا المستمعين سوف يكون عنوان حلقة اليوم هو إدمان الأب وإنعكاسات ذلك على تصرفاته وسلوكه تجاه عائلته وتجاه المجتمع ومساوئ ذلك على الشخص نفسه ولأجل ذلك سوف نستضيف كلاً من سماحة الشيخ عقيل زين الدين الباحث الاسلامي من لبنان والأستاذة كوكب العطار الباحثة الاجتماعية من العراق فتابعونا.
فجأة نهض الأب من مكانه وتوجه الى غرفته ولم تمض سوى ثواني حتى خرج منها ثائراً معربداً وقد توجه الى أحد أبناء وقال له: إنهض الآن بسرعة وإذهب لتشتري لي علبة سجائر. هيا إنهض بسرعة!
ساد لحظتها صمت رهيب وراحت العيون تسترق الأنظار فما الذي حصل ياترى؟ لم يتفوه الأب المسكين بأية كلمة سوى أنه هزّ رأسه مطيعاً صاغراً. نظرت اليه أمه فأنتابها ألم شديد مزّق قلبها أما إخوته فقد أخذت بهم موجة من السخط الممزوج بالقهر والحيرة من تصرفات أبيهم أملاً للوصول الى شواطئ النجاة والرحمة من لدن العزيز الكريم ليعلنوا بأفئدتهم الباكية وألسنتهم المبلوعة رفضهم القاطع. لم يكتف الأب بذلك فنظر الى زوجته بعين الغضب وقال لها: لماذا انت جالسة لاتتحركين. تمتمت الزوجة بشفاه يائسة مرتجفة وقالت: وماذا عساي أن افعل؟ قل ماذا تريد وسأنجزه لك في الحال!
صرخ بها وقال: لاأريد شيئاً، بل أريد أن تعدي لي شاياً رأسي يكاد ينفجر. هيا لماذا لاتتحركي الى الآن؟
نهضت الزوجة وجسدها يرتعش خائفة من زوجها الذي لم يجد بداً من الإنزعاج والهيجان أن لم تكن بخوزته علبة سجائر فقط والذي طالما مدّ يده وضربها حتى امام اولادهما كإحدى السبل العقيمة التي يلجأ اليها الزوج الهائج، وماهي إلا خطوتين فقط حتى إطمأنت الزوجة لحالها فدخلت المطبخ لتعد الشاي ويدها مرفوعة الى السماء تدعو بكل ما منحها الله من صبر لأن تتوسل به للخلاص من طوفان زوجها الغاضب.
عاد الأب بسرعة وكان يحمل بيده علبة السجائر التي طلبها الأب. قال لأبيه: تفضل أبي هذه السجائر التي طلبتها.
عاد الأب وصرخ مرة أخرى بأبنه: ألم أقل لك أن تشتري لي علبتين؟ فلماذا إشتريت علبة واحدة فقط؟ أيها اللعين عد وهات بعلبة اخرى. إستشاطت الأم غاضبة هذه المرة وحاولت أن تعين إبنها قليلاً وقد أتعبه طول الطريق فقالت: أمهل الولد قليلاً وسيشتري لك العلبة الثانية عند المساء فهو منذ أن عاد من المدرسة لم يقرأ ولم يحضر من واجباته المدرسية شيئاً بل كان منشغلاً معي في تنظيف المرآب. لكن رغم ما أبدته الزوجة من إلتماس وتوسل لزوجها فقد أصرّ على موقفه وعاد وطلب من إينه أن يذهب ويشتري علبة السجائر الثانية.
خرج الإبن المغلوب على أمره يندب حظه لما يسببه أبوه له دائماً غير الآبه بأولاده وغير الآبه بمشاعرهم. وهو في الطريق شاهده بعض الأصدقاء فقال له أحدهم: كيف حالك ياموسى؟ ألاتريد أن تلعب معنا الكرة؟ لم يجبه موسى بشيء فقلبه وعقله يريدان الذهاب لكن واقع الحال لايسمح له بذلك.
عاد موسى الى البيت وعلبة السجائر بيده وهذه المرة لم يقل شيئاً سوى أنه مدّ يده أعطى أباه العلبة ولما أخذها منه أبوه، دخل الغرفة وأغلق الباب على نفسه بعض الوقت. جاءت الأم الى الصالة وهي تحمل الشاي الذي طلبه زوجها. قالت لأولادها: أين أبوكم؟
أجابها موسى: إنه في الغرفة. ودون أن تسأل أكثر علمت ما الذي يفعله زوجها في الغرفة فهو دائماً ما تعوّد على أن يعيد تعبئة السجائر من جديد ليضيف اليها بعض الحشيش.
بعد أن إستغرق الأب المدمن طويلاً في الغرفة إنتاب الأم قلق ورغبة على أثر ذلك بأن تطرق الباب لكن خوفها وخوف الأولاد من غضب الأب كان يمنعهم من التجرأ ولو مرة في حياتهم بأن يبادروا الى ذلك لكن هذه المرة ولما طال غياب الزوج في غرفته إنتفضت الزوجة من مكانها وراحت تضرب على باب الغرفة بقوة ودون خوف او وجل لم يشاهدها الأولاد بهذه الحالة من قبل فقد تعوّدوا على أن يروا أمهم مسكينة خائفة مترددة لاحول لها ولاقوة، إلتفت الأم وسألت أبناءها إن كانوا سيقفون هكذا طويلاً؟
قال لها إبنها موسى: وماذا تظنينا فاعلين؟
أجابت الأم: حاولوا أن تكسروا الباب، هيا بسرعة!
تعجب الأولاد من طلب أمهم وسألوها: أجننت يا أمنا العزيزة، هل تريدين منّا أن نكسر الباب حقاً؟
قالت والإرتباك والوجل واضحان عليها: ألم تسمعوا ما قلته لكم، هيا بسرعة حاولوا أن تكسروا باب الغرفة!
احبتي المستمعين لم يدرك الأولاد حينها ماذا تعنيه الأم ولم يدركوا الخطر الذي أصاب أبوهم. في هذه الأثناء سمعت الأم نداءاً خفيفاً للأب، علمت وأحست من خلاله أنه في خطر وأنه يستنجد بهم. صرخت فور سماعها بذلك النداء بأولادها وقالت لهم: أتكسرون الباب أم أذهب وأطلب ذلك من الجيران؟
لما وجد الأولاد إصرار أمهم غير الطبيعي هذا إندفعوا مرة واحدة على الباب وأردوها حطاماً ولما صاروا داخل الغرفة اذا بأدخنة الحشيش ورائحة السجائر تزكم الأنوف والأب مرمي على الأرض لايقوى على الحركة.
أحبتي المستمعين بعد أن تعرفنا على ما أصاب الأب جراء سوء تصرفاته وإدمانه الحشيش والمخدرات التي كان يخلطها بالسجائر أغلب الأحيان وما سببه ذلك من خطر كبير على صحته فأسقطته تلك المخدرات أرضاً وهو يعاني الأمراض الصحية والنفسية التي إنعكست سلباً بكل تأكيد على كامل أسرته فظلمها وظلم نفسه. نتوجه الان اعزائي المستمعين الى سماحة الشيخ عقيل زين الدين الباحث الاسلامي من لبنان لسؤاله عما يراه الشرع الاسلامي في هذه الحالة وكيف يمكن إصلاح الأب الذي أساء كثيراً لعائلته كما أساء لنفسه وبماذا يعاقب عليه الدين الاسلامي جراء إصرار البعض على تعاطي المخدرات؟ فلنستمع معاً.
زين الدين: أعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم اللعين بفضل بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على خير خلقه محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين
من البلاءات التي تبتلى بها العائلة أن يكون رب البيت للطبل ضارب، لن يكون إنساناً غير مبال وأن يكون إنساناً مدمناً، أن يكون إنساناً غير عاقل، إنسان غير مسؤول عن هذه العائلة التي جاء بها الى هذه الدنيا ويترك الحبل على عوائمه. أحياناً يكون الأبن منحرفاً نوصيه ببر الوالدين، أحياناً تكون الزوجة مقصرة ننصحها بأن لاتقصّر ولكن الطامة الكبرى أن يكون الرجل رب البيت الذي يجب أن يقود السفينة، الذي يجب أن يكون مثالاً يكون هو المنحرف بحيث يؤثر على أبناء وعلى عائلته وبحيث يفجّر عائلته من الداخل. هذا الإنسان نحن نداويه بعدة ادوية، اولأ يجب أن نتصل بأهله او العقلاء من عائلته الذين يميلون عليه من أصدقاءه ومن رفاقه بالحسنى فإن إستجاب وإرتدع عن الباطل الذي يرتكبه فبها وإن لم يستجب وإن نرى له تأثير واقعي على العائلة ولربما يسبب تمزيق عائلته وإنحرافها فهذا يجب أن يوضع له حداً. أصلاً اذا كانت يد الشرع مبسوطة فهذا الرجل يجب أن يعتقل ويسجن ويؤدب ويعذر حتى يقوّم. اذا كانت يد الشرع مبسوطة ونستطيع أن نشتكيه الى الدولة، الى النظام حتى يقوّم ويعود الى عقلانيته ويؤدب ويهذب كذلك حتى لايعود الى هذه الحالة ثانياً فإذا كان بالحسنى فنعم واذا لم يكن بالحسنى لأن هذه مسؤولية عظيمة. من بلاءات مجتمعاتنا في هذه الأيام أن يكون الأب إنسان غير مسؤول وإنسان عشوائي لاينظر بمسؤولية الى عائلته، بعض الآباء لايعملون يتكلون على أبناءهم واليوم رأيت في إحدى القصص يقول لزوجته إذهبي أنت وأعملي اذا تقول له نريد مصروفاً للبيت او غير ذلك يعني هذا إنسان بلاغيرة، إنسان بلا أخلاق، إنسان بلامسؤولية هذا يجب أن يوضع له حد. اذا كانت يد الشرع مبسوطة وتأديبه لاينعكس سلباً على عائلته يجب أن نبادر الى ذلك. اذا كنا نستطيع بالحسنى، بالنصيحة، اذا كان هناك من عاقل يؤثر عليه فيجب أن نستعمل هذه الطريقة وإلا يجب أن نضع له حداً لأن قبحه لايقع عليه فقط لأنه يقع على مجموع العائلة والتأثير السلبي على مجموع العائلة لذلك يجب أن نبادر مباشرة خاصة اذا كان الأب، يجب أن نبادر مباشرة على تقويمه ووضع النقاط على الحروف ونعوذ بالله من هذا البلاء والحمد لله رب العالمين.
وبعد أن إستمعنا اعزائي الكرام الى ماقاله الشيخ عقيل زين الدين من لبنان نتوجه الان الى الأستاذة كوكب العطار الباحثة الاجتماعية من العراق لنسألها عن الأضرار الإجتماعية والنفسية للشخص المدمن وماهي إنعكاسات ذلك على علاقاته مع أفراد أسرته وأفراد المجتمع وكيف يمكن توجيه النصائح اليه وماذا ينبغي أن تقوم الأسر به لمعالجة احد أفرادها الذي وقع في فخ الإدمان؟ فلنستمع معاً
العطار: بسم الله الرحمن الرحيم
الحقيقة يعتبر التدخين من العادات المضرة جداً بالصحة وللأسف الشديد هذه العادة منتشرة تقريباً في كل أرجاء العالم، هذه العادة هي نتيجة بأن يشعر الإنسان أحياناً أن يكون هناك ملجأ يلجأ اليه لينفّس عن همومه فيتصوّر أنه بهذه العملية ينفّس عن الهموم بدليل أننا لما نتحدث مع مدخن ونقول له عليك أن تترك التدخين لأنه مضر للصحة فيقول على سبيل المثال لدي مشاكل او كآبة وهذا التدخين يريحني واذا لم أدخن فأشعر بالضيق والحرج النفسي والحقيقة هو مجرد عادة والمرء كما يقال طبع غلب التطبّع يعني المدخن بعد فترة طويلة يصبح التدخين وكأنه عادة وملكة يعني أكثر من عادة أصبح ملكة وفي أي فرصة يجد مجال للتدخين فإنه يدخن. في الحقيقة المدخن المسن أنا شخصياً لايؤلمني هذا بقدر ما يؤلمني المدخن الشاب او الصبايا يعني اليافعين. نجد أن ظاهرة التدخين وإستعمال الأرجيلة بدأ ينتشر وبكثرة وبسرعة بين صفوف اليافعين وليس فقط من الذكور بل حتى من الإناث، طبعاً هؤلاء يريدون أن يحاكوا الكبار، يريدوا أن يثبتوا للآخرين لأنفسهم أنهم أصبحوا كباراً وأصبحوا مستقلين بالرأي وذوي إرادة ولهم شخصية مستقلة بدليل أنهم يدخنون او يستعملون الأرجيلة وأكثر من هذا نجد أنهم يتظاهرون بذلك مثلاً في الطرقات او في المقاهي يجلسون على المناطق العامة التي تراهم الناس فيها اكثر من أن يكونوا داخل المقهى مثلاً لكي يرى الآخرين أنهم قد كبروا وأصبحوا شباباً والخ. هناك نقطة مهمة جداً أن هذا التدخين يسبب في خفض المنسوب الاقتصادي للعائلة وعادة المدخن يشتري السجائر علبة علبة يعني المدخن الواحد يكلّف العائلة مبلغاً باهضاً والدليل على ذلك لما يتحدث هو عن مصروفه يقول يعني من ضمن الأكل والشرب يكون التدخين. التدخين يضر بصحة الآخرين، إستعمال الدخان يضر بصحة الآخرين فكيف نستطيع أن نرشد هؤلاء الأبناء الى ترك التدخين ويجدون الأب الذي هو قدوة لهم هو الذي يمارس هذه العادة. الأب هو القدوة فكيف نستطيع أن نفهّم هؤلاء الأبناء أن هذه عادة سيئة ففي الحقيقة يجب أن يكون هناك شرح علمي بحت لكي يقتنع الشباب لأن الشاب دائماً ينظر الى أبيه نظرة القدوة واذا يأتي شخص آخر خارجي يقول هذا القدوة يمارس عملاً خاطئاً فكيف يقتنع هذا الشاب بذلك الكلام فعلينا أن نشرح له شرحاً علمياً وافياً مضار التدخين وكلفة التدخين فنتحدث لكي نقنعهم بأن هذه الممارسة هي ممارسة خاطئة تؤدي بالنتيجة الى مضار صحية وإجتماعية وهي تتنافى حتى مع الذوق العام والذوق الاجتماعي.
في ختام حلقة اليوم نشكر ضيفينا الكريمين سماحة الشيخ عقيل زين الدين الباحث الاسلامي من لبنان والأستاذة كوكب العطار الباحثة الاجتماعية من العراق على حسن المشاركة كما نشكر لكم مستمعينا حسن الإستماع والمتابعة لبرنامج من الواقع والذي قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، الى اللقاء ودمتم بألف خير.