ضيوف البرنامج: سماحة الشيخ صادق النابلسي من لبنان والدكتورة زينب مفتاح الباحثة التربوية من لندن
أحبتي المستمعين السلام عليكم نرحب بكم برنامج من الواقع الذي نقدمه من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران والموضوع الذي إخترناه لكم في هذه الحلقة سيكون عن إحدى الحالات التي غالباً ما تُشكّل عقبة حقيقية وكبيرة أمام الشباب وكذلك الشابات، هذه الحالة تتكرر أغلباً في كثير البيوت عندما يُقدم الشاب على الزواج ولايمتلك تلك القدرة المالية لزواج المستقبل فيضطر في بداية حياته الزوجية أن يعيش في بيت أهله وهنا نرى المشاكل تتولّد دون إرادة منه او من زوجته او حتى أحياناً من اهله. لحلقة اليوم مستمعينا وكما عوّدناكم سيكون سماحة الشيخ صادق النابلسي الباحث الإسلامي من لبنان والدكتورة زينب مفتاح الباحثة التربوية من لندن لتسليط الضوء اكثر على مشاكل هذه الحالة وكيف يمكن معالجتها وماذا على الأهل ايضاً تقديمه لإبنهم.
أحبتي المستمعين ثامر شاب مثالي مجاهد يمتلك محلاً صغيراً لتصليح الأدوات الكهربائية المنزلية فهو يعشق هذه الحرفة منذ كان طالباً في الكلية، تعرّف على فتاة هي في الحقيقة إحدى زميلاته في نفس القسم الذي كان يدرس فيه، إتفقا على الزواج ولكن على أن يتم ذلك بعد أن يجمع التكاليف اللازمة بجهده وبعرقه هكذا قال ثامر لزميلته. وبعد سنتين من العمل المتواصل تمكّن ثامر من أن يجمع مبلغاً من المال كان كافياً لتكاليف الخطوبة ولم تمض بعد ذلك سوى أسابيع قليلة حتى أعلنا زواجهما وهكذا فقد دخل ثامر العش الذهبي كما يحلو للبعض تسميته، ولكن هل كان حقاً عشأ ذهبياً؟ مرت الأيام الأولى من زواج ثامر كالعسل، لم يكن هناك ما يعكّر صفو حياته الزوجية أبداً فهو يخرج صباحاً الى عمله ولايعود إلا بعد الخامسة عصراً وزوجته كذلك، تعمل موظفة تخرج صباحاً مبكرة ولاتعود إلا بعد الرابعة عصراً أي إنها كانت تعود قبل زوجها ثامر بساعة كاملة تقريباً ولكن لما تعود الزوجة من عملها كانت تجد البيت نظيفاً ومرتباً والأكل المخصص لها حاضر بإنتظارها لذلك تعودّت منذ الأيام الأولى من زواجها أن تأخذ حصتها من الأكل الذي كانت ام ثامر تعده وتذهب به الى غرفتها، كانت تأكل لوحدها وأحياناً تنتظر زوجها حتى يعود من عمله. كانت الزوجة سعيدة على هذا المنوال رغم ملل هذا الروتين، أحياناً اما تنزل الزوجة الى الطابق الأسفل لكي تأخذ شيئاً من الثلاجة مثلاً او لتغسل الأواني او لتخرج الى الحديقة في أوقات أخرى لترش الأشجار بالماء كانت تواجه وبشكل مباشر إعتراضاً من قبل ام ثامر وعند المساء لو فتحت زوجة ثامر التلفاز لمشاهدة بعض البرامج او المسلسلات التلفزيونية المعتادة كانت والدة ثامر تعترض على ذلك بحجج مختلفة منها على سبيل المثال أن والد ثامر نائم وهو مُتعب وتطلب منها أن تُطفأ التلفاز او تطلب من الزوجة أن تترك مشاهدة التلفاز وتأتي الى المطبخ لتُقشّر بعض الخضر او لتغسل بعض الفواكه او أحيانا تقول لها خذي هذه السلة وإذهبي الى السوق وجيئي ببعض الخضار او إشتري الخبز او او وهكذا....
مرت الأيام وبدأت زوجة الإبن تشعر وكأنها ضيفة مُملة وثقيلة على أهل البيت وهذا ما كان يُشعرها بالإختناق لذلك حاولت ودون أن تشرح لزوجها الظروف التي تعاني منها أن تخرج مع زميلاتها بعض الأحيان بعد إنتهاء دوامها الرسمي وتتعمّد بأن تتأخر ساعة او ساعتين لكي لاتعود إلا وزوجها ثامر قد عاد من عمله، عند المساء ايضاً كانت الزوجة تحاول أن تخرج مع زوجها الى الأماكن العامة للتجوّل او للتبضّع او للتنزّه في إحدى الحدائق وفي بعض الأحيان تقترح على زوجها أن يتناولا طعام العشاء في أحد المطاعم ومن ثم يعودان في ساعة متأخرة من الليل. هذا الحال أعزائي المستمعين لم يرق للأم وهو أن تخرج الزوجة صباحاً للعمل ولاتعود إلا بعد الظهر تتناول طعامها مع زوجها ثم تخرج الى المدينة عصراً تتنزّه ثم تعود ليلاً وهكذا، لا فالحال يجب أن يتغيّر! هكذا فكّرت الأم ولكن كيف؟ هكذا تسائلت الأم ايضاً.
ذات يوم لما عادت الزوجة من عملها لم تجد الأكل جاهزاً كما إعتادت على ذلك يومياً، لم تقل شيئاً فصعدت فوق الى غرفتها. أنجزت بعض الأعمال الخاصة بها ثم نزلت من جديد لتُعد الطعام بنفسها فزوجها في ذلك اليوم لم يصل بعد وعليها أن تُعد شيئاً وإن بدأت بإعداد الطعام حتى شاهدت الأم واقفة خلفها وهي تقول: ماذا تفعلين؟ قالت أعد الطعام لي ولزوجي.
قالت الأم: لاياحبيبتي انا أمه وأعرف ماذا يُحب أبني أن يأكل وماذا لايحبه، الذي تريدين إعداده لايرغب أن يأكله أبداً، أتركيه وأذهبي الى غرفتك وسوف اعد أنا طعامه. تركت الزوجة كل شيء ولم تناقش الموضوع مع ام ثامر.
في يوم آخر كانت الأم عائدة من السوق ولما دخلت البيت شاهدت إبنها وزوجته جالسين يشاهدان التلفاز، إنزعجت، ثارت ثائرتها، كادت تنفجر كالبركان. أسقطت كيساً لبعض الحاجيات التي إشترتها من يدها وصاحت: آه آه
إلتفت اليها إبنها، نهض من مكانه بسرعة، نهضت الزوجة ايضاً. توجه ثامر الى أمه وسألها: ماذا بك ياأمي؟ صرخت الأم بإبنها وقالت: وماهو شأنك إذهب وشاهد التلفاز، هيا إذهب! لم يُدرك الولد سبب إنزعاج امه فهو لم يرتكب خطأ او جرماً لكن الزوجة كانت تُدرك معنى هذه التصرفات بكل تأكيد.
أحبتي المستمعين بدأ ثامر هو الآخر يشعر بضيق من تصرفات امه وأصبح لايعرف الطريقة التي يمكن أن يُرضيها وفي نفس الوقت يُرضي بها زوجته فالإثنتان عزيزتان عليه ومثلما واجب عليه أن يُطيع أمه كذلك واجب عليه أن يجب زوجته ولكن ما العمل؟
أعزائي المشكلة التي فجّرت الأزمة بين الأم والزوجة كانت في صبيحة يوم الجمعة حيث نزلت الزوجة فيها من الغرفة وبيدها حقيبتها ولمجرد أن شاهدتها ام ثامر حتى بادرتها بالسؤال: الى أين أنت ذاهبة؟ أجابت الزوجة: الى بيت أبي فمنذ أسبوعين لم أذهب لرؤية أبي وأمي وأختي. قالت لها: لكن اليوم عندنا ضيوف وأريدك أن تساعديني . إعتذرت الزوجة وأصرّت على الخروج ولكن الأم هي الأخرى أصرّت وطالبتها بالبقاء فإشتد النقاش بين الإثنتين وفي هذه الأثناء وصل ثامر وشاهد النقاش مندلعاً بين أمه وزوجته، حاول أن يُصلح الأمر لكن لافائدة، لا بل أن الأزمة قد تفاقمت وتعالت الأصوات وإحتد النقاش مادفع بثامر أن يصرخ بوجه زوجته ليُسكتها فغضبت منه وقررت أن ترحل الى بيت أبيها ولاتعود إلا اذا وجد ثامر حلاً يُرضيها وفعلاً خرجت الزوجة من البيت.
وهكذا مستمعينا الأفاضل تعرّفتم على قصة ثامر وزوجته وتعرّفتم على حجم المشاكل التي تفاقمت بسبب عدم الإنسجام بين الزوجة وأسرة ثامر لهذا اعزائي نتوجه الى سماحة الشيخ صادق النابلسي الباحث الإسلامي من لبنان لسؤاله عن أهم النصائح والإرشادات التي جاءت في تعاليم ديننا الحنيف بشأن حسن معاملة زوجة الأبن وكيف علينا مراعاة مشاعرها وأحاسيسها وكذلك إدراك زوجة الإبن لوضع ام زوجها عندما تعيش معها.
النابلسي: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا وشفيع ذنوبنا أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين
في الإجابة على هذا السؤال نقول في البداية نحن لاننصح أن يكون بيت الأهل هو بيت الزوجية الجديد لأن ذلك يتبع العديد من عناصر التعقيد في علاقة وحياة مازالت جنينية تحتاج ان نحيطها بكثير من الحماية والرعاية حتى يقوى عودها خصوصاً وأن الإسلام يستهدف بناء علاقات أسرية مستقرة وناضجة من جميع الجوانب ومنها الجانب المادي بحيث يتمكن الشاب الذي أقدم على الزواج من بناء بيت مستقل لأن ذلك من حقه ومن حق زوجته ايضاً أن تشعر بالحرية والإستقلال حتى تنمو العواطف بشكل سليم وعندما نركز على الجانب المادي في الواقع لانريد أن تصبح المادة هي الأصل وأن نصعب الحياة ونكثر المطالب على الزوج بل نريد أن نقول إن المادة عامل من عوامل الحياة السعيدة والمستقرة البعيدة عن الكبت والإضطراب والتوتر ونحو ذلك. في كل الأحوال لابد أن تكون العلاقة بين الزوجة وبين والدة الزوج علاقة قائمة على حسن المودة وحسن المعاشرة وقد ورد عن أئمة أهل البيت سلام الله عليهم الكثير من النصائح والإرشادات العامة والخاصة من اجل الوصول الى مثل هذا الهدف فقد ورد عن الإمام الجواد يقول: "ثلاث خصال تجتلب بهن المحبة، الإنصاف في المعاشرة" هذا الأمر يجب أن يراعى من قبل الطرفين وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام "رحم الله عبداً إجتر مودة الناس الى نفسه" لذلك على كلا الطرفين الوالدة والزوجة أن يجترا المودة الى أنفسهما من خلال حسن الخطاب وحسن المعاشرة والكلام ونحو ذلك من الأمور التي تجتلب المودة. موضوع المداراة موضوع مهم وأساسي فقد ورد عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه "أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض" لذا على الزوجة ان تداري والدة الزوج وايضاً على الوالدة، هذه الظروف الجديدة التي تحيط بهذه الأسرة التي تكونت حديثاً.
ورد عن امير المؤمنين سلام الله عليه قوله: "خالطوا الناس مخالطة إن متم بكوا عليكم وإن عشتم حنوا اليكم". إذن هذه قاعدة مهمة وأساسية أن تكون المعاشرة والمخالطة مخالطة قائمة على المودة والمحبة وحسن التعامل ونحو ذلك من الأمور التي تجعل الإنسان الذي يغادر ويغيب لفترة يحنّ اليه الآخر ويطلبه لأنه كان انيساً له في حياته.
ولعد ان إستمعنا الى سماحة الشيخ صادق النابلسي نتوجه الى الدكتورة زينب مفتاح الباحثة التربوية من لندن لسؤالها عن الأسباب التي دفعت الأم الى التحجّج ومحاصرة زوجة إبنها ولماذا تعاني مجتمعاتنا من هذه الظاهرة وماهي الحلول إزاء ذلك؟
مفتاح: بسم الله الرحمن الرحيم
عن الأسباب التي دفعت الأم بالتحجج ومحاصرة زوجة إبنها فإن بعض النساء عندما يتزوج الإبن تحس او تشعر هذه المرأة أن زوجة الإبن أخذت إبنها منها خاصة إذا كان هذا الإبن هو الوحيد لدى هذه الأم وللأسف أن بعض الزوجات لاتتفهم موقف هذه الأم وكأن هذا الرجل ليس له أم او والدين او أخوة او أخوات وللأسف أن بعض الزوجات ايضاً لاتتفهم ان هذه الأن تحتاج الى الرعاية وتحتاج الى حنان إبنها ايضاً. الأم هنا تتحجج لأتفه الأسباب، احياناً تكون على الماء، أحياناً تكون على أنها مريضة يعني أتفه الأسباب تتحجج عليها كي تلفت إنتباه إبنها ورعايته. الزوجة لو أشعرت الأم أنها أمها الثانية وعاملتها بلطف، عاملتها كأمها لما صار هذا الخلاف وعندما دخلت هذه المراة حاولت ان تجذب الأبن اليها فقط او الزوج اليها فقط وكأن ليس له أم وليس له عائلة، في هذه الحالة على الأبن أن يكون موقفه متوازناً بين أمه وبين زوجته، أن يتلاطف معها، أن يحنّ عليها، يتحاور معها بلطف وبحنيه وأنه لن يصبح الولد فقط في حياته وأن هناك زوجة، هناك عائلة، هناك اطفال في حياته ايضاً فلايرفع صوته على صوت أمه او اذا إرتفعت الأصوات فلن يكون هناك حواراً بين الأم وبين الولد، عليه ايضاً أن يفهم زوجته أن هذه أمه الوحيدة وليس له غيرها وعليه أن يُشعر زوجته ويقول لها إن هذه الأم هي أمها الثانية فلايكون هناك خلاف فعندما تهدأ النفوس يكون الخلاف أقل ولايكون هناك حدّة او توتّر بين العائلة.
في ختام حلقة اليوم نشكر لضيفينا الكريمين حسن المشاركة وكذلك نشكركم حسن إستماعكم الى برنامج من الواقع الذي قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، الى اللقاء ودمتم في أمان الله.