ضيوف البرنامج عبر الهاتف: السيد رياض الموسوي الباحث الاسلامي من العراق والدكتورة شيماء عبد العزيز استاذة علم النفس في جامعة بغداد
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. احبائي واعزائي المستمعين نرحب بكم في يوم جديد وحلقة جديدة من برنامج من الواقع حيث سيكون موضوع قصتنا حول (التهرب من المسؤولية). من منا لم يجد في عائلته او قريباً منه متهرباً من مسؤولياته ويتكل على الاخرين في حل مشاكله واتخاذ القرارات المهمة بدلاً عنه؟ فمعاً لنستمع الى قصة اليوم... ومن ثم نستضيف احد علماء الدين واحد الخبراء النفسانيين او الاجتماعيين او التربويين ليكونوا معنا ويجيبوا عن بعض الاسئلة التي قد تساعدنا في بعض الاحيان من ايجاد حلول لمشاكلنا التي قد نراها صغيرة ولكن لها تأثير كبير على حياتنا فابقوا معنا وسنعود بعد انتهاء القصة...
كان قرار زواج سامر من منى قد اتخذه والده وهو لم يبد أية ردة فعل سواء كانت بالرفض او بالموافقة. وكان يقول: الزواج امر مفروض عليه ولذلك ترك الأمر لوالديه... كما هو الحال في كل أمور حياته الأخرى... فقد اعتمد اعتماداً كلياً على والديه... واليوم يجني الوالدين ما زرعوه طوال تلك السنوات وهم يدفعون ولدهم المدلل الى الاتكالية والتهرب من مسؤولياته الحقيقية. سامر لم يعتد مواجهة الآخرين بصرامة ولم يعتد مواجهة المشاكل. وكلما كبر كلما تعلم كيف يهرب من المسؤولية الملقاة على عاتقه، حتى حينما كان يخطئ في امر ما كانت والدته تبالغ في حمايته خوفاً من ان يقع عليه عقاب ما، وهي لا تتحمل ان ترى ولدها العزيز يعاقب.. فتهون الخطأ وتجعل منه امرا هيناً بسيطاً.
وبعد مرور سنوات قصيرة، وبعد ولادة طفله الاول ازدات اتكالية سامر على والديه. فان مرض الصغير سعى راكضاً لأمه وان ضايقته الحياة ذهب لاهثاً وراء أبيه ليسعفه ويمد له يد العون... ولأنه بطيء في عمله وفي اداء واجباته طرد من كذا عمل وعمل... وكان سعي منى(زوجته) يذهب سدى في محاولة منها لجعله يتحمل بعض المسؤوليات، كما أنها كانت دوماً تطالبه بان يعتمد على نفسه، لقد كانت تشعر أنه في آخر المطاف سيؤول الأمر الى مآساة حقيقية في حياتهما معاً... والآن لم يعد الأمر متعلق بهما فقط، فقد اصبح هناك انسان اخر تعلقت حياته بهما، اضافة الى أنها هي الآن حامل وتنتظر وليدها الثاني... فماذا لو حدث شيء لوالديه كيف سيستمرسامر في الحياة؟
توصلت منى زوجة سامر الى قناعة تامة بان تلد الصغير وتبحث هي عن عمل لتسد نفقاتهم، ولكي تعلم زوجها انه لابد لهما ان يعتمدا على نفسيهما وليكون لهما دخل ثابت يعتمدون عليه... وبالفعل وجدت عملا وبدءت به. ولكن ظهرت مشكله اخرى وهي اتكالية سامر انتقلت من والديه الى منى. فقد اصبح متكئاً على منى هذه المرة واصبحت اتكاليته أكبر وأكبر من قبل ... وكلما سعت منى فى عملها اكثر كلما تهرب هو من مسؤولياته اكثر حتى اصبح لايهتم لابسط امور المنزل... فهي تكد وتتعب وهي يسرح ويمرح ... حتى وصلت به الحالة ان يأخذ مصروف جيبه من زوجته.. وعندما تسأله: لماذا لا تعمل يا رجل؟ يقول: ليس هناك عمل يناسبني!! فتسأله زوجته: ما هو العمل المناسب لك يا زوجي العزيز؟! فيجيب : ان الكل يأمر وينهي والكل يطلب منه طلبات تعجيزية... عندها تتحير منى بماذا تجيب وتقول له: لماذا لاتأتي مرة واحدة معي الى العمل كي تراني كيف أعمل وكيف أتحمل هذا وذاك من اجل لقمة العيش كيف يمكنك الاعتماد على الاخرين بكل بساطة... يرد: لاتهتمي هناك أبي وأمي يحفظهما الله لي، ان ساءت الامور فهما من ينقذاني...
وبالفعل ساءت الأمور و توفي الأب واتضح انه كان يقترض من هنا وهناك ليسد نفقات العائلة وولده المدلل... فجأة أصبح وحيدا و عليه ان يحل مشاكله وان يسدد ديون والده وان يعيل عائلته وان وان وان ...
قررت منى ان تبحث له عن عمل و طلبت منه ان يساعدها في رعاية الاطفال كحد ادنى حتى يجد عملا... تحمل سامر اليوم الاول والثاني والثالث ولكن مع مرور الايام بدء يصرخ ويتشاجر... ذهبت منى الى والدته تشكو أمره وتطالبها بان تجد لها حلا مع ابنها... لكنها مثلما ذهبت مثلما عادت فالامر سيان عندها... بدءت الامور تتازم بين منى وسامر... فقرر سامر ان يعمل على التاكسي ولكنه فشل كعادته...
اليوم تقف منى حائرة، ما الذي يمكنها فعله مع رجل لايعرف ما معنى المسؤولية؟ وما معنى ان يكون مسؤولا عن أسرتة وزوجتة وأولاده... بات الأمر مستحيل معه حتى باتت تفكر في الانفصال عنه.. وعندما طرحت مسألة الانفصال طالبتها والدته بترك الاطفال لسامر... وهنا بقت منى حائرة فهي تخاف مصير هؤلاء الاطفال وتخاف ان استمرت مع هذا الرجل ان تغرق أكثر وأكثر في حياته...
نعم أعزائي المستمعين استمعنا معاً لقصة اليوم فهي قصة من قصص الحياة التي نحياها وبالفعل هناك من يتهرب من مسؤولياته بشكل لايمكن تحمله... وكما اعتدنا في كل حلقة استضفنا اليوم سماحه السيد رياض الموسوي الباحث الاسلامي من العراق وسألناه: ما هي حدود مسؤولية رب الاسرة وما هي حدود مسؤولية الأم كما حددها لنا الدين الاسلامي؟ فاجاب مشكورا.
الموسوي: بسم الله الرحمن الرحيم بالنسبة الى مسؤوليات الزوج هنالك مسؤوليات عديدة منها حق النفقة على زوجته لأن النفقة واجبة من الزوج على زوجته وهذا الحق انما هو متفرع من مسؤولية القيمومة للرجل على المرأة كما في الاية الكريمة " بسم الله الرحمن الرحيم الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم" النساء اية ۳٤ اذن هذه القيمومة ينتج منها ان تكون هناك نفقة من الزوج لزوجته ايضاً من مسؤوليات الزوج ان يحافظ على الجو المليء بالالفة والمحبة والمودة والتسامح في الاسرة وان يتعامل معاملة حسنة مع زوجته حيث ان الارشادات الاسلامية الشرعية تحث الزوج على ان يحسن خلقه مع زوجته وايضاً من المسؤوليات الاكرام والرفق بالزوجة وفي حديث الامام الصادق عليه السلام "رحم الله عبداً احسن فيما بينه وبين زوجته" ايضاً من المسؤوليات للزوج في الاسرة ومن وظائفه ان يتعامل بلين وبرحمة وان لايتعامل بقسوة مع زوجته كما في حديث خولة بنت الاسود عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حول حق المرأة فقال صلى الله عليه واله "حقك عليه ان يطعمك مما يأكل ويكسوك مما يلبس ولايلطم ولايصيح في وجهك" هذه كناية عن الرفق واللين وعدم الشدة في البيت على الزوجة هذه بعض مسؤوليات الزوج على زوجته اما بالنسبة الى مسؤوليات الزوجة اوالام او الزوجة في البيت اول حق هو ان تنقاد وتتبع حق القيمومة لزوجها كما ذكرت هذه المسؤولية الملقاة على عاتق الزوج فعلى المرأة ان تحترم هذا الحق والامر الثاني يجب على الزوجة ومن مسؤولياتها ايضاً حق الطاعة فهنالك حقوق مترتبة على القيمومة منها حق الطاعة حيث قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم "ان تطيعه ولاتعصيه" هذه الطاعة ايضاً من المسؤوليات الواجبة على الام الزوجة كذلك ان لاتقوم الزوجة بما يسخط زوجها وبما يؤذيه وقد ورد في الحديث عن الامام الصادق عليه السلام "ايما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حق لم تقبل منها صلوات حتى يرضى عنها" اذن الزوجة من مسؤولياتها ان لاتؤذي وان لاتسخط زوجها اضافة الى ذلك حرمة هجران الزوجة لزوجها دون مبرر شرعي ثم من مسؤوليات الام الزوجة حسن التربية للاولاد والحضانة لهم بما يتناسب مع التربية الصحيحة الاسلامية والتربية من الجوانب الاخرى الاجتماعية والنفسية وهنالك ايضاً مسؤولية من مسؤوليات الزوجة ايضاً وهي ترك تكليف الزوج او الطلب من الزوج مالايطيق يعني تعرف الام او تعرف الزوجة ان زوجها له حدود معينة من الناحية المالية ومن الناحية المعيشية فلاتطلب منه اكثر مما يطيق فقد ورد عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال " ايما امرأة ادخلت على زوجها في امر النفقة وكلفته مالايطيق لايقبل الله منها الا ان تتوب وترجع وتطلب منه طاقته" يعني امكانيته اضافة الى مسؤولية مهمة للام وللزوجة وهي مسؤولية اصلاح شؤون البيت واستقبال الزوج بأحسن استقبال هذه بعض مسؤوليات الزوج وبعض مسؤوليات الزوجة والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد واله الطاهرين.
نشكر سماحة السيد الموسوي من العراق لاجابته على اسئلتنا راجين له التوفيق... وسنكمل اسئلتنا مع الدكتورة شيماء عبد العزيز استاذة علم النفس في جامعة بغداد حيث سألناها: كيف يمكن لمنى تجاوز هذه المحنة وهل هناك خروج من مثل هذه الحالة ام ليس هناك حل سوى الصبر والتحمل؟ وهل كان قرار خروجها للعمل في محاولة منها لحل المشكلة صائباً؟ فاجابت مشكورة.
عبد العزيز: حالة منى انها من الاول ان هذه المرأة اختيارها للرجل ان يكون اختيار صحيح قبل ان ترتبط به عليها ان تعرف مدخول هذا الرجل، هل هو يعمل؟ هل هو له دخل ثابت؟ هل هو مستعد ان يكون اسرة ويصرف على الاسرة ويتحمل المسؤوليات؟ ليس فقط من الناحية المادية ايضاً من الناحية المعنوية يكون قادراً على تحمل مسؤولية الاسرة فعليها ان تعرف الزوج الذي تختاره والذي سيكون شريكاً لها وسيعاشرها سنين طويلة ويكونون اسرة فهي بعد فترة بدأت تشتكي بينما هو من البداية عاطل ولكن هي لما تزوجت وكونت الاسرة وبعد ان جاء الطفل الان تريد الانفصال او تريد ان تأخذ الرأي عن الانفصال، هل هذا هو الحل؟ اكيد هذا ليس حلاً لأن هذه الاسرة بكاملها تتشتت والتأثير والاكثر ضرراً ليس على الزوج ولاعلى الزوجة وانما على الاطفال فعلى الزوجة ان تتحمل هذه المسؤولية وان تبدأ معه بطرق صحيحة وان تغيره من رجل عاطل لايتحمل المسولية الى رجل يتحمل المسؤولية ويعمل وبالتعاون انا اقول بغض النظر عنها هي فأنها تعمل اما عليها ان تشجع الزوج وان تقدم له مساعدات معنوية اكثر من مساعداتها المادية وان تشجعه ليمارس حتى ولو اعمال بسيطة واذا جلب شيئاً للبيت ان تفرح وتشجعه ويكون عنده حافزاً لأن يعمل ويكون هدفه اسعاد عائلته واسعاد ابناءه فبالتالي عليها تقع المسؤولية وانا لااقول انفصلي عن الزوج يعني هذه كارثة والاسلام لايقبل بها ولاالدين يقبل فعليها ان تكون صبورة معه وتشجعه وتؤازره بالتالي يمكن ان تستقيم الحياة معه، يعني اول مشلكة تواجهني اطلب الطلاق؟ هذه طريقة خاطئة جداً واكثر الطلاقات في الوقت الحاضر هي لأسباب تافهة، اسباب لاتستدعي هذه الحالة فأنا اقول يجب ان تكون صبورة وان تبدأ مع الزوج بالتدريج يعني لااحمله مسؤوليات ضخمة بحيث حتى يمل الحياة الزوجية مع الزوجة بل ابدأ معه بشيء بسيط واتدرج حتى يبدأ هو يبحث عن العمل ويبحث عن مردود لأثبات كيانه ولأثبات رجولته واثبات موقعه في الاسرة وقوته وسيطرته على الاسرة.
نشكر الدكتورة شيماء عبد العزيز من العراق على ما تفضلت به ونتمنى لها التوفيق. وانتم احبائي المستمعين انتظرونا في موعد جديد من برنامج مع الواقع نستودعكم الله.