جاكلين زكريا فتاة في الثامنة عشرة من عمرها اكملت دراستها الاعدادية وشاركت في الامتحانات العامة التي تؤهل للدخول الى الجامعة في ايران، كانت تدين بالمسيحية، وهي اليوم تعتنق الاسلام وقد غيرّت اسمها فصارت تعرف بزهراء علمدار وهي فخورة كثيرا بدينها الجديد واسمها الجديد.
عن كيفية تشرفها بالاسلام تقول الانسة زهراء: انا انتمي الى اسرة مسيحية ولم تكن لي معلومات كثيرة عن الاسلام فمعلوماتي عن هذا الدين ما كانت لتتعدى ما يوجد في الكتب المدرسية التي كنت ملزمة بمطالعتها باعتبارها منهجا دراسيا، ولاني كنت مسيحية لم اكن التزم بالحجاب الاسلامي الكامل، ولا شك انّ عدم ارتدائي للحجاب التام اغاله جذور في حياة اسرتي والثقافة السائدة في المجتمع المسيحي الذي لا يعير اهمية كبيرة للحجاب بشكله الشرعي عند المسلمين.
واثناء وجودي في المدرسة الاعدادية كانت لي زميلة في فصلنا الدراسي مسلمة اسمها مريم وكانت حافظة ل ۱۸ جزءاً من القران الكريم، منذ اللحظات الاولى التي وقع نظري على مريم شدتني اواصر الحب اليها، لقد اتخذت لها مكانا في قلبي، لقد احببتها كثيرا، هي فتاة ملتزمة وفي ذات الوقت طالبة متفوقة، تميزها بين الطالبات كان يدفعني لمد جسور الصداقة نحوها، ولاني كنت مسيحية وهي مسلمة لم اجرؤ على التقرب منها، وبعد مدة وبواسطة بعض صديقاتي تعرفت على مريم التي كانت تشعر برغبتي في التعرّف عليها وربما لم تظهر ذلك لي.
وفي يوم الثلاثاء من احد الاسابيع، توجهت طالبات المدرسة الى مصلاهنّ للمشاركة في مراسيم دعاء التوسل التي كانت تقام هناك، اما انا فقد سمحت لي مديرة المدرسة ولاني كنت مسيحية ان ابقى في فنائها، وبينما كنت اسير في ذلك المكان فجأة رأيت يدين اطبقتا على عيني وطوقتهما من الخلف، حاولت ان اعرف من يقف ورائي لكن قبل ان اهم بذلك شاهدت مريم الفتاة المسلمة التي كنت معجبة بها وباخلاقها وسلوكها. في تلك اللحظة غمرني مريم بحبها واخلاصها، فما كان مني الا ان شعرت بسرور بالغ يغطّي كل كياني، اقترحت مريم علي ان اصحبها الى المصلى للمشاركة في مراسيم دعاء التوسل، هنا اندهشت ايّما دهشة ولا اخفي انني مع كلّ هذه الدهشة كنت ارغب في ان أشارك اقراني مراسمن غاية الامر كنت خجلة من ابداء هذه الرغبة لئلا تقول الطالبات ما شأن فتاة مسيحية ودعاء التوسل.
على اي حال في ذلك اليوم، صحبت زميلتي مريم الى المصلى وجلست في زاوية منه لم اكن بعيدة عن زميلاتي اللاتي كنّ يقرأن الدعاء ويبكين. اما انا فما كنت لاعي شيئا مما كن يقرأن، عندما كانت كلمات الدعاء تطرق مسامعي كنت اذرف الدموع لااراديا، وما ان انتهت مراسيم الدعاء حتى رايت نفسي خارج المصلى، لعله الخجل قد حدا بي لان اترك المصلى على عجل واتوجّه الى فناء المدرسة.
ومن بعد ذلك اليوم كنت اتوجه الى المدرسة بصحبة مريم، حيث كان مسيرنا اليها واحدا ويوما بعد آخر توثقت الاواصر بيني وبين زميلتي المسلمة مريم، لقد تعلّمت منها اشياء كثيرة، واول شيء تعلمته منها كان الحجاب، اجل لقد كانت مريم فتاة محجبة بكل ما لهذه الكلمة من معنى وكانت تتميز بالطيبة وحسن الاخلاق، في الفصل الدراسي وحينما كانت احدى الطالبات تغتاب زميلة لها او تهزأ بها، كانت مريم وبكل هدوء تغادر الفصل ذلك لانها ما كانت تريد ان تسمع كلاما بذيئا، مريم واخلاقها الجذابة كانت نموذجا لي، والاهم من هذا كانت مريم قد شجعتني على دراسة الاسلام والتعرف على تعاليمه السامية، لقد زودتني بالعديد من الكتب الدينية التي كنت اقرؤها بشغف وادوّن على وريقات كانت بالقرب مني بعض ما كانت تتضمنه.
وتقول زهراء التي كانت تعرف بجاكلين في البدء لم اواجه مشكلة لاني لم اكن قد اعتنقت الاسلام بعد، غير انّ مطالعتي الكتب الاسلامية خلال وجودي في البيت كانت تثير من حين لآخر تساؤلات لدى افراد اسرتي وكنت ابرر الامر بانّ مطالعة مثل هذه الكتب هي جزء من متطلبات الدراسة، واذا ما انصرفت عنها تدنى مستواي الدراسي الذي اسعى دوما لان يبقى في حد مطلوب.
واثناء مطالعتي الكتب التي كانت مريم تجلبها لي كانت تساورني بعض الشكوك، الامر الذي دعاني ان اطلب من زميلتي تزويدي بقدر اكبر من الكتب التي تمكنت بواسطتها من ازالة بؤر الترديد حول احقية الاسلام وكونه افضل الاديان واكملها، تلك البؤر التي ربما قد اتخذت بعض الوقت مكانا لها في عمق تفكيري.
وتقول الانسة زهراء، قبل ان اشهر اسلامي امام اسرتي وفي المجتمع الذي اعيش فيه بدأت بارتداء الحجاب الاسلامي، بالطبع كانت اسرتي تعارض مثل هذا الامر اما انا فقد تذرّعت بذريعة جعلتهم يرضون بارتدائي الحجاب قلت لهم انني عضوة في مجموعة انشاد في المدرسة وانا والحال هذه ملزمة بارتداء الحجاب وهكذا كنت ارتديه كلّما خرجت من البيت، على انّ اسرتي كانت ترى نفسها في مستوى اجتماعي عال لا يتناسب الحجاب معه على الاطلاق.
وقبل ان اتشرف بدخول الاسلام تغيرت الكثير من معالم حياتي، فبعدما كنت اشارك في حفلات الرقص والغناء التي تقام في بعض الاعراس، صرت اشمئز منها، وهجرتها بالكامل. اما اسرتي فكانت تصر على حضوري في مثل هذه الحفلات وانا في المقابل كنت اتذرع بعدة ذرائع كي لا اشارك في تلك الحفلات التي هي اماكن اثام ومعاص ليس الاّ، مرة كنت اقول ان لديّ امتحاناً واخرى كنت اقول اني مريضة، وازاء موقفي هذا كنت اواجه الاستهزاء من قبل اسرتي ومن قبل اقاربي حيث كانوا يسمونني المرأة العجوز.
اي شيء من هذا ما كان يغير من قراري الذي اتخذته باعتناق الاسلام، لا بل انني ومن يوم لاخر كنت اشعر بالميل اكثر الى هذا الدين الحنيف.
حضرات المستمعين الافاضل، في رحلة الفتاة المسيحية جاكلين الى حيث شاطيء الامان والايمان محطات عديدة وجميلة سنتوقف فيها تباعا ان شاء الله تعالى، طبتم وطابت اوقاتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.