في هذه الحلقة سنسمع من السيدة الالمانية (دورتا) حديثاً عن كيفية إسلامها التي هديت بالاسلام الى الصراط المستقيم فسميت هدى من بعد ذلك.
تقول السيدة دورتا كانت فترة طفولتي وصباي فترة مليئة بالنشاط والحيوية، وكنت أشعر أنني أتمتع بمظهر جذاب يستقطب الآخرين لكن لأدع الحديث عن جذابية المظهر وأتكلم عن حيوتي ونشاطي التي كانت في رأيي منبعثة من إحساس داخلي ينشد الحقيقة الحقة ويريد الوصول اليها.
مثل هذا الأحساس هيمن على كل كياني فتبلورت في وجودي رغبة لحب السلم والسلام ومن هنا انتميت الى جماعات تدعو للسلام وشاركت في مسيرات تدافع عن هذا الأمر الأيجابي في حياة اي مجتمع كان.
وأثناء فترة دراستي قمت بالعديد من الرحلات الى بلدان اوروبية حتى جبت اوروبا برمتها تقريباً، بيد ان هذه الرحلات قد أزعجت والدي وهكذا اضطرت الى بدء حياة مستقلة منذ سن الخامسة عشرة، غير إن هذه الحياة المستقلة بلاشك لم تكن ترضي والدي.
وخلال فترة الدراسة وفي المدرسة كانت لي صديقات كثيرات من دول اخرى مثل تركيا والدول العربية وصديقاتي الأجنبيات كنت احبهن أكثر من صديقاتي الألمانيات وان كنت المانية.
لم تكن صديقاتي من المسلمات ولهذا لم تتمكن من تقديم صورة جميلة عن الاسلام امام ناظري. صديقاتي صورن لي صورة مزيفة عن المرأة المسلمة وبأنها ليس لها حقوق. ولقد كنت مستاءة أشد الأستياء من حالة التمييز العنصري في بلادي، هذه التراكمات ولدت قوة دافعة في نفسي دفعتني إلى مغادرة المانيا وبالتالي التعرف على بلدان اخرى. بعد أن أنهيت دراستي الثانوية قررت السفر الى ايطاليا لدراسة الفنون في جامعاتها لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن فرأيت ان العراقيل والعقبات قد وصعت في طريق برنامج دراستي الجامعية.
عندما بدأت الدراسة في مجال الفنون رأيت إن هذه الفنون لا تروي لي ظمأ ولا تشفي لي غليلاً، كنت ابحث عن درس عملي في الحياة فقررت ان اعزف عن دراسة الفنون لاتوجه الى دراسة اللغة العربية، وقمت بتسجيل اسمي في جامعة روما لدراسة العلوم الشرقية والتخصص فيها.
ومع بداية دراستي لللغة العربية فتحت صفحة جديدة في حياتي ورحت المس جيداً إن اللغة العربية ستشق امامي سبيلاً للإسلام والعقيدة الاسلامية. ورأيت الاسلام ديناً كاملاً ومتكاملاً وكان فوق تصوري عنه، ومن هنا قررت البحث والدراسة حول الإسلام والتعاليم الاسلامية والشريعة الاسلامية المباركة.
وساعدني بعض الأصدقاء والزملاء في الجامعة في الحصول على كتب لمؤلفين وكتاب اسلاميين. وفي ذات الوقت توطدت العلاقة بيني وبين الفتيات المسلمات اللواتي كن ملتزمات بدينهن وأحكامه النيرة.
شعرت انني أصبحت مسلمة، غير انه لم أعلن عن إسلامي، حيث كان يداخلني الخوف من ذلك. من حين لآخر كنت اسائل نفسي يا ترى هل سوف أتمكن من الصيام في شهر رمضان حيث يجب فيه الصوم على المسلمين وهل في استطاعتي أن اتحجب؟.
وحل شهر رمضان المبارك فقلت في نفسي لأختبر الصوم فصمت، وفي ثالث يوم من شهر الصيام أجهرت اسلامي ونطقت بالشهادتين، واشهد الله انني لم اندم على ما فعلت حين أسلمت حتى للحظة واحدة، لقد جذبني الاسلام بكل قوة، وبعد اسلامي فقدت الكثير من صديقاتي ونعتني الكثيرون بالمجنونة، كل ذلك لم يؤثر على مسيرتي من الضلال الى الهداية وتزوجت من استاذي الذي كان يدرسني اللغة العربية وكان رجلاً مسلماً.
وانهيت دراستي الجامعية ثم درست الماجستير والدكتوراء بنجاح باهر إذ حصلت على درجات أهلتني للتخصص الأكاديمي في جامعة روما. وقد ساعدني زوجي المسلم على إكمال الدراسة وشيئاً فشيئاً رأيت سحب المشاكل تنقشع من امام ناظري. لقد رأت اسرتي كيف إن الرجل المسلم والزوج المسلم أفضل من غيره من الرجال، وإن المرأة المسلمة لها حقوق أكثر من حقوق المرأة الأوروبية.
كل ما كنت اقاسيه من مشاكل قد تلاشت واندثرت وجاءت الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الإمام الخميني رضوان الله عليه كالبلسم الثاني لكل جرح روحي، إنها جاءت لتخلص الإنسان الحديث من عبودية الرق الحديث.
جدير بالذكر هنا ان السيدة دورتا قد نشرت مذكراتها حول إسلامها عندما كانت في ايطاليا عام ۱۹۹۲ ميلادي.