أحبّتنا المستمعين في كلّ مكان !
سلام من الله عليكم ورحمته وبركاته ، وكلّ المراحب بكم في جولة جديدة تجمعنا معكم بين أرجاء عالم الشباب عبر برنامجكم نبض الحياة ، الذي سنخصّص حلقته لهذا الأسبوع للحديث عن المطالعة و دورها في تكوين شخصيّة الشاب ، تابعونا ...
مستمعينا الأكارم !
سنلقي – أحبّتنا المستمعين - في هذه الحلقة من البرنامج نظرة إلي أهميّة الكتاب ومطالعته بين الشباب . حيث يعتبر شكسبير الكتاب أكبر اختراعات البشريّة ويري أن اختراعاً أعظم من الكتاب لم يظهر حتي الآن ، ويقول الروائي والأديب الكبير فكتور هوغو : السعيد من توفّر له أحد شيئين ؛ الكتب الجيّدة أو الأصدقاء المحبّين المطالعة .. ولكن كيف يجب أن يكون تعاملنا مع الكتاب وهل هناك علاقة وثيقة تربط شبابنا بهذا الاختراع الأكبر في تاريخ البشريّة ؟
إن المحبّين للمطالعة يقولون إنّ الكتاب نافذة نحو عالم عجيب من العلم والمعرفة، وأنها طريق سهل للغاية وعلمي لتنمية المواهب التي أنعم الله تعالي بها علي الإنسان حيث ترشده إلي طريق النمو والتكامل .
ويري هؤلاء الأشخاص مثل تولستوي الكاتب الروسي أن لا لذّة في الدنيا تعادل لذّة المطالعة ، ولذلك فإن المطالعة إن لم تتمّ بين الشباب بشكل مستمر ولم تتحوّل إلي أُنس بالكتاب ، فإن علاقتهم بدنيا العلم والمعرفة ستكون صعبة في حين أنهم سيستطيعون من دون أي جهد ومعاناة أن ينمّوا مداركهم وأفكارهم فيما يتعلّق بعالم الوجود عن طريق المطالعة .
والكتاب هو الخيار الوحيد الذي لا يمكن أن يحلّ شيء محلّه أبداً وقد تمكّن منذ الماضي وحتّي اليوم ومن الحاضر وحتي المستقبل من أن يترك تأثيراً كبيراً في النمو والرقي الفكري للبشريّة ، حيث يمكن من خلال مطالعة الكتاب التي نحتاجها ونميل إليها أن ندخل عالماً ساحراً وخلّاباً وأن نوجّه فكرنا حتي نبلغ أهدافنا .
مستمعينا الأفاضل !
إن عالم الكتاب والمطالعة العجيب والمدهش لا يقتصر علي فئة خاصة وعلي كل شخص أن يعيش مع الكتاب ويجب أن تشيع المطالعة بين عامّة الناس باعتبارها حاجة وإحساساً دائمياً و ضرورياً ويومياً . ولكن المطالعة و تنمية روح مطالعة الكتب ممزوجة في الحقيقة بروح الإنسان في الشباب ويمكن أن تكون دائمة في ضميره . ويمكن للشاب بمعنوياته الخاصّة به أن ينمو مع المطالعة والكتاب وأن يجتاز طريق النجاح كما ينبغي .
والشاب هو كائن ينزع إلي الكمال ولا ينسجم مع السكون والسكوت . وهو يبحث دوماً عن طريق يخطو فيه ليحلّ عقدة من مشاكله . وبناء علي ذلك ، فإنه بحاجة إلي معرفة كاملة لنفسه وللمجتمع و يجب أن يقيم العلاقة مع الماضي والمستقبل . ولذلك ، يقول الإمام علي عليه السلام :
" من تسلّي بالكتب لم تَفُته .
وقد امتزج الإسلام الذي هو دين شامل وعالمي مع الكتاب والمطالعة ، حيث أوصي بالمطالعة وشجّع عليها كما ينبغي . واعتبر الدين الإسلامي الحنيف تلقّي العلم والمعرفة عاملاً لنموّ المجتمع وتحرّكه وتساميه . كما روي عن نبي الإسلام (ص) أنه أكّد في بعض أحاديثه علي ضرورة أن يتلقّي الإنسان العلم سواء كان يريد الدنيا أم الآخرة ، بل إن الإنسان لا مناص له من تلقّي العلم حتي وإن أراد الدنيا والآخرة معاً .
مستمعينا الأكارم !
ويري الباحثون أن حب المطالعة تمتدّ جذوره إلي الطفولة . وقد أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يطالعون يشعرون برضا أكبر من الحياة و لا يبتلون بأزمات مرحلة الشباب إلا في القليل النادر . والشاب يكتشف عوالم مختلفة من خلال مطالعة الكتب المتنوّعة و ترتفع طاقاته الإستيعابيّة إلي درجة بحيث تزداد قدرته علي تحمّل المشاكل . ويوصي المتخصّصون الأشخاص الذين يعانون من القلق والتوتّر بأن يزيدوا من مطالعتهم ، ذلك لأن الدماغ لا يمتلك عند المطالعة وقتاً كبيراً للتعامل مع القضايا الثانويّة .
وفي مرحلة المراهقة ينشغل ذهن الشاب بالأمور الهامشيّة إلي حدّ كبير و تكثر مواجهته للصراعات النفسيّة . ولذلك يري الباحثون أن علي الأسرة أن تعلّم الأولاد منذ طفولتهم كيف يأنسون بالكتاب ويألفونه ويقيمون العلاقة معه كي تقف المطالعة إلي جانبهم عند مواجهتهم للمشاكل .
والمطالعة هي نوع من التمرين للذهن . والأشخاص الذين يتمتّعون بذهن مطمئن وسليم يمتلكون أيضاً أجساماً سليمة . ويؤدّي الذهن الهاديء والمطمئن إلي أن يختار الشاب أسلوباً منطقياً عند مواجهته للمشاكل . فالذهن الهاديء لايبحث عن التوتّر وهو ينظر في الغالب إلي المشاكل باعتبارها قضايا يمكن حلّها . والمطالعة تزيل الانحرافات والأفكار السلبيّة وخاصة بين الشباب . كما أظهرت الدراسات الحديثة أن الأشخاص الذين يمارسون المطالعة يتميّزون بنوم مريح أكثر من الذين لا يطالعون . وبناء علي ذلك فإن من المهم أن توضع تحت تصرّف الشاب مواضيعُ مفيدة وبنّاءة كي لايميل إلي الضلال والفساد . فالكتاب الجيّد يصوّر الحياة الحقيقيّة للأناس الذين بلغوا درجات عالية ومرموقة من رحم المعاناة ، والكتاب الجيّد يمنح الشباب قوّة القلب والجرأة ويزيد من ثقتهم بأنفسهم . ويؤدّي التجوال بين صفحات الكتب إلي أن يعيش الشاب مع الشخصيّات المختلفة و تقلّبات حياتها وأن يتعلّم أسلوب الحياة الصحيح تحت تأثير القصص والملاحظات المعبّرة ، والاقتداء بالشخصيات الكبيرة التي صنعت التاريخ .
والإنسان بحاجة إلي بصيرة ووعي من أجل التمتّع بحياة سعيدة ومايتعلّمه في عهدي الطفولة والمراهقة هو مقدّمة لحياته . وعلي الشباب أن يتعلّموا اليوم طريق الحياة السعيدة في الغد ، و مطالعة الكتب هي بمثابة مصباح منير يضيء الطريق أمامهم .
وقد لايكون بإمكان الآباء والأمّهات أحياناً أن يكونوا مرشدين وموجّهين جيّدين للمراهقين والشباب بسبب انعدام الوعي و إدراكهم الخاطيء للقضايا المحيطة بهم . وبناء علي ذلك ، فقد يقعون في الخطأ فيما يتعلّق بتعليم الشباب الملاحظات الصحيحة والكثير من الحقائق أو لايجدون أبداً فرصة مناسبة لتعليمهم القضايا المتعلّقة بهم . هذا في حين أن مطالعة الكتب الدينيّة تساعد الشاب علي التوصّل إلي فهم صحيح لهذه القضايا و بلوغ النموّ والازدهار قبل فوات الأوان . وبالطبع فإن اختيار الكتب المناسبة وأسلوب المطالعة يتمتّعان بأهميّة بالغة كما أنها بحاجة إلي إرشادات الأشخاص العارفين في هذا المجال .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
نشكر لكم طيب المتابعة ، وإلي الملتقي في الحلقة القادمة عند قضيّة أخري من قضايا الشباب من خلال برنامجكم نبض الحياة ، في أمان الله ....