حضرات المستمعين الكرام سلام عليكم واهلاً بكم في حلقة اخري من برنامج مشاهير الفكر الإيراني.. منار للبشرية.
اعزاءنا، في الحلقة السابقة تحدثنا حول ابداعات الحضارة الإيرانية في العصرين الأشكاني والساساني لا سيما حول مد جسور التواصل الثقافي والتجاري مع سائر الأمم اللذان هما وجهان مشرقان لمدنية خدمت الأنسانية.
علي ان التقدم الحضاري في ايران، مضي في طريقه نحو الأمام خلال العهد الأسلامي وفي وارف ظلال الأسلام التي عاشتها ايران.
نعم كما هو الحال في عصور ما قبل الأسلام استمرت مسيرة التبادل الحضاري في اروقة مختلفة بين ايران والعالم.
ويقول المؤرخون ان المبادلات الثقافية بين ايران ونقاط عديدة في الكرة الأرضية، كانت حتي عدة قرون مضت علي نطاق واسع.
وعلي اي حال ان الموقع الجغرافي المهم لإيران هو الذي مكنها لنقل ابداعات حضارتها السامية الي مختلف الشعوب حيث اضاءات مصابيح الحضارة الإيرانية مناحي الحياة البشرية في وقت كان الظلام الفكري الدامس قد اسدل الستور السوداء علي اوروبا والغرب.
اعزاءنا، لو نظرنا الي خارطة التوزع الحضاري في العالم القديم لرأينا ان موقع ايران كان في مركز هذه الخارطة فحضارة الصين وحضارة الهند كانتا الي الشرق. اما حضارات وادي الرافدين ووادي النيل فكانتا الي الغرب اضافة الي حضارتي الأغريق والرومان.
ومن ايران انشعبت الطرق صوب هذه الحضارات لم تكن طرقاً في الجغرافيا والأرض وحسب بل في التاريخ والحضارة ايضاً.
وبين امتدادات تلك الطرق تألق طريق الحرير. طريق بقي متألقاً الي يومنا هذا حيث التطور العلمي والتكنولوجي الواسعان.
اجل حضرات المستمعين ان وثائق التاريخ تعرفنا بهذه الحقيقة وهي ان طريق الحرير ساحم في نقل النظريات الفكرية والأبتكارات الثقافية والأبداعات الفنية من ايران الي اصقاع الدنيا لأنه لم يكن طريق تجارة فقط بل كان طريق حضارة ايضاً.
ولطالما استضافت محطات طريق الحرير مفكرين ومثقفين شعراء وادباء وعرفاء من ايران حيث اشاعوا ثقافة اصيلة ترتكز علي دعائم قويمة في الفكر والعقيدة وسامي المبادي الأنسانية والأسلامية.
وعلي نطاق الطرق البحرية توجه الإيرانيون ببضائهم مادية ومعنوية فجابوا البحار والمحيطات وثمة نقطة قد تبدو واضحة هنا، لكن لا بد من الأشارة اليها مع هذا وهو ان التبادل التجاري والأقتصادي يكون مقروناً بتبادل ثقافي، حيث ان التجارة والأقتصاد بشكل عام هما ممران واسعان لعبور قوافل المدنية بما تحمله من اشراقات ثقافية واشعاعات فكرية.
ومن بعد توافد اقوام من الصين واقوام ترك، وفدت الي ايران افكار وثقافات عدة. ولم يحمل الصينيون الي ايران الحرير والورق فقط بل حملوا معهم معالم ثقافية والحال نفسه بالنسبة لشبه القارة الهندية حيث قدم منها الشاي مقروناً بسلع ثقافية.
ان الفتوحات الأسلامية في شرق الأرض وغربها هي الأخري كانت من مسالك انتقال الفكر الأصيل ومن المناطق التي حملت اليها بشائر الفكر الفضفاض، مناطق في شرق ايران مثل خراسان وبلاد ماوراء النهر في آسيا.
ومعروف تاريخياً ان المسلمين في عام ۹٦ للهجرة وقبل انقضاء اول قرن هجري فتحوا مدينة [ كاشغر] علي انها بوابة الوفود الي بلاد الصين.
وضروري التأكيدها علي ان فتوحات المسلمين شرقاً وغرباً مهدت للأستفادة الثقافية والفكرية من طريق الحرير.
ان طريق الحرير هو طريق الأرتباط بين الأسلام وسائر الأديان وبقي هذا الطريق مؤثراً في هذا الأرتباط حتي القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين.ومع شروع الهجمات الأستعمارية فيما بعد القرنين المذكورين فقد طريق الحرير التاريخي اثره التجاري- الحضاري وكان ان دخل العالم مرحلة جديدة هي مرحلة الأستعمار الأوروبي.
حضرات المستمعين الأفاضل وصلنا واياكم الي نهاية هذه الحلقة من برنامج/ مشاهير الفكر الإيراني.. منار للبشرية استمعتم اليها من اذاعة طهران صوت الجمهورية الأسلامية في ايران.
الي اللقاء والسلام خير ختام.