السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات ورحمة الله.
أهلاً بكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج، نخصصها لنقل طائفة أخرى من فتاوي كبار علماء المذاهب السنية الكاشفة عن الإجماع الإسلامي على أن زيارة القبر النبوي المبارك وشد الرحال بهدف زيارته هو من أفضل أعمال الخير التي تقرب الى الله عزوجل...
ونستفيد هنا مما جمعه العلامة الأميني – رضوان الله عليه – في كتابه القيم (الغدير) من هذا الفتاوي كما فعلنا في حلقات سابقة من هذا البرنامج.
نبدأ أولا بما قاله العلامة الفقيه السيد نور الدين السمهودي المتوفى سنة 911،في كتاب وفاء الوفاء ج 2 ص 412 بعد ذكر أحاديث الزيارة قال: وأما الإجماع: فأجمع العلماء على استحباب زيارة القبور للرجال كما حكاه النووي بل قال بعض الظاهرية بوجوبها، وقد اختلفوا في النساء، وقد امتاز القبر النبوي الشريف بالأدلة الخاصة به كما سبق،قال السبكي: ولهذا أقول إنه لا فرق في زيارته صلى الله عليه وآله وسلم بين الرجال والنساء. وقال الجمال الريمي في "التقفية": يستثني أي من محل الخلاف قبر النبي صلى الله عليه وسلم ما اقتضاه قولهم في الحج: يستحب لمن حج أن يزور قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد ذكر ذلك بعض المتأخرين وهو الدمنهوري الكبير، وأضاف إليه قبور الأولياء والصالحين والشهداء. ثم بسط القول في أن السفر للزيارة قربة كالزيارة نفسها.
وقال الحافظ أبو العباس القسطلاني المصري المتوفى 923 في " المواهب اللدنية": الفصل الثاني في زيارة قبره الشريف ومسجده المنيف. إعلم أن زيارة قبره الشريف من أعظم القربات وأرجى الطاعات والسبيل إلى أعلى الدرجات، ومن اعتقد غير هذا فقد انخلع من ربقة الاسلام، وخالف الله ورسوله وجماعة العلماء الأعلام، وقد أطلق بعض المالكية وهو أبو عمران الفاسي كما ذكره في " المدخل" عن " تهذيب الطالب" لعبد الحق: أنها واجبة. قال: ولعله أراد وجوب السنن المؤكدة، وقال القاضي عياض: إنها من سنن المسلمين مجمع عليها وفضيلة مرغب فيها.
ثم ذكر جملة من الأحاديث الواردة في زيارته صلى الله عليه وآله وسلم فقال: وقد أجمع المسلمون على استحباب زيارة القبور كما حكاه النووي وأوجبها الظاهرية، فزيارته صلى الله عليه وسلم مطلوبة بالعموم والخصوص كما سبق.
وتابع الفقيه القسطلاني حديثه قائلاً: ولأن زيارة القبور تعظيم لرسول الله وتعظيمه صلى الله عليه وآله وسلم واجب، ولهذا قال بعض العلماء: لا فرق في زيارته صلى الله عليه وآله وسلم بين الرجال والنساء.
قال ابن حبيب من المالكية: ولا تدع في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم والصلاة في مسجده فإن فيه من الرغبة ما لا غنى بك وبأحد عنه، وينبغي لمن نوى الزيارة أن ينوي مع ذلك زيارة مسجده الشريف والصلاة فيه، لأنه أحد المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها وهو أفضلها عند مالك فالسفر إليه قربة لعموم الأدلة، ومن نذر الزيارة وجبت عليه [إلى أن قال]: وللشيخ تقي الدين ابن تيمية هنا كلام شنيع عجيب يتضمن منع شد الرحال للزيارة النبوية وإنه ليس من القرب بل يضد ذلك، ورد عليه الشيخ تقي الدين السبكي في " شفاء السقام" فشفى صدور المؤمنين.
هذه مستمعينا الأفاضل، نماذج لفتاوي صريحة من أعلام علماء مذاهب أهل السنة بأن زيارة القبر النبوي الشريف وقبور الأولياء والشهداء والصالحين من الأعمال التي تقرب الزائر من الله عزوجل وأن تعظيمها تعظيم لأصحابها لكونهم أولياء لله وفي ذلك تعظيم له عزوجل.
كما أن السفر وتحمل المشاق من أجل زيارة المشاهد المشرفة وبذل الأموال في سبيل ذلك هي أيضاً من صالحات الأعمال المقربة من الله جل جلاله.
رزقنا الله وإياكم أعزاء المستمعين زيارة مشاهد أولياء وشفاعتهم في الدنيا والآخرة.
والى هنا ينتهي لقاؤنا بكم في الحلقة الثانية عشر من برنامج ( مزارات الموحدين) إستمعتم لها من إذاعة طهران، تقبل الله أعمالكم وفي أمان الله.