البث المباشر

شرح فقرة: "والغضب والعسر..." (۳)

الأحد 3 أكتوبر 2021 - 14:47 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- ينابيع الرحمة: الحلقة 62 من شرح أدعية النبي (ص)

 

بِسْمِ اللَّهِ والْحَمْدُ لِلَّهِ الذي هدانا للتمسك بعرى نبعي رحمته وثقلي هدايته وحكمته كتابه العزيز وأهل بيت نبيه المبعوث رحمة للعالمين المصطفى الأمين (صلى الله عليه وآله) الطيبين الطاهرين.

سلامٌ من الله عليكم احبتنا المستمعين ورحمة منه وبركات. على بركة الله نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج نتابع فيها الحديث عن سبل معالجة (الغضب) وهو العامل الخامس عشر من العوامل التي تسلب الانسان السعادة والتي هدانا حبيبنا الهادي المختار صلوات ربي عليه وآله الاطهار الى الاستعاذة بالله عزوجل منها، حيث قال في المطقع الختامي من دعاء الحجب الشريف: (اللهم ... أسألك بعزة ذلك الاسم ان تصلي على محمد وآل محمد، وأن تصرف عني وعن أهل حزانتي وجميع الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، جميع الآفات والعاهات، والاعراض والامراض، والخطايا والذنوب، والشك والشرك، والشقاق والنفاق، والضلالة والجهل والمقت، والغضب والعسر، والضيق وفساد الضمير، وحلول النقمة، وشماتة الاعداء وغلبة الرجال، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء لطيف لما تشاء ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم).

أيها الاكارم، إن من اساليب معالجة الغضب والنجاة من أضراره المدمرة للحياة الطيبة هو التفكر في النصوص الشريفة التي حذرت منه وبينت مضاره وأسبابه وعلله وسبل ضبطه وعدم الانسياق له.

وقد فصلت الحديث عن ذلك كثيرٌ من النصوص الشريفة استنرنا بطائفة منها في حلقات سابقة ونتابع الاستنارة بطائفة اخرى في هذا اللقاء، ونبدأ بما روي في كتاب الخصال عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: (كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليعوذ في كل يوم من ست خصال: من الشك والشرك، والحمية والغضب، والبغي والحسد).

وفي ذلك اشارة الى لزوم الاستعانة بالله عزوجل من أهم سبل النجاة من الغضب، ولذلك ينبغي التأسي في ذلك برسول الله وهو (صلى الله عليه وآله) الأسوة الحسنة بمصداقها الأكمل، فلا يغفل المؤمن عن الاستعاذة بالله عزوجل كل يوم من ان يتملكه الغضب، لان ذلك يخرج من صدق التشيع لمحمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، كما يصرح بذلك مولانا الامام الصادق (عليه السلام) في الحديث المروي عنه في كتاب (تحف العقول) أنه قال: (يا شيعة آل محمد (صلى الله عليه وآله)، ليس منا من لم يملك نفسه عند الغضب).

أيها الاحبة، كما إن من وسائل النجاة من الغضب استذكار خطره العظيم في سلب الانسان عقله وبالتالي ايقاعه في موبقات تذهب ببهائه وكرامته، فقد روي في كتاب الخصال عن امامنا الرضا (عليه السلام) انه قال ضمن حديث طويل: (ان العبد اذا غضب لم ير نفسه وجهل قدره من عظم الغضب).

وفي تحف العقول عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: (الغضب ممحقة لقلب الحكيم ومن لم يملك غضبه لم يملك عقله).

وفي كنز الفوائد عن امير المؤمنين علي (عليه السلام) قال: (شدة الغضب تغير المنطق)؛ وقال (عليه السلام) أيضاً: (لا نصب أوجع من الغضب)، يعني ان النصب والتعب الذي يسببه للانسان انسياقه واستسلامه للغضب هو أشد أنواع التعب، لانه تعب للقيام بفعال لا فائدة منها أصلاً تثمر الندامة وتستتبع الوقوع في موبقات تستجلب غضب الله جل جلاله؛ وهذا ما يشير اليه الحديث المروي في كتاب الخصال عن امامنا جعفر الصادق (عليه السلام) قال: (قال الحواريون لعيسى بن مريم: يا معلم الخير، أعلمنا اي الاشياء أشد؟

فقال: أشد الأشياء غضب الله عزوجل.

قالوا: فبم يتقى غضب الله؟

قال: بأن لا تغضبوا.

قالوا: وما بدء الغضب؟

قال: الكبر والتجبر ومحقرة الناس).

وروي في الكافي عن الامام الباقر (عليه السلام) قال: (مكتوب في التوراة فيما ناجى الله عزوجل به موسى (عليه السلام): يا موسى أمسك غضبك عمن ملكتك عليه اكف عنك غضبي).

ونلاحظ فيما نقله الامام الصادق (عليه السلام) من حوار الحواريين مع روح الله عيسى المسيح (عليه السلام) التصريح بان من اهم اسباب وعلل تأجج الغضب هي ثلاثة من الامراض النفسية المدمرة هي: الكبر والتجبر واحتقار الآخرين والتعالي عليهم، وهذه الامراض النفسية هي التي أدت الى تمرد الشيطان اللعين على امر الله عزوجل وبالتالي طرده عن الرحمة الالهية.

وهذا المعنى يفيدنا ان في ضبط الغضب وعدم الاستسلام له خطوة على طريق تطهير النفس وتزكيتها من هذه الامراض الثلاثة التي تذهب بروح الايمان وتحوّل الانسان الى ان يكون من جنود ابليس اللعين.

وفي المقابل فان الاستسلام للغضب والانسياق لما يدعو له من الانتقام يؤدي الى استفحال هذه الامراض المدمرة في قلب الانسان وبالتالي سيطرتها عليه، وإيقاعها له في بحر الجهالات والضلالات.

ولذلك نلاحظ ان مولانا الامام الصادق (عليه السلام) قد عدّ (الغضب) من جنود الجهل والشيطان في مقابل جنود العقل والرحمان كما ورد في الحديث المعروف بحديث جنود العقل والجهل المروي في الكافي وغيره حيث قال ضمن تعداده لجنود العقل: (والرحمة وضدها الغضب)؛ كما نقرأ في كتاب الإمام علي (عليه السلام) لسهل بن حنيف في نهج البلاغة قوله محذراً: (وأحذر الغضب فإنه جندٌ عظيمٌ من جنود ابليس).

مستمعينا الأطائب، في الحلقة المقبلة من برنامجكم (ينابيع الرحمة) نتناول بأذن الله الأحاديث المبينة لسبل معالجة الغضب من خلال التفكر في ثمار وبركات ضبط الغضب، فكونوا معنا فيها مشكورين ولكم دوما خالص الدعوات من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، دمتم في امان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة