البث المباشر

شرح فقرة: "اللهم أسالك بمعاقد العز من عرشك..."

الأحد 3 أكتوبر 2021 - 14:29 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- ينابيع الرحمة: الحلقة 101

 

بسم الله والحمدلله رب العالمين أرحم الراحمين وأكرم الاكرمين والصلاة والسلام على نبيه المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين.

السلام عليكم مستمعينا الاطائب ورحمة الله وبركاته، أطيب تحية نحييكم بها في مطلع حلقة جديدة من هذا البرنامج هي الرابعة من خمس حلقات خصصناها لنظرة اجمالية لدعاء الحجب الشريف نثبت من خلالها اهم النتائج المحورية والفوائد الاساسية التي استفدناها من تاملاتنا في هذا الدعاء المبارك.. فنبدأ في هذه الحلقة بالمقطع الثالث من هذا الدعاء مقتدين بحبيبنا الهادي المختار –صلى الله عليه وآله- وهو يخاطب ربه الجليل قائلاً:

"اللهم ... أسالك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وبكل اسم هو لك سميت به نفسك او استاثرت به في علم الغيب عندك، وبكل اسم هو لك انزلته في كتابك، او اثبته في قلوب الصافين الحافين حول عرشك فتراجعت القلوب الى الصدور عن البيان بأخلاص الوحدانية وتحقيق الفردانية مقرة لك بالعبودية، وانك انت الله، أنت الله ، أنت الله، لا اله الا أنت".

ايها الافاضل، في المقطعين الأول والثاني من هذا الدعاء النبوي لاحظنا أنهما يثيران في قلب الداعي معرفة الله عزوجل بالعظمة المطلقة التي تجعل كل الاسباب منقادة لمشيئته وارادته الامر الذي يجعل الداعي على يقين من استجابة الله لدعائه مهما كان ما يطلبه صعباً في النظرة الاولى، كما أن المقطع الثاني يرسخ المعرفة الفطرية بأن الله هو المنعم المجمل الذي تشمل نعمه توفير جميع احتياجات خلقه، وهذه المعرفة تقوي توجد الداعي اليه طلباً لما يدعوه من اجل تحققه.

أما المقطع الثالث الذي تلوناه قبل قليل فهو يوجد الداعي الى اسماء الله الحسنى التي جعلها عزوجل وسائل الحصول على الفيض والرحمات الخاصة التي نطلبها منه تبارك وتعالى.

وهذه الأسماء جميعاً تعود الى صفتين من أمهات الصفات الالهية هما العزة والرحمة، فبالعزة والرحمة يدبر الله شؤون خلقه الى ما فيهم صلاحهم وكمالهم فهو الذي خلق فسوى وقدر فهدى كما ورد في سورة الاعلى المباركة.

والاسماء الحسنى هي الاسباب التي جعلها الله لتحقيق ذلك، فهي معاقد العز من العرش الالهي الذي يشير الى سلطنة الربوبية الالهية، اي انها اسباب التدبير الالهي لشؤون الخلق وايصالهم الى منتهى وغاية ما هم مستعدون من الرحمة الالهية.

ايها الاخوة والأخوات، وقد عرفنا من النصوص الشريفة التي أشرنا اليها في الحلقات الخاصة بهذا المقطع أن الاسماء الالهية الحسنى على نوعين: اللفظية والتكوينية فالأولى هي الدالة على الله عزوجل والمعرفة له بالمعنى اللفظي مثل اسم الرحيم والحي والقيوم والرؤوف ونظائرها مما ورد ذكره في القرآن الكريم.

اما الثانية فهي الدالة على المسمى اي الله تبارك وتعالى بوجودها التكويني، أي المعرفة برحمتها لرحمة الله وباخلاقها لاخلاق الله، ومصداقها هم النبي الاكرم واهل بيته المعصومين المطهرين –عليه وعليهم السلام- وهم مصاديق الانسان الكامل حسب التعبير الفلسفي وخليفة الله حسب التعبير القرآني، ومعرفتهم –عليهم السلام- هي طريق معرفة الله عزوجل وهم الممثلون لارادته العاملون بها والحافون بعرش الله اي الاسباب التي بها يدير شؤون عباده.

من هنا كان اتباعهم سبب الفوز بحب الله عزوجل لان طاعتهم طاعته وهم معلموا البشر توحيد الله بجميع مراتبه النظرية العقلية والوجدانية القلبية والسلوكية الجوارحية والهداة الى الاخلاص الكامل له عزوجل بنفي كل ما لا يليق بعزته ورحمته تبارك وتعالى.

إذن –مستمعينا الاعزاء- فالمطقع الثالث من دعاء الحجب الشريف يعلمنا في الواقع ان نسأل الله عزوجل قضاء حوائجنا باسمائه الحسني اللفظية والتكوينية معاً لانه جلت حكمته جعلها وسائل تنفيذ ارادته وتدبير شؤون عباده، وهذه هي الحقيقة التي يتمحور حولها المقطع الرابع من هذا الدعاء المبارك من خلال بيان بعض مظاهر تجلي الله عزوجل بتلك الاسماء المقدسة وآثار سؤاله والتوسل اليه بها ففي هذا المقطع يعلمنا نبي الرحمة –صلى الله عليه وآله- أن نخاطب الله عزوجل بهذه الفقرات:

"وأسأل بالاسماء التي تجليت بها للكليم على الجبل العظيم فلما بدا شعاع نور الحجب من بهاء العظمة خرت الجبال متدكدكة لعظمتك وجلالك وهيبتك وخوفاً من سطوتك، راهبة منك، فلا اله الا انت، فلا اله الا انت، فلا اله الا انت، واسالك بالاسم الذي فتقت به رتق عظيم جفون عيون الناظرين، الذي به تدبير حكمتك وشواهد حجج أنبيائك، يعرفونك بفطن القلوب وأنت في غوامض مسرات سريرات الغيوب".

وكما تلاحظون –أحباءنا- فان في هذا المقطع اشارات لطيفة ودقيقة جديرة بالمزيد من التأمل العميق الذي يفضي الى معرفة حقيقة ان التوجه الى الله عزوجل بأسمائه الحسنى وعبر موالاة واتباع أسمائه التكوينية اي اهل بيت العصمة المحمدية –عليهم السلام- يزيح عن الانسان بالكامل ثقل الخضوع لاسر النفس مهما كان جبل عبوديتها عظيماً فتصل الى التوحيد الخالص بجميع مراتبه المذكورة وبالتالي الى الارتباط بالاسم الاعظم وهو أعز الاسماء الالهية وبالارتباط به تستجاب كل الدعوات كما صرحت بذلك الاحاديث الشريفة؛ وتفتح بذلك على الانسان جميع ابواب الخير والعزة والرحمة.

والى هنا نصل ايها الاكارم الى ختام حلقة اليوم من برنامجكم (ينابيع الرحمة) استمعتم له من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، تقبل الله منكم كرم المتابعة ودمتم في رعاية سالمين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة