بسم الله وله الحمد والمجد غياث المستغيثين وعصمة المعتصمين تبارك وتعالى رب العالمين وأزكى صلواته وتحياته وبركاته على ابواب رحمته الكبرى للعالمين محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين ورحمة الله، تحية مباركة نهديها لكم ونحن نحمد الله إذ وفقنا لأن نكون معكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج.
نخصص هذا اللقاء مستمعينا الأفاضل لإكمال التعريف الذي بدأناه في الحلقة السابقة للدعاء الموسوم بدعاء الحجب أو الاحتجاب، وهو من غرر أدعية أهل بيت النبوة (عليهم السلام) مروي عن سيدهم النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وقد ذكر في مقدمته أمثلة لبركات الالتجاء الى الله عزوجل بهذا الدعاء الشريف، نقلنا اثنتين منها في الحلقة السابقة، ونتابع هنا الحديث عن الأمثلة الأخرى، فتابعونا على بركة الله.
قال (صلى الله عليه وآله): (والذي بعثني بالحق نبياً لو دعا {مؤمنٌ} بهذا الدعاء عند مجنون لأفاق من جنونه، وإن دعي بهذا الدعاء عند امرأة قد عسر عليها الولادة لسهل الله ذلك عليها).
في هذا المقطع من كلامه يذكر الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله) مثالين يهدينا بذكرهما الى حقيقة أن الالتجاء بصدق وإخلاص الى الله عزوجل بواسطة التحقق بالمضامين التي يشتمل عليها دعاء الحجب أو الاحتجاب بالله جلت قدرته، هذا الالتجاء يعين المؤمن على دحر العوامل الغيبية غير المشهودة التي تسبب اختلال حياته مثل عمل أشرار الجن وغيرهم التي تسبب المس أو الجنون والاختلال في العمل العقلي كما هو الحال في المثال الأول، أو العوامل الطبيعية المجهولة بالنسبة لنا كما هو الحال في مثال عسر الولادة.
والالتجاء بدعاء الحجب الى الله جلت قدرته في مثل هذه الحالات هو كالالتجاء إليه تبارك وتعالى بتلاوة سورتي المعوذتين التي روي أن جبرئيل الأمين نزل بهما لتعويذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهما وإبطال سحر عمله سحرة اليهود في المدينة لإيذائه، كما روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يعوذ بهاتين السورتين سبطيه الحسن والحسين (عليهما السلام).
ثم ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمثلة أخرى للالتجاء الى الله عزوجل بدعاء الحجب المبارك فقال في مقدمته: (لو دعا بهذا الدعاء رجلٌ وهو في مدينة والمدينة تحترق ومنزله في وسطها لنجا منزله ولم يحترق).
وفي هذا المثال - مستمعينا الأطائب- يهدينا حبيبنا الهادي المختار (صلوات ربي عليه وآله الأطهار) الى أن من موارد الالتجاء الى الله جلت قدرته بدعاء الحجب أو الاحتجاب هو البلايا والمصائب العامة التي تنزل بالمجتمعات فتصيبها بخسائر شاملة، فهذا الدعاء من وسائل النجاة من هذه الابتلاءات واتقاء الفتن العامة المادية كالكوارث الطبيعية وغلاء الأسعار ونظائرها والمعنوية مثل الفتن العقائدية والأخلاقية التي تصيب المجتمعات فتشمل البر والفاجر، وقد اشار اليها القرآن الكريم وأمر باتقائها، فالالتزام بدعاء الحجب من الوسائل التي يهدينا إليها نبي الرحمة للوقاية من نظائر هذه الفتن والابتلاءات.
والى هذا النوع من البلايا يشير قوله تبارك وتعالى في الآيتين ۲٤ و۲٥ من سورة الأنفال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ، وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ".
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيان الموارد الأخرى التي يلجأ فيه المؤمن بدعاء الحجب الى الله عزوجل: (ولو أن رجلاً دعا بهذا الدعاء أربعين ليلة من ليالي الجمع لغفر الله عزوجل له كل ذنب بينه وبين الله تعالى ... والذي بعثني بالحق نبياً ما دعا بهذا الدعاء مغمومٌ إلا صرف الله الكريم عنه غمه في الدنيا والآخرة برحمته، والذي بعثني بالحق نبياً ما دعا بهذا الدعاء أحدٌ عند سلطان جائر قبل أن يدخل عليه وينظره الا جعل الله ذلك السلطان طوعاً له وكفي شره إن شاء الله تعالى).
إذن - مستمعينا الأفاضل-، فهذه ثلاث موارد أخرى يهدينا إليها نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله)، للالتجاء بالله عزوجل بدعاء الحجب وهو يضمن لنا الإجابة مقسماً بربه الجليل الذي بعثه بالحق نبيا.
المورد الأول هو لغفران الذنوب التي بين العبد وربه تعالى، وهذه إشارة الى أن الالتزام أربعين ليلة جمعة بتلاوة دعاء الحجب وسيلة لإصلاح العبد ارتباطه بالله وقد نصت الأحاديث الشريفة على أن من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الخلق وفي ذلك الخير كل الخير.
المورد الثاني هو رفع الغموم سواء كانت أسبابها مادية كالفقر ونظائره أو معنوية كالأمراض القلبية.
والمورد الثالث فهو دفع أذى أصحاب السلطة والقوة وكفاية المؤمن شرورهم وآذاهم.
أيها الأطائب، في الحلقة المقبلة من برنامجكم (ينابيع الرحمة) سنتناول بأذن الله وعونه علة تسمية هذا الدعاء بدعاء الحجب أو دعاء الاحتجاب الى حينها نجدد لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران أطيب التحيات مقرونة بأخلص الدعوات ودمتم في رعاية الله.