-السلام عليكم أيها الأكارم ورحمة الله وبركاته
-أهلاً بكم ومرحباً في حلقة اليوم من هذا البرنامج نتابع فيها إستنطاق الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة للحصول على إجابة سؤال محوري عرضناه في لقاء سابق
-وهذا السؤال هو عن مصاديق توحيد الله عزوجل في الأستعانة كما دعانا لذلك ربنا تبارك وتعالى في الآية الخامسة من سورة الحمد
-إذ ان الواضح أن آية "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" تفيد حصر الإستعانة بالله عزوجل
-وقد عرفنا في اللقاء السابق أن المصداق العام لتوحيد الله في الإستعانة به جل جلاله يتحقق بأمرين هما طاعته وعبادته بالصورة التي أمربها والإستعاذة به تبارك وتعالى من الوساوس الشيطانية بمختلف أشكالها.
-وفي هذا اللقاء نتعرف على المصاديق التفصيلة طبقاً لما ذكرته النصوص الشريفة، كونوا معنا:
-أيها الأخوة والأخوات، الواضح من النصوص الشريفة أن الدعاء هو من أهم وسائل الإستعانة بالله عزوجل وقد تقدمت إشارات لذلك في الحلقة السابقة؛ والمستفاد من النصوص الشريفة أن وسيلة الدعاء تشمل أيضاً الصلاة بأعتباره أوضح مصاديق التوجه الى الله جل جلاله
-قال الله تبارك وتعالى في الآية الخامسة والأربيعن من سورة البقرة: "وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ"
-وقد فسرت الصلاة في الآية الكريمة بمطلق الدعاء وبتضمنها للدعاء كما هو المروي في تفسير العلامة الجليل محمد بن مسعود العياشي عن مولانا الإمام الصادق -عليه السلام-.
-قال: (ما يمنع أحدكم إذا دخل عليه غمٌ من غموم الدنيا أن يتوضأ ثم يدخل مسجده ويركع ركعتين فيدعو الله فيهما؟ أما سمعت الله يقول "وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ".
-وفي تفسير مجمع البيان قال العلامة الطبرسي: كان النبي –صلى الله عليه وآله- إذا أحزنه أمرٌ إستعان بالصلاة والصوم
-وفيه أيضاً عن إمامنا جعفر الصادق –عليه السلام- قال: كان عليٌ –عليه السلام- إذا هاله شيءٌ فزع الى الصلاة ثم تلا هذه الآية "وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ".
-أما الصبر المذكورة في الآية فقد فسرته عدة من الأحاديث الشريفة بالصوم، بأعتباره العبادة التي تقوي إرادة الإنسان وتعزز روح المقاومة والثبات فيه.
-روي في كتاب الكافي عن مولانا الإمام جعفر الصادق –عليه السلام- في قول الله عزوجل "وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ"، قال: يعني بالصبر الصيام.
-وقال –عليه السلام-: إذا نزلت بالرجل النازلة الشديدة فليصم فإن الله عزوجل يقول "وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ" يعني الصيام.
-وروى السيد الجليل شرف الدين الحسيني في كتاب (شرح الآيات الباهرة) عن مولانا الإمام الزكي الحسن العسكري –عليه السلام- حديثاً جامعاً في تفسير الآية فيه بيان لبعض المصاديق الدقيقة لوسائل الفوز بالمعونة والنصرة الإلهية.
-قال –عليه السلام- قال الله عزوجل لسائر الكافرين واليهود والمشركين: "وأستعينوا بالصبر والصلاة"، أي بالصبر عن الحرام، وعلى تأدية الأمانات، وبالصبر عن الرياسات الباطلة، وعلى الإعتراف لمحمدٍ
-صلى الله عليه وآله- بنبوته ولعلي –عليه السلام- بوصيته، وأستعينوا بالصبر على خدمتهما وخدمة من يأمرانكم بخدمته على إستحقاق الرضوان والغفران ودائم نعيم الجنان في جوار الرحمان ومرافقة خيار المؤمنين والتمتع بالنظر الى غرة محمد سيد الأولين والآخرين وعلي سيد الوصيين والسادة، الأخيار المنتجبين فإن ذلك أقر لعيونكم وأتم لسروركم وأكمل لهدايتكم من سائر نعيم الجنان.
وتلاحظون مستمعينا الأفاضل جميل بيان إمامنا الحسن العسكري –عليه السلام- للبركات التي يحصل عليها الموحد إذا إستعان بالله عزوجل عبر وسيلة الصبر بمصاديقها الدقيقة التي يذكرها –عليه السلام-، وهذا البركات هي من أوفى الجزاء الإلهي الجميل.
-أما عن الإستعانة بالصلاة كأحد مصاديق الإستعانة بالله المأمور بها في هذه الآية الكريمة فيبين لنا مولانا الإمام العسكري مصاديقها الرئيسة والكاملة حيث يقول –سلام الله عليه-:
-"وأستعينوا أيضاً بالصلاة على محمد وآله الطيبين على قرب الوصول الى جنات النعيم وأيضاً، إن هذه الفعلة من الصلوات الخمس {الفرائض} ومن الصلاة على محمد وآله الطيبين والإنقياد لأوامرهم والإيمان بسرهم وعلانيتهم وترك معارضتهم بـ (لم، وكيف)، لكبيرة عظيمة إلا على الخاشعين الخائفين عقاب الله في مخالفته في فرائضه".
-إذن يتضح مستمعينا الافاضل أن الدعاء والصلاة والصبر إذا إقترنت بالتمسك بولاية من أمر الله بموالاتهم محمد وآله الطاهرين –عليهم السلام-، كانت من أعظم سبل حصر الإستعانة بالله وتوحيده بها عزوجل.
-وبهذه النتيجة ننهي لقاء اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين)
-إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران
-شكراً لكم وفي أمان الله.