الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين. ومن اعلام الصادقين ورموزهم هو الصحابي الجليل العالم المخضرم والمحدث عن رسول الله وقائد شرطة الامام امير المؤمنين واحد اصحابه الاوفياء المرحوم قيس بن سعد بن عبادة رضوان الله تعالى عليه وللعلم ان معاوية بن ابي سفيان كان يطلق على هذا العالم الجليل والصحابي بأنه يهودي وابن يهودي وسبحان الله لما يدور الكلام عن سب الصحابة ونحن نقول ان اول من سن هذه السنة هو معاوية الذي لعن الامام علي اربعين عاماً ولعن خيرة الصحابة امثال قيس بن سعد وامثال مالك الاشتر الذي قتله وامثال عمار بن ياسر فأذن المسؤول الاول عن من فتح باب سب الصحابة هو معاوية وهذه تهمة انه يهودي وابن يهودي نسمعها حين فلان كاتب وفلان كاتب يتهمون التشيع بأنه يأخذ افكاره من رجل يهودي وهو فلان ابن سبأ وامثال هؤلاء من شخصيات مختلقة لا وجود لها اطلاقاً، اذن واضع الاساس لهذه النغمة هو معاوية ولعلها عقدة من باب رمتني بداءها وانسلت.
على كل قيس بن سعد بن عبادة هذا البطل القائد للحق هو من صحابة النبي الاجلاء وحامل رأية النبي يوم فتح مكة وكانت الراية بيد ابوه سعد بن عبادة لكن اخذها النبي بنفسه من الوالد ودفعها للولد ولعل في هذا سر والسر ربما يعرفه من يقرأ ترجمة سعد بن عبادة وترجمة ابنه قيس ويميز بين الموقفين. قيس بن سعد بن عبادة كان شجاعاً كريماً طويل القامة بهيج المنظر ويعرفوه اصحاب الاصابة وغيرهم وتمييز الصحابة بأنه من دعاة الحق ومن دهاة المحاربين يعني داهية هذا هو قيس بن سعد عنده هذه المقولة يقول لو لا الاسلام يعني مقصوده لو لا التقيد، لو لا الاسلام لمكرت مكراً لا تطيقه العرب، كان يقول لو لا اني سمعت من رسول الله ان المكر والخديعة في النار لكنت من امكر هذه الامة، طبعاً هو تلميذ امير المؤمنين واستاذه وابوه ابو الامة امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه كان يقول: لو لا التقى لكنت ادهى العرب لأن يأتي بعض المتخرصين يكتب من هذه الاراجيف ان علياً كذا وكذا لكن يعوزه الدهاء ومعاوية داهية انا لا اعرف ما المقصود بالدهاء، الامام امير المؤمنين يقول: لو لا التقى هناك مانع يمنعني والا ليس علي قليل الدهاء كذلك قيس بن سعد كان يقول: لو لا اني سمعت من رسول الله المكر والخديعة في النار لكنت من امكر هذه الامة، ابراهيم بن سور الثقفي له كتاب اسمه الغارات يروي ان قيس بن سعد سافر وكان معه جماعة من الصحابة، السفر من الحالات التي تكتشف فيها الشخص، نبله، صدقه، كرمه، شممه وبالعكس، السفر احد الموازين التي تكشف لك حقيقة الانسان، هذا سافر مع مجموعة من الصحابة وكان ينفق بسخاء قال احدهم: من أين لك هذا المال؟
فقال هو للقائل: اني من قوم لا نستطيع البخل يعني هذا الانسان الكريم احياناً مثل ما يقول الاديب:
تعود بسط الكف حتى لو انه
ثناها بروح لم تطعه انامله
ولو لم تكن في كفه غير روحه
لجاد بها فليتق الله سائله
الكريم يبيت احياناً يوم او يومين جائعاً ولا يظهر امام الضيف انه لا يملك شيء ويقدم له من اجود الطعام، يقول نحن من قوم لا نستطيع البخل، كان يدعو قيس بن سعد دائماً: "اللهم ارزقني حمداً ومجداً فأنه لا حمد الا بفعل ولا مجد الا بمال، اللهم وسع علي فأن القليل لا يسعني ولا اسعه" في الواقع ان الحمد لله نعمة من النعم انه الانسان دائماً يحمد الله.
قيس بن سعد بن عبادة له موقف مشرف مع الامام الحسن المجتبى، كأنه بعدما استشهد مولى الموحدين امير المؤمنين سلام الله عليه وتعرض الامام الحسن سلام الله عليه الى تلك المواقف من معاوية احد الذين وقفوا بوفاء مع الامام الحسن هو قيس بن سعد بن عبادة وقد فاتني ان اذكر انه هو احد ولاة الامام امير المؤمنين واحد المعتمدين لديه، ولاه مصراً وكان يخاطب الامام علي، سر الى مصر فقد وليتك فأذا انت قدمتها احسن على المحسن واشتد على المريب وارفق على العامة وذهب قيس الى مصر وطبق هذه التوصيات بحذافيرها وبقي الى ان صارت فتنة الجمل فترك مصر متوجهاً لنصرة الامام امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وكما اسلفت في بداية هذه الحلقة بأن هذا البطل المخضرم كان من اتقى العباد الا على معاوية، معاوية ما كان يرغب ان يرى امثال هذه العناصر الطيبة تبقى وتفعل وتتحرك بحرية لذلك كان يغطيهم معاوية ويهاجمهم بالتهم وبالاهانات واجواء العداء فكانت على ضوء هذا هناك مكاتبات بينه وبين معاوية ومن يقرأ هذه المكاتبات والرسائل، يرويها ابن ابي الحديد في شرحه للنهج، لما يقرأ الانسان رسائل معاوية واجوبة قيس يعرف من خلال هذه الرسائل ماهي شخصية قيس وما هي شخصية معاوية يعني انا الاحظ من خلال قراءة الرسائل ان معاوية كان يعاني احتقان شديد من شخصية قيس بن سعد بن عبادة.
لما عزم الامام امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه على الذهاب الى صفين في البداية استدعى النخبة يعني المتميزون من اصحابه فأعلن الامام امير المؤمنين اريد مئة نفر ممن يثبتون ويبايعونني على الثبات وعلى الوقوف معي في احلك واشد المواجهات فأول من استجاب لهذا النداء من الامام علي هو قيس بن سعد وآخر من وصل ضمن المئة هو عويس بن قرن رضوان الله تعالى عليهم فبما ان اول من استجاب للامام علي الامام وجد فيه المؤهلات فأولاه قيادة مهمة بأحدى جبهات الحرب، كان يردد قيس بن سعد:
انا بن سعد زانه عبادة
والخزرجيون رجال سادة
ليس فراري في الوغى بعادة
ان الفرار للفتى قلادة
يا رب انت لقني الشهادة
القتل خير من عناق غادة
قلت: ان معاوية تأزم من مواقفه وكان يعتبره من العناصر الخطيرة من بين اصحاب امير المؤمنين، في احدى رسائل معاوية اقرأ هذه الجمل لما يجيبه قيس يقول: يا معاوية فأما انت وثن وابن وثن من هذه الاوثان دخلت في الاسلام كرهاً واقمت عليه فرقاً وخرجت منه طوعاً ولم يجعل الله لك به نصيباً لم تتقدم في اسلامك ولم تزل حرباً على الله وعلى رسوله فأنت عدو الله ورسوله والمؤمنين، موجودة هذه الجمل في رسائله قلت في مصادر عديدة.
كان في النهاية عمرو بن العاص ينصح معاوية ان يترك الرسائل والمراسلة مع قيس بن سعد لأن فيها فضيحة له، طبعاً من يريد تفاصيل ان يراجع الغدير لأن قيس بن سعد هو من شعراء الغدير ايضاً، له قصيدة ومن جملتها:
وعلي امامنا وامام لسوانا
اتى به التنزيل
حين قال النبي من كنت مولاه
فهذا مولاه خطب جليل
توفي هذا البطل الاغر عام 60 من الهجرة أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******